قناصة الاحتلال تطفئ نور أعين 21 فلسطينيا في عامين
تقرير حقوقي يرصد 19 فلسطينيا فقدوا عينا واحدة، و2 على الأقل فقدا البصر في كلتا العينين في مظاهرات قرب السياج الحدودي لقطاع غزة
حرمان من نور البصر، حقيقة واجهها 21 فلسطينيا على الأقل بقطاع غزة، بعد تعرضهم لقنص إسرائيلي خلال مشاركتهم في مظاهرات سلمية شرقي قطاع غزة.
- غزة تستعيد هدوءها بعد جهود مصرية أوقفت التصعيد
- إسرائيل تعاقب أهالي غزة جماعيا.. و"الجهاد" توقف عملياتها
هذه الإحصائية نشرها مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان "بتسيلم"، أكدت أن 21 فلسطينيا فقدوا البصر، بسبب قناصة جيش الاحتلال.
ووفق تقرير "بتسيلم"، الذي حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه؛ فإن 19 فلسطينيا فقدوا عينا واحدة، و2 على الأقل فقدا البصر في كلتا العينين خلال العامين الأخيرين عندما كانوا يتظاهرون على مقربة من السياج الحدودي في غزة.
وقال المركز إن "المأساة الشخصية لكل واحد منهم تضاف إلى الحصيلة المُرعبة لضحايا المظاهرات (مسيرات العودة): أكثر من 200 قتيل ونحو 8 آلاف جريح بالذخيرة الحية ونحو 2400 جريح جراء إصابات الأعيرة المعدنية المغلفة بالمطاط ونحو 3000 جريح جراء إصابات قنابل الغاز".
مي.. ذنبها رفع العلم
مي أبو رويضة (20 عاما) من سكان مخيم المغازي للاجئين، إحدى الـ21 المصابين في عيونهم، تروي حكايتها مشيرة إلى أنها أصيبت في 6 ديسمبر/كانون الأول 2019.
وأشارت إلى أنها ذلك اليوم ذهبت مع أختيها الاثنتين إلى "مظاهرات العودة" التي تتم بالقرب من الشريط الحدودي شرق مخيم البريج للاجئين وسط قطاع غزة، وبعد أن أدت الصلاة في الخيام تقدمت مع عدد من صديقاتها مسافة تصل إلى عشرات الأمتار من الشريط الحدودي وكن يرفعن علم فلسطين.
قرابة الساعة 15:30 بالتوقيت المحلي تقدمت أبو رويضة أكثر باتجاه الشريط وعندها أطلق عليها أحد قناصة الاحتلال رصاصة "مطاطية" أصابتها في عينها.
تقول: "أطلق أحد الجنود عيارا مطاطيا نحوي وأصابني بعيني اليسرى. وقعتُ على الأرض ووضعت يدي على عيني التي كانت تنزف بشدة وكذلك كان فمي ينزف".
وأضافت: "كنتُ واثقة بأنني فقدت عيني. صرختُ وحضرت صديقاتي برفقة شاب وقد حملوني وأخذوني إلى مكان يتواجد به المُسعفون الذين قاموا بنقلي إلى سيارة الإسعاف، ومن ثم إلى العيادة الميدانية وهناك قام الأطباء بتنظيف الجرح وإرسالي فورا إلى مستشفى شهداء الأقصى".
ما فعلته مي هي أنها حاولت رفع علم فلسطين ولم تُشكل خطرا على الجنود، وتساءلت: "لماذا يستهدفنا الجيش الإسرائيلي مع أننا حضرنا للتظاهر بهدوء؟".
وبحسب التقرير الحقوقي، فقد "انتقلت بين عدد من المستشفيات وفي النهاية خضعت لعملية جراحية وكانت صدمتها كبيرة عندما علمت بفقد عينها".
وتعلق: "أنا حزينة للغاية. فقدت عيني هباء ودون سبب. لم أشكل خطرا بالمطلق على الجيش الإسرائيلي. أحيانا أشعر أن وجهي مشوه. أنظر في المرآة ولا أحب وجهي. لقد حطّم الجيش حياتي ومستقبلي. لقد حطّموا حياتي كامرأة".
واستطردت: "إنّ ما يهمني الآن هو الخروج من القطاع للحصول على علاج وزراعة عين اصطناعية كي أعود إلى ذاتي وأتخلص من هذه الفجوة في وجهي".
محمد وبكاء والدته
الطفل محمد أبو ريدة (10 سنوات) هو الآخر ضحية لقنص العيون، أصيب يوم الجمعة 27 ديسمبر/كانون الثاني 2019.
يقول: "عندما أصبت بعيني فقدت وعيي وسقطت على الأرض. عندما استيقظت وجدت نفسي في المستشفى الأوروبي. كنت أرى بالعين اليسرى فقط بينما كانت عيني اليمنى مضمدة وكنت أعاني من صداع شديد".
في الأيام الأربعة الأولى في المستشفى كان محمد مصدوما ولم يكن قادرا على مخاطبة أحد. بعد بضعة أيام تراجع الورم من حول عينه لكنه لم يتمكن من الإبصار بها مطلقا.
تقول والدته جيهان أبو ريدة (41 عاما) وهي متزوجة وأم لأربعة أبناء: "قال لي الأطباء في المستشفى الأوروبي إن حالة عين محمد حرجة وإنه قد يفقد البصر. عندما رأيته أغمي عليّ فقد كان وجهه مغطى بالدم وخشيت أن يكون على وشك الموت".
وأضافت: "عندما جاء أصدقاؤه لزيارته بكى ولم يتحدث معهم. ابن عمه إبراهيم وهو في العاشرة من عمره أيضا يأتي لزيارته يوميا. وقد سألني طيلة الوقت: "لماذا يرفض محمد التحدث معي؟ لماذا يصمت طيلة الوقت؟ اشتقت إلى سماع صوته". أوجع الاثنان قلبي وبكيتُ كثيرا أنا أيضا".
وبعد مغادرة محمد المستشفى وعودته إلى البيت صار هادئا للغاية. ويقول طيلة الوقت: "أريد الخروج من البيت واللعب مع أصدقائي. أريد أن ألعب كرة القدم والركوب على الدراجة. أشعر بالاختناق. لقد سئمت ومللت".
استأصلوا عيني
سائد مهاني (28 عاما) شاب فلسطيني آخر أصيب في 27 ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعدما أطلق عليه جندي رصاصة "مطاطية" أصابته في عينه. يقول: "كنتُ قريبا من الشريط".
أطلق عليّ أحد الجنود رصاصة "مطاطية" أصابتني بعيني ووقعت على الأرض. جاء بعض المتظاهرين وقدموا لي المساعدة وأخذوني إلى سيارة إسعاف.. أخبرني الأطباء أن حالتي خطيرة للغاية وأنه لا مناص من استئصال عيني رغم أنني وعائلتي اعترضنا على هذا".
ويؤكد الباحث الحقوقي ياسر عبدالغفور، أن قوات الاحتلال تعمدت خلال قمعها لمظاهرات العودة، على استخدام القوة المفرطة، واستعمال وسائل فتاكة في تفريق المظاهرات السلمية.
وقال عبدالغفور لـ"العين الإخبارية": "المؤسسات الحقوقية وثقت باستمرار تعمد الاحتلال على استخدام ذخيرة حية وكذلك قنص المصابين في الجزء العلوي من الجسم".
وأوضح: "في الكثير من الحالات، كان واضحا أن الاحتلال يستخدم المتظاهرين لتدريب قناصته، حتى وسائل تفريق المظاهرات كالأعيرة المطاطية وقنابل الغاز، استخدمها كوسائل قتل، ووسائل لإيقاع أذى بالغ، من خلال استهداف الأجزاء الحساسة من الجسم، كالرأس والعيون، والقلب".
وشدد على أن ما اقترفه ويقترفه الاحتلال ينتهك المعايير الأخلاقية وقواعد القانون الدولي ولا يبالي بما يوقعه من أذى بالغ بالمتظاهرين، مستفيدا من مناخ الحصانة الذي توفره له الإدارة الأمريكية وكذلك الصمت من المجتمع الدولي.