تدليل الأجداد للأحفاد يعزز تطورهم وذكاءهم
الكثير من الآباء يقعون في عدة أخطاء خلال تربية الأطفال؛ أبرزها المعاملة الجافة والانتقاد المستمر للطفل.. تعرف على أكثرها شيوعاً.
يرى بعض الآباء والأمهات أن طريقة تعامل الأجداد مع الأحفاد وما بها من تدليل، تؤدي إلى إفساد أطفالهم وتنشئتهم بطريقة خاطئة، ولكن دراسة حديثة تقول غير ذلك.
وتؤكد دراسة أمريكية حديثة نشرتها مجلة "جورنال أوف أبنورمال تشايلد سايكولوجي"، أن أسلوب التربية يؤثر بشكل مباشر على الصحة العقلية للأطفال.
وكشفت الدراسة التي استغرقت 3 سنوات، وشارك فيها 214 طفلا وأمهاتهم، عن أن تناسب طرق التربية مع شخصية كل طفل، يعمل على خفض مخاطر تعرضهم لأعراض الاكتئاب والقلق.
تقول دارسيا نارفايز، خبيرة علم النفس والأستاذة بجامعة نوتردام في ولاية إنديانا الأمريكية، إن طريقة التربية التي كان يتبعها أجدادنا القدماء تعزز التطور الأخلاقي لدى الأطفال.
وتشير إلى وجود علاقة بين الممارسات التربوية التي كانت شائعة في المجتمعات القديمة البدائية، والصحة النفسية المتميزة والتعاطف والذكاء المتزايد لدى الأطفال، لافتة إلى أن من أبرز مميزات طرق التربية لدى أجدادنا القدماء، استمرار الاتصال الإيجابي مع الأطفال من خلال الرضاعة واحتضان الصغار والتدليل، إلى جانب الاستجابة السريعة لشكاوى الأطفال وصراخهم.
وتضيف نارفايز: "سرعة التعاطي مع صراخ الطفل تحول دون تعصب الابن ووصول المواد الكيميائية السامة التي ينتجها الجسم نفسه في المواقف العصيبة إلى دماغه، كما أن الدفء والرعاية الحساسة للأطفال، تتيح لأدمغتهم أن تظل هادئة في السنوات التي يجري خلالها تشكيل شخصيتهم".
من جانبها تقول ليليانا لينجوا، البروفيسورة المعاونة في الدراسة بجامعة واشنطن، إن الدراسة تظهر أن الأطفال الذين تمتعوا بقدرة أكبر على التحكم في عواطفهم وتصرفاتهم كانوا أكثر عرضة للقلق أو الاكتئاب إذا كان لديهم والد مسيطر للغاية، إلا أنهم كانوا يتحسنون على الصعيد النفسي عندما تمنحهم أمهاتهم بعض الشعور بالاستقلال الذاتي.
أخطاء الآباء في تربية الأبناء
يقع كثير من الآباء في عدة أخطاء خلال تربية الأطفال تتمثل في موصلة اتباع الطرق السيئة في المعاملة إلى جانب الانتقاد المستمر للطفل والاختلاف بين الأبوين حول قواعد تقييم سلوكياته.
وفي كتابه "العيش في جو الأسرة: وظيفة الآباء"، يرى برنابيه تيرنو، اختصاصي علم النفس والاجتماع، أن هناك سلسلة من الأخطاء يرتكبها الآباء أثناء عملية التربية تلحق أضرارا كثيرة بتنشئة الأبناء، إلا أن القدرة على رصد الأخطاء وتداركها يزيد من احتمالات تحسن أوضاع الأبناء في المستقبل.
ويؤكد تيرنو أن استمرار ارتكاب هذه الأخطاء من شأنه أن يدفع الأطفال إلى التحول إلى مخلوقات تعيسة، توصف حياتهم بأنها كالجحيم.
يقول: "إن على الوالدين تطبيق سلسلة من الاستراتيجيات التي تسهم في التهيئة الكاملة للأطفال وتعمل على تنمية طاقاتهم وتعزيز احترامهم لذاتهم وامتلاكهم الوازع الأخلاقي إلى جانب تعزيز الشعور بالمسؤولية والانضباط الذاتي وتطوير المهارات الاجتماعية والاستفادة بأوقات الفراغ".
وعن أخطاء التربية التي يقع فيها الآباء، يوضح أن مواصلة الطرق السيئة واستخدام الكلمات القاسية فضلا عن توجيه الإهانات وزعزعة الاستقرار النفسي لدى الأبناء تؤدي إلى التوتر المزمن الذي يتسبب في إصابة الأطفال بالاكتئاب والمشكلات المتعلقة بالسلوك، إلى جانب تدني احترام الذات وانعدام الأمن والخجل.
التعامل بعصبية مدمر لنفسية الصغار
يحذر تيرنو من تعامل الآباء بعصبية مع الأطفال وباقي أفراد الأسرة، لأن هذه الأخطاء سوف تسهم في جعل الأطفال كائنات خاوية محبة لإثارة المشكلات، كما أن للانتقاد اليومي للطفل، والتقييم المستمر لسلوكه ووصفه بأنه غير قادر ولا يطاق أو شرير، له أثر سلبي شديد على نفسيتهم.
ويشدد الخبير النفسي على أن استمرار هذا "الموقف السلبي والصارم" بشكل يومي سوف يدمر عقل الطفل ونظامه العاطفي، وسيساعده على تشكيل صورة كارثية لذاته تجعله يؤمن بأنه غير قادر على القيام بأمور تستحق الثناء، مما يخلق لدى الطفل الإحساس بعدم الكفاءة والعجز عن إيجاد الحلول والشعور بأنه حالة ميؤوس منها، وسيقوم بتكوين شخصية تعمل على تدمير ذاتها، إلى جانب العدوانية تجاه النفس والآخرين، مع شعور بالاكتئاب والقلق والغضب.
ويلفت تيرنو إلى خطورة اختلاف الوالدين في تقدير سلوكيات الطفل من خلال الإدلاء بـ"آراء متباينة حيال الأمور"، ما يؤدي إلى شعور الطفل بعدم معرفة ما ينبغي فعله من عدمه.
ويعد عدم منح الطفل فرصة ليشعر بقيمة ذاته وفخره بنفسه ليعتقد أنه مفيد ولديه حرية التصرف، إلى جانب عدم تقييم أي شيء يفعله، من بين الأخطاء المتكررة في عملية التربية، وتنعكس هذه الأخطاء على شعور الطفل بـ"عدم الأمان وانعدام الكفاءة" ومع استمرار هذه الأخطاء "يشعر الابن باليأس من نفسه ومن كل شيء"، بحسب تيرنو.
الحماية بشكل مفرط
ماريا خيسوس ألابا رييس، اختصاصية في علم النفس، تقول إن ثمة أخطاء أخرى يتوجب على الآباء تجنبها، مثل محاولة القيام بدور "زملاء الأبناء"، والاهتمام بحمايتهم بشكل مفرط.
وترى ألابا رييس، مؤلفة كتاب "لا، أيضا تساعد على النمو" أن الأطفال بحاجة إلى الحب والتفاني وتوفير الوقت والصبر، وعلى هذا النحو "سوف ندعم تطورهم، بإرشادهم إلى الأمور الجوهرية في كل مرحلة بتوجيهات واضحة ودقيقة".