الطفلة ميس عبدالهادي.. موهبة الشعر تكسر حصار غزة
الطفلة الفلسطينية ميس عبدالهادي نشأت في أسرة تهتم بالإنشاد بحنجرتها القوية ولباسها الفلسطيني والكوفية لفتت انتباه الجميع.
كسرت الطفلة الفلسطينية ميس عبدالهادي حصار قطاع غزة بموهبتها وحنجرتها القوية، ووصلت أول مهرجان دولي للشعر العربي في تونس، لتصدح فيه باسم فلسطين.
ميس ابنة التسع سنوات، بعثت رسالتها لكل سامع؛ أن أطفالاً بعمرها خلف أسوار العزلة تمسهم المواهب، ولكنهم يحتاجون لأجنحة أقوى من حصارهم، وبرعت بصوتها الجبلي في إلقاء الأشعار العربية.
والدة ميس رأت موهبة ابنتها فعملت على تطويرها وتغذيتها، لتضع قدمها على أول الطريق، وتكون أول طفلة فلسطينية تشارك في مهرجان دولي للشعر العربي في تونس، ولم تكمل سنواتها العشر بعد، من بلد محاصر بأزماته وإلى طائر يحلّق فوق مسرح الشعر بتوزر التونسي، لكي تحكي قصة أطفال غزة الذين يعانون من الإهمال ولكنهم يعيشون تحديات الحياة بكل إرادة وإبداع.
حلم فراشة
تقول الطفلة ميس عبدالهادي لـ(العين الإخبارية): "ألقيت أول قصيدة وأنا في رياض الأطفال، وكانت المفاجأة بأن أحمل على أكتاف الكبار، ويصفق لي بحماسة شديدة، ووالدتي أمامي عيناها تبرقان دمع الفرح، فأخذت بيدي وعلمتني ماذا يعني أن أواجه الجمهور، وأن أكون متميزة، وسمعت لنصائحها، مدركة أنها ستقودني إلى محطة أخرى في حياتي خارج رياض الأطفال، وبدأت مثلها أتعلم الشعر والإلقاء، وكيف أكون واثقة بنفسي رغم طفولتي وشغفي باللعب".
الإنشاد أول البدايات
نشأت ميس في بيئة أسرية تهتم بالإنشاد، ولأنها الصغرى بين أفراد الأسرة، كان دلالها يغلب، وحنجرتها القوية لفتت انتباه الجميع. تقول: "كانوا يشجعونني في البيت على الإنشاد، ويضعونني فوق طاولة الطعام لصغر سني، ويتحلقون من حولي ويصفقون، وأنا ألقي الأناشيد التي كنت أسمعهم يرددونها، ودخلت في منافسة غير مقصودة مع إخوتي، خصوصاً أخي وسيم، الذي يكبرني سناً، حتى اعترف أنني سأكون يوماً ما أريد".
وتضيف: "أمي كانت ولا تزال تدعمني بكل قوة، وتجتهد بتطويري، وتحفيظي الأشعار، والتبليغ عني لأهل العلم والأدب والثقافة، وتشق لي الطريق بكل هدوء وإصرار، لذلك نجحت في سفري إلى تونس، لكي أمثل فلسطين بالشعر هناك، وأقف أمام الأدباء والشعراء وأهل الفن والثقافة، بلباسي الفلسطيني والكوفية، وحنجرتي تصدح بالأماني قبل الأغاني".
الإرادة مشوار التحدي
عن أول مؤتمر شاركت فيه بغزة تقول ميس عبدالهادي: "وجهت لي دعوة لكي أشارك في أول مؤتمر علمي يختص بأدب المقاومة في غزة، بعد أن نشرت مجموعة من الفيديوهات وأنا ألقي الشعر على موقع اليوتيوب، وكان مؤتمراً كبيراً ويحضره قادة وسياسيون وأدباء، ومواجهتهم لم تكن سهلة، ولكنني تدربت كثيراً بفضل والدتي على هذه اللحظة، وألقيت قصيدة حماسية لشاعر أردني، فكان القبول قد زاد على التصفيق والإطراء اللفظي، فأخذت إلى ترحاب لم أتوقعه، ومن تلك المشاهد تولدت داخلي إرادة الاستمرار، وخوض المشوار إلى نهايته، ومن أيامها أصبحت أعُرف بعدة ألقاب، منها الطفلة الثائرة".
كسر الحصار
تفاعل الجمهور المحلي مع الطفلة المبدعة ميس عبدالهادي أقنع مؤسسة الرئاسة الفلسطينية بموهبتها، فدعمتها لتشارك في المهرجان الدولي للشعر بتوزو التونسي، وما أسرع أن تحزم حقائبها مع والدتها لتطير خارج الحصار، وتولد من جديد في بلد عربي، فتح لها أبواب التعارف على كبار الأدباء والمثقفين.
تقول ميس: "لم أصدق بداية أنني سأسافر إلى تونس، سألت والدتي عن بعض التفاصيل فأحضرت لي خارطة الوطن العربي، ووضعت دائرة صغيرة حول اسم تونس، فعرفت أنني سأسافر بعيداً، فرح قلبي وتجهزت بأجمل القصائد، وفي تونس وفقني ربي فلفت الأنظار، وتخطفتني وسائل الإعلام، وتسلمت العديد من شهادات التقدير ودروع التكريم، شعرت وقتها أنني أسبق سني بكثير، وما حدث لي لم يحدث لشعراء كبار حفروا أعمارهم بقوة ولكنهم لم ينالوا هذا التكريم، لهذا سأشكر مؤسسة الرئاسة الفلسطينية والرئيس محمود عباس الذي أمر برعايتي ودعمي، ولم يتأخر مستشار الرئيس، السيد مأمون سويدان بمساعدتي وتذليل العقبات أمامي وتأمين سفري مع والدتي إلى تونس ومتابعة أموري لحظة بلحظة، لهذا أقول إن فلسطين عشق في نفس كل فلسطيني وعربي مخلص، وفوزي بالمرتبة الثانية على الشعراء الأطفال في مهرجان توزر أعطاني دفعة قوية أخرى، لكي أبقى بحالة صعود".
الأم مدرسة
تقول السيدة كاميليا محمد والدة الطفلة ميس عبدالهادي: "كنت متأكدة من أن ميس ستنجح في مشوارها إلى تونس، ومع كل وقفة لها أمام الجمهور كنت على يقين أنها ستنال إعجابهم؛ لأنني اكتشفت موهبتها مبكراً واشتغلت جيداً من أجل تثبيتها وتطويرها، وعلى الرغم من قسوة الظروف التي نعيشها في قطاع غزة، فإن هذا زادني إصراراً على بعث روح الأمل في نفس ميس وإخوتها، وتدريبهم جيداً على العطاء، والتعلم والتميز، والمشوار ما زال في بدايته".
رياح الإبداع قوة المبدع
تعبِّر ميس عن سعادتها لأنها نجحت بالتوفيق بين دراستها وموهبتها، ولكنها تعترف أنها لن تستطيع تلبية جميع الدعوات التي تصلها للمشاركة في المهرجانات والفعاليات، إلا أنها تصر على مشاركتها في المهرجان الدولي للشعر بتوزر القادم، ومهرجان القلم الحر في مصر، وتتمنى أن تزور كل دول الوطن العربي ليسمعها عشاق الكلمة وتنقل عن أطفال فلسطين رسائلهم إلى العالم.
aXA6IDE4LjE5MS4yMDIuNDgg جزيرة ام اند امز