رجل دين محافظ في العقد السابع من عمره، تربطه علاقة قوية بالمرشد الأعلى، الذي دعمه ليصبح البديل الأنسب للرئيس "روحاني".
إنه إبراهيم رئيسي، الذي مهّد له مجلس صيانة الدستور، ليحتل الصدارة، بعدما تم إزاحة مجموعة من الإصلاحيين من طريقه.
هذا ما أراده المرشد الأعلى والحرس الثوري في إيران، لذا كانت القياسات الانتخابية لا تناسب أحداً للفوز سوى "رئيسي"، ما يطرح سؤالا مهما حول فتح الباب الرئاسي لمثل هذه الشخصية، التي تُعرف بأنها "متشددة إلى حد كبير"، وعلاقة ذلك بالمسار الدبلوماسي الجاري بين أمريكا وإيران بخصوص برنامجها النووي.
تاريخ "رئيسي"، كما تقول الأخبار والتقارير، مليء بالصفحات الداكنة، بحسب منظمات حقوقية دولية، إذ تُفرض عليه عقوبات حتى من الولايات المتحدة الأمريكية، ويقول عنه مناهضوه إنه "يفتقد الكارزما السياسية".
وتُشكّل شخصية "رئيسي" منعطفاً مهماً في توقيتها وطبيعتها، فهو رجل دين قضى جُلَّ حياته في أروقة الحَوزات والقضاء الإيراني، وهي جزء لا يتجزأ من رأس الدولة ومحيط المرشد الأعلى، وبشكل ما هو "خليفة محتمل للمرشد"، إذ يحظى بهذه الفرصة بصورة غالبة، حتى وإنْ دخل في غابات السياسة الإيرانية، التي لا تلد القيادات بقدر ما تئدُهم مع نهاية كل فترة رئاسية.
هناك احتمالية كبرى لئلا يكون هناك أي تأثير للرئيس الإيراني الجديد على مسيرة المفاوضات الإيرانية الأمريكية، وهذا نظرياًّ صحيح، فالملف النووي بيد المرشد وليس بيد رئيس الحكومة، وأمريكا تدرك ذلك، ولكن السؤال المهم يدور حول الاستخدام السياسي، الذي سوف يمارسه المرشد عبر "رئيسي" لتفكيك العقبات، التي قد تفرضها أمريكا على مسار المفاوضات.
بمعنى آخر، دفْع إبراهيم رئيسي ليكون على قمة الحكومة الإيرانية في هذا التوقيت ليس عملية تأتي مصادفة، فكل الجهود التي بُذلت لجعله يفوز في الانتخابات لن تكون بلا ثمن.
القلب الإيراني في هذه المرحلة يتعرَّض للخفقان، وهذا الخفقان سببه الأول شريان المرشد وشريان الحرس الثوري، المليئان بالدهون السياسية، فهما يواجهان كثافة سياسية هائلة للعودة إلى الاتفاق النووي مع دول "الخمسة زائد واحد"، وفي المقابل، يصعب عليهما التنازل عن تلك المكاسب، التي تحققت نووياًّ عقب انسحاب أمريكا من الاتفاق خلال فترة حكم الرئيس "ترامب".
سبب آخر لذلك الخفقان هو مدى قدرة "رئيسي" على التعامل مع جيران إيران، فلا أحد يعلم ما إذا كان هناك عودة للتصعيد مع دول المنطقة، أم أن هناك مساراً جديداً من التفاهم وتبريد الأمور، في الوقت الذي تحصل فيه إيران على اتفاق نووي مباشر من أمريكا.
مع الرئيس الإيراني الجديد هناك كثير من السيناريوهات، معظمها يمكن أن يكون معروفاً ومفهوماً، عطفاً على تاريخ ثماني حكومات إيرانية منذ 1979م، ومع ذلك لا يمكن استبعاد فرضية أن يلجأ الرئيس الجديد إلى البحث عن موقع مختلف لإيران في منطقتها، عبر بناء علاقات جوار مناسبة مع محيطها، ولن يحدث ذلك قبل أن تتفهم إيران تلك الأزمات، التي تُنسب إليها في المنطقة، وتقوم على معالجتها ووضعها في مسار مناقشات سياسية جادة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة