الفلاحات في فلسطين.. كفاح لانتزاع لقمة العيش
6425 سيدة فلسطينية يعملن في مجال الزراعة "فلاحات"، وفق تقرير عن واقع الفلاحات في قطاع غزة، أصدره مركز الميزان لحقوق الإنسان.. طالع التفاصيل.
ما بين العمل في زراعة الأرض، وتحمل مسؤوليات البيت، توزع الفلسطينية ابتهاج النجار أوقاتها، لتعول أسرتها في رحلة كفاح لمواصلة الحياة رغم الصعوبات المتكررة.
وبعد أن كانت لسنوات تقوم بهذا الدور كمساعدة، باتت ابتهاج تتحمل المسؤولية الكاملة عن العمل بعدما أصبحت المعيل لأسرتها بعد مرض زوجها وعدم قدرته على العمل.
30 عامًا من العمل
وتفخر ابتهاج (47 عاما) بعملها منذ 30 عامًا في مجال الزراعة ورعاية الأرض حتى تقطف خيراتها لتوفير متطلبات الحياة لأسرتها.
تجول ابتهاج في حقل الخضروات جنوب قطاع غزة، وهي تروي لـ"العين الإخبارية" حكاية الكفاح التي خاضتها ومن خلال عملها في الأرض استطاعت تأمين احتياجات أسرتها وتعليم 4 من أبنائها في الجامعات في حين تستعد لتعليم الخامس الذي يدرس حاليا في الصف الـ11.
وقالت: "العمل في الزراعة يدر دخلا جيدا ويوفر قوت الأسرة ويقينا الفقر".
الزراعة تحتاج جهدا جسميا وبدنيا كبيرا خصوصا عند حراثة الأرض، وهو ما يلقي المزيد من الأعباء والضغط على ابتهاج، وتقول: "تجهدني الحراثة ويضاف لها العمل تحت شمس الصيف اللاهب، لكن هي مصدر رزقي الوحيد وعلينا مواجهة كل الصعوبات وألا نستسلم للظروف حتى القاهرة منها.
تحولات واجهاتها ابتهاج في نظرة المجتمع، ففي بدايات عملها كانت نظرات المجتمع ساخرة، أما الآن فعملها محل احترام كبير خصوصا بعدما نجحت في تعليم أبنائها.
وتشير إلى أن الأوضاع الاقتصادية والحصار تؤثر عليها، وتقول: "نتعرض للخسارة في بعض المواسم، وعند التعرض لخسارة في أي موسم نضطر لمضاعفة العمل في الموسم اللاحق لتعويض جزء من الخسائر".
وتعد ابتهاج نموذجا لـ6,425 سيدة فلسطينية، يعملن في مجال الزراعة "فلاحات"، وفق تقرير عن واقع الفلاحات في قطاع غزة، أصدره مركز الميزان لحقوق الإنسان.
مي تواجه التحديات
مي قديح (33 عاما) تعمل هي الأخرى في الزراعة منذ طفولتها مع جدها ووالدها، تقول لـ"العين الإخبارية": "كنت أعمل في حصاد القمح في أراضٍ يستأجرها جدي، ثم بعد ذلك بدأت أعمل مع مزارعين في حصاد البازلاء قبل أن أشارك قبل 3 سنوات في ندوة حول طرق الزراعة وإدارة الأعمال الخاصة وعندها كانت لحظة الانطلاق لإدارة العملية الزراعية بالكامل مني.
استأجرت مي 10 دونمات وزرعتها أنواعا عدة من الخضراوات كالبطاطا والبازلاء والسبانخ والكوسا والفلفل والملوخية إضافة للقمح، وتوجهت بنفسها لبيع الخضراوات في سوق الجملة.
وقالت: "واجهنا مشكلات كثيرة منها ملوحة المياه واضطررنا لشراء مياه محلاة ما فرض علينا تكلفة إضافية في الإنتاج، وارتفاع درجات الحرارة في الصيف كان تحديا ثانيا، والاحتلال تحدٍ ثالث فكثيرا ما كان يلقي قنابله علينا ما يؤدي إلى الإضرار بالأرض من ناحية وتهديد حياتنا من ناحية أخرى".
وتقع أرض مي في منطقة محاذية للسياج الحدودي مع إسرائيل، شرق خانيونس، وهي منطقة تتعرض لإطلاق نار وتوغلات إسرائيلية متكررة.
ولم تسلم مي من المحبطات والانتقادات في بدايات العمل، لكنها صممت على العمل إلى أن تحولت الانتقادات إلى تشجيع وإطراء.
من جدها ووالدها تعلمت الزراعة البعلية (القائمة على مياه الأمطار فقط)، لكنها تعلمت الزراعة الموسمية وطرقها الحديثة، عبر دورات متخصصة.
وقالت: "من الزراعة أعيل أسرتي المكونة من والدي و8 إخوة صغار أنا أكبرهم لذلك عليّ عبء الإعالة".
وأكدت أنها تقوم بالعملية الزراعية كاملة بمساعدة من بعض الفتيات بداية من تقليب الأرض بالمحراث ثم تعريض التربة للشمس ثم تخطيط الأرض بمحراث يدوي ثم مد شبكة الري فزراعة الأرض ومتابعتها يوميا لمعالجة أي أمراض تصيب المزروعات ثم قطف الخضروات وفي النهاية تسويقها.
شهيدة وخسائر
وتواجه الفلاحات صعوبة كبيرة في الوصول لأراضيهن الكائنة في المناطق الحدودية مقيدة الوصول شرق وشمال القطاع، بشكل دائم وحُر؛ نتيجةً لعمليات إطلاق النار والتوغل المستمر في المناطق الزراعية المحاذية للسياج الفاصل؛ بحسب تقرير مركز الميزان الذي حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه.
ووفق التقرير؛ أسفرت عمليات إطلاق النار والقصف الإسرائيلي عن مقتل سيدة واحدة بينما كانت تقوم بأعمال الزراعة في حقلها، وأصيبت 3 أخريات.
وتكبدت 29 فلاحّة خسائر؛ نتيجة تضرر أراضيهن الزراعية، والتي تبلغ مساحتها حوالي 109650 مترا مربعا، نتيجة عملية التجريف الإسرائيلي الممنهج للمناطق مقيدة الوصول، كما تكبّدت 29 فلاحّة خسائر نتيجةً عمليات الرش الجوي بالمبيدات الكيميائية بواسطة الطائرات الإسرائيلية.
وسجلت 338 حالة عرقلة ومنع وصول بسبب عمليات التوغل التي تنفذها آليات الاحتلال في المناطق الحدودية، وذلك منذ بداية عام 2015 حتى أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.