السلام المتعثر.. تشبُّث أمريكي بالوساطة وتمسّك فلسطيني بالتوسيع
يأمل الفلسطينيون بأن تتشكل آلية دولية لرعاية عملية السلام تنهي الدور الأمريكي المتفرد.
يأمل الفلسطينيون بإنهاء احتكار الولايات المتحدة لرعاية عملية السلام مع الإسرائيليين، غير أن مسؤولاً كبيراً في البيت الأبيض اعتبر أن لا بديل عن الدور الأمريكي.
وعلى مدى نحو 25 عاما احتكرت الولايات المتحدة رعاية عملية السلام، ويرى الفلسطينيون أن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل قد قصم ظهر البعير في هذه الرعاية.
ويطالب الفلسطينيون بأن تتشكل آلية دولية لرعاية عملية السلام تنهي الدور الأمريكي المتفرد.
وقال أحمد مجدلاني، عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، لبوابة العين الإخباربة إن "المطلب الرئيسي الآن هو الدعوة إلى مؤتمر دولي للسلام بمشاركة كل الأطراف الدولية ذات العلاقة وعلى قدم المساواة".
وأضاف "على أن تنجم عن هذا المؤتمر آلية دولية بمشاركة الدول الأعضاء دائمة العضوية في مجلس الأمن وأي أطراف دولية أخرى لرعاية عملية السلام".
والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن هي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والصين وروسيا.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس، قد بحث توسيع الآلية الدولية لرعاية السلام مع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي في بروكسل، قبل أيام، على أن يبحث الأمر ذاته مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين في موسكو، يوم الثاني عشر من فبراير/شباط المقبل.
لكن الولايات المتحدة الأمريكية التي أقرت بمقاطعة القيادة الفلسطينية لها منذ قرار القدس، اعتبرت أن لا بديل لها في رعاية عملية السلام.
وصرح مسؤول كبير في البيت الأبيض خلال لقاء مع صحفيين في القدس، بينهم مراسل بوابة العين الإخبارية "ليس هناك بلد أوروبي أو بلد آخر تحدثنا إليه منذ إعلان السادس من ديسمبر (الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل)، يعتقد بأي شكل من الأشكال، أنه يمكن أن يحل مكان الولايات المتحدة في قيادتها للعملية، إنهم جميعا يريدون العمل مع واشنطن، على الرغم من رد الفعل الفلسطيني".
وتابع: "لا أعتقد أن أحدا يفكر بأن الولايات المتحدة يمكن استبدالها في هذه العملية، وبصراحة لا أعتقد أن الفلسطينيين أنفسهم يؤمنون بأنه يمكن استبدالنا في هذه العملية".
وأقرّ المسؤول الأمريكي الكبير، الذي فضل عدم ذكر اسمه، بأن" آخر مرة قام فيها جيسون غرينبلات أو جاريد كوشنر بالتحدث إلى القيادة الفلسطينية كان قبل إعلان الرئيس ترامب في السادس من ديسمبر الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل".
غير أنه أبدى استعداد بلاده للحديث مع الفلسطينيين في أي وقت يريدون، وقال"نحن هنا، مكرسون ومستعدون للمشاركة متى كانوا هم جاهزين".
ولكن مجدلاني أوضح في هذا السياق بالقول: "لا نبحث عن دور بديل للولايات المتحدة بأي بلد آخر، وإنما نتحدث عن رعاية دولية مشتركة بمشاركة واشنطن، اعتراضنا على الاحتكار الأمريكي لرعاية عملية السلام بسبب سياستها المنحازة لإسرائيل".
ومضى مجدلاني بالقول: "الولايات المتحدة بانحيازها لإسرائيل خلال السنوات الماضية هي التي أوصلت عملية السلام إلى هذا المأزق ، كما أنها بتطابقها مع الاحتلال وتحولها إلى شريك لإسرائيل من خلال قرار القدس؛ فإنها فقدت أهليتها أن تكون راعياً وحيداً لعملية السلام".
وبانتظار الموقف النهائي من روسيا والصين بشأن المطالبة الفلسطينية بتوسيع دائرة الرعاية الدولية لعملية السلام، بدا الاتحاد الأوروبي موافقا عليها.
وقالت مسؤولة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني في مؤتمر صحفي مع الرئيس الفلسطيني في بروكسل يوم الإثنين" سنواصل العمل مع شركائنا في اللجنة الرباعية، وهي الولايات المتحدة والأمم المتحدة وروسيا، وتوسيع ذلك ليشمل بعض الدول العربية وربما النرويج".
وأعربت موغريني عن اعتقادها أن "الرئيس الفلسطيني يوافق على هذه الفكرة بحيث لا تكون الولايات المتحدة الراعي الوحيد لعملية السلام، ولكن إطارا متعددا يكون للاتحاد الأوروبي فيه دور مركزي مع آخرين بما في ذلك شركاؤنا في اللجنة الرباعية".
وفي دعم واضح للموقف الفلسطيني أضافت المسؤولة الأوروبية" أريد أن أطمئن الرئيس عباس والوفد المرافق له بالتزام الاتحاد الأوروبي الثابت بحل الدولتين، حيث تكون القدس عاصمة مشتركة للدولتين – دولة إسرائيل ودولة فلسطين. هذا هو موقف الاتحاد المستمر والمبني على أساس اتفاقيات أوسلو والإجماع الدولي المُضَّمَن في عدة قرارات لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وهو أيضاً، كما نحن نؤمن، الطريق الوحيد الواقعي والقابل للحياة لتلبية الطموحات الشرعية للجانبين".
وأردفت "نحن نستمر بتعزيز رؤية حل الدولتين، ونُعارض الأنشطة الاستيطانية التي نعتبرها غير قانونية وفقا للقانون الدولي".
وسيتعيّن على المجتمع الدولي في حال أراد رعاية دولية لعملية السلام تنهي الاحتكار الأمريكي، أن يقنع إسرائيل أيضا.
فقد قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو"أوجه رسالة إلى أبو مازن (الرئيس الفلسطيني): لا بديل عن الدور الأمريكي في قيادة عملية السلام، من ليس مستعداً لبحث السلام مع الأمريكيين لا يريد السلام".
ويجتمع نتنياهو اليوم الخميس مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس السويسري.
وعما إذا كان هناك أي لقاء بين ترامب وعباس، لفت المسؤول الأمريكي إلى أنه "ليس هناك قمة مقررة، لكننا هنا جاهزون ومستعدون وقادرون على الدخول في حوار مع عباس ومع فريقه في أي وقت محدد".
وفيما يتعلق بخطة السلام الأمريكية أوضح بالقول "برأينا، ليس من واجبنا أن نفرض صفقة على أي من الجانبين، واجبنا هو تقديم خطة نعتقد أنها مناسبة ومعقولة وعادلة للكل، ولا سيما بالنسبة للفلسطينيين أن يكون لهم مستقبل أكثر إشراقا وسيعود للطرفين اتخاذ قراراتهم ما إذا كان يمكنهما التوصل إلى تفاهم على صفقة".