بتعنت إسرائيلي.. المحاضرون الأجانب في فلسطين يواجهون "الطرد"
وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية قالت إن نحو نصف المحاضرين والموظفين الأجانب في ثماني جامعات عانوا بسبب إجراءات الاحتلال.
لم تكن تنتظر الأستاذة بجامعة بيرزيت في الضفة الغربية، رنا بركات، أن تعيش في معضلة وهي تستقبل خبرا انتظرته كثيرا بفوزها بزمالة برنامج "أركابيتا" للأساتذة الزائرين في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة الأمريكية.
المعضلة تكمن في كون نجاحها بالحصول على الزمالة يشكل اعترافًا لا لبس فيه بأبحاثها المتميزة، لكن من ناحية أخرى فإنها خشيت من ألا تسمح لها السلطات الإسرائيلية بالعودة إلى الضفة الغربية بعد أن انضمت إلى دائرة التاريخ والآثار في جامعة بيرزيت في العام 2007.
وقالت بركات لـ"العين الإخبارية": "أخشى من أنه لن يُسمح لي بالعودة إلى جامعة بيرزيت إذا ما غادرت قبل أن أحصل على تمديد تأشيرة إقامتي الحالية".
ومبعث قلق بركات (التي تملك الجنسية الأمريكية) هو أنها حاولت دون جدوى وعلى مدى 18 شهرًا تمديد تأشيرتها الممنوحة لها، كحاملة لجوز سفر أجنبي، للبقاء في الضفة الغربية.
وتمنح السلطات الإسرائيلية في المعابر الدولية المؤدية إلى الأراضي الفلسطينية تأشيرات دخول للزوار، بمن فيهم الفلسطينيون حملة جوازات السفر الأجنبية، ولكنها عادة ما تكون محددة بفترة زمنية ولا تمدد إلا بقرار إسرائيلي.
بعد تردد غادرت بركات في شهر يناير/ كانون الثاني 2019، الأراضي الفلسطينية للاستفادة من هذه الزمالة، بيْد أنها لم تحصل على تأشيرة دخول بعد على الرغم من المساعي المتواصلة التي يبذلها محاموها على هذا الصعيد.
وقالت: "لقد غادرتُ ويتملكني خوف لا يفوقه غير تشبُّثي بالأمل في أن أتمكّن من العودة، وهو أمل يعززه ملف ينضح بأوراق توثّق دعوى الاستئناف التي ما زالت جارية بشأن تأشيرتي".
ورنا بركات حاصلة على درجة الدكتوراه في التاريخ من جامعة شيكاغو، ودرجة الماجستير في دراسات الشرق الأوسط من جامعة شيكاغو، ودرجة البكالوريوس في الأدب الإنجليزي والتاريخ من جامعة نورث ويسترن.
لكن قصتها ليست معزولة عن حالات عديدة مشابهة، فقد قالت جامعة بيرزيت ومركز عدالة ومؤسسة الحق ، اليوم، إن "سلطات الاحتلال الإسرائيلي ترفض إصدار تصاريح عمل للأكاديميين الأجانب الذين يعملون في الجامعات الفلسطينية في الضفة الغربية المحتلة".
وأوضحت أن "إسرائيل تصعد في سياستها القاسية في منح التأشيرات، مما يجبرهم على الانقطاع عن طلبتهم ومغادرة البلاد".
وأضافت: "تترك الأنظمة الإسرائيلية التي تتسم بضبابيّتها وتعسُّفها المحاضِرين الأجانب وأُسَرهم في حالة دائمة من انعدام اليقين وتجعلهم عُرضة للإبعاد في أي وقت من الأوقات".
رئيس جامعة بيرزيت، عبداللطيف أبو حجلة قال "إن حرماننا من حقنا في توظيف الأكاديميين الأجانب يشكّل جانبًا من المساعي التي لا يفتأ الاحتلال الإسرائيلي يبذلها في سبيل تهميش مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية. وليس التصعيد الأخير الذي يشهد فرض القيود على التأشيرات سوى جانب من سياسة إسرائيلية ثابتة وممنهجة تستهدف تقويض استقلال مؤسسات التعليم العالي الفلسطينية وقدرتها على البقاء".
وفي ذات السياق، أبلغ معهد "إدوارد سعيد" الوطني للموسيقى، التابع لمجلس أمناء جامعة بيرزيت، عن زيادة بنسبة 200 % في حالات رفض التأشيرة على مدار العامين الماضيين.
ففي العام الدراسي 2017-2018، تم رفض تمديد التأشيرات أو الدخول على الحدود لأربعة من أعضاء هيئة التدريس الدوليين من ضمن 20 عضواً، وفي 2018-2019، تم رفض ثمانية من أعضاء هيئة التدريس الدولية من ضمن 19 عضواً بعدم تمديد التأشيرة أو الدخول.
وقال تقرير جامعة بيرزيت ومركز عدالة ومؤسسة الحق : "في الفترة الواقعة بين العامين 2017 و2019، أُجبِر أربعة محاضرين أجانب ممّن كانوا يعملون بدوام كامل في جامعة بيرزيت وثلاثة ممّن كانوا يعملون بدوام جزئي على مغادرة البلاد، ولم يعد في وُسعهم مواصلة عملهم في التدريس فيها لأن سلطات الاحتلال الإسرائيلية رفضت تجديد تأشيراتهم".
وأضاف:" وفي العام 2019، منعت إسرائيل أكاديمييْن أجنبييْن كانا يرتبطان بعقديْ عمل مع جامعة بيرزيت من دخول البلاد. ولم يجرِ إصدار تأشيرات لأي عضو من أعضاء هيئة التدريس الأجانب، باستثناء العاملين بشكل مباشر في البرامج التي ترعاها حكومات أجنبية، طيلة فترة عقودهم مع الجامعة خلال العام الأكاديمي 2018-2019".
وأشار إلى أنه "لا يزال ستة محاضرين أجانب يعملون بدوام كامل وجرى التعاقد معهم للتدريس خلال العام الأكاديمي 2018-2019 دون تأشيرات سارية المفعول، وخمسة آخرون - بمن فيهم رئيسة دائرة - موجودون خارج البلاد دون أي مؤشرات واضحة على ما إذا كانوا سيتمكّنون من العودة والحصول على التأشيرات التي يُشترط حصولهم عليها للإقامة في البلاد خلال العام الأكاديمي المقبل.
وكانت وزارة التربية والتعليم العالي الفلسطينية قالت في شهر شباط/ فبراير 2018 ،إن ما يربو على نصف المحاضرين والموظفين الأجانب (32 من أصل 64 محاضِرًا وموظفًا) في ثماني جامعات عانوا ضررًا جسيمًا خلال العامين المنصرمين بسبب رفض إسرائيل للطلبات التي قدّموها للحصول على تأشيرات جديدة أو تمديد تأشيراتهم، أو بسبب رفض السماح لهم بدخول الضفة الغربية.
وأضافت أن "عددا ليس بالقليل من هؤلاء الأكاديميين فلسطينيون يحملون جوازات سفر أجنبية ومواطنون من رعايا دول مختلفة، بما فيها هولندا وفرنسا وألمانيا والهند والأردن، كما ينحدر معظمهم من الولايات المتحدة والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي".