الشارقة في "باريس للكتاب"..نقلة نوعية في العلاقات الثقافية الثنائية
أهدى حاكم الشارقة الرئيس الفرنسي في ختام جولته بجناح الإمارة عددا من إصداراته التاريخية وأعماله الأدبية المترجمة إلى اللغة الفرنسية.
تشارك دولة الإمارات في فعاليات الدورة الـ38 لمعرض باريس الدولي للكتاب - الذي اختيرت إمارة الشارقة لتكون ضيفًا مميزًا له، بجناح كبير لهيئة الشارقة للثقافة، ووفد يضم أكثر من 150 كاتبًا وإعلاميًا وفنانًا ومثقفًا؛ لتعريف زوار وضيوف المعرض بالوجه الحضاري والثقافي لدولة الإمارات.
واستقبل الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في باريس، الرئيس إيمانويل ماكرون رئيس الجمهورية الفرنسية، خلال زيارته جناح الشارقة المشارك في معرض باريس للكتاب.
وتجوّل الشيخ سلطان القاسمي مع الرئيس الفرنسي في جناح إمارة الشارقة، التي حلت ضيفًا مميزًا في الدورة الحالية من المعرض، تقديرًا لإسهاماتها ومبادراتها في دعم الثقافة والمثقفين في الوطن العربي والإسلامي.
وتعرف ماكرون على أبرز المؤسسات والجهات الداعمة للكتاب والكتّاب في دولة الإمارات بشكل عام، وفي إمارة الشارقة على وجه الخصوص، والمشاركة ضمن جناح الإمارة في معرض كتاب باريس.
وأهدى حاكم الشارقة الرئيس الفرنسي في ختام جولته بجناح الإمارة عددًا من إصداراته التاريخية وأعماله الأدبية المترجمة إلى اللغة الفرنسية، والتي تضم "سيرة مدينة 1"، "سيرة مدينة 2"، "صراع القوى والتجارة في الخليج" و"أسطورة القرصنة العربية في الخليج".
وزار الشيخ سلطان القاسمي معرض باريس للكتاب ترافقه قرينته الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي، رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة، وبحضور الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، مؤسس ورئيس جمعية الناشرين الإماراتيين مؤسس ورئيس مؤسسة "كلمات".
وتفقد جناح الشارقة، الذي ضم عددًا من المؤسسات التي تعنى بالكتاب والنشر، وهي: هيئة الشارقة للكتاب ودائرة الثقافة ومعهد الشارقة للتراث ودارة الدكتور سلطان القاسمي ومؤسسة الشارقة للإعلام واتحاد كتاب الإمارات وجمعية الناشرين الإماراتيين والمجلس الإماراتي لكتب اليافعين ومكتبات الشارقة وثقافة بلا حدود ومبادرة 1001 عنوان ومنشورات القاسمي ومجموعة كلمات وجائزة اتصالات لكتاب الطفل.
وخلال اللقاء الذي جمعه بالأدباء والمثقفين، حرص القاسمي على تفقد أحوالهم، فيما ناقش اللقاء عددًا من المواضيع في المجالات الثقافية وسبل تطوير الواقع الثقافي في الوطن العربي.
وكان حاكم الشارقة قد قام بزيارة دار الأوبرا، والتي شهد فيها حفلات توقيعات عدد من الإصدارات لأدباء ومؤلفين إماراتيين.
من جانبه، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن "الثقافة هي حجر الزاوية في العلاقات الاستراتيجية التي تجمع بين الجمهورية الفرنسية ودولة الإمارات، معبرًا عن سعادته لاستثمار البلدين بشكل موسع في المجال الثقافي من خلال دعم مشاريع الترجمة بين اللغتين العربية والفرنسية".
وقال ماكرون إن "العلاقات الاستراتيجية بين دولة الإمارات وفرنسا هي نموذج للعلاقات الناجحة بين الدول"، معربًا عن أمله في أن تأخذ الثقافة مزيدًا من الحيز في كل مشاريع التعاون الكبيرة التي ستجمع البلدين الصديقين.
وأضاف "أنا سعيد جدًا بوجودي في جناح دولة الإمارات، وهي المعروفة باستثمارها في كتب اللغة الفرنسية والترجمة بين اللغتين العربية والفرنسية".
وتابع ماكرون بقوله: "هذه المسألة أعتبرها مهمة جدًا وتجعلني أشعر بالفخر، خاصة أنها تأتي بعد أشهر قليلة على افتتاح متحف اللوفر أبوظبي، وأيضًا بمناسبة أن الشارقة ستكون عاصمة عالمية للكتاب بعد كوناكري وأثينا.. إنه انتقال ثقافي مهم جدًا".
وفي رده على سؤال حول مكانة الثقافة في علاقات التعاون بين فرنسا ودولة الإمارات، قال ماكرون: "مكانة رئيسية جدًا.. أريد فعلًا أن تكون للثقافة مكانها الرئيسي في العلاقات الفرنسية الإماراتية".
جاء ذلك بحضور وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة بدولة الإمارات، نورة بنت محمد الكعبي، ووزيرة الثقافة الفرنسية فرانسويزي نيسين، وسفير الإمارات لدى الجمهورية الفرنسية، عمر سيف غباش، وسفير المملكة العربية السعودية لدى فرنسا، الدكتور خالد العنقري، وعبدالله محمد العويس رئيس دائرة الثقافة وأحمد بن ركاض العامري رئيس هيئة الشارقة للكتاب، والدكتور عبدالعزيز المسلم رئيس معهد الشارقة للكتاب، وعلي إبراهيم المري رئيس دارة الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، ونورة النومان رئيس المكتب التنفيذي للشيخة جواهر بنت محمد القاسمي.
كما حضر عبدالله علي مصبح النعيمي، المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو"، ومحمد حسن خلف مدير عام مؤسسة الشارقة للإعلام، وراشد محمد الكوس المدير التنفيذي لجمعية الناشرين الإماراتيين، وحبيب الصايغ الأمين العام للاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، وعبدالعزيز تريم مستشار الرئيس التنفيذي مدير عام "اتصالات" في المناطق الشمالية، والدكتور علي بن تميم مدير عام "أبوظبي للإعلام" وعدد من المسؤولين ورؤساء التحرير.
وعلى جانب آخر، بحثت نورة بنت محمد الكعبي، وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة في باريس، الجمعة، مع فرانسواز نايسين، وزيرة الثقافة الفرنسية، إمكانية توسيع الشراكة الثقافية التي تجمع دولة الإمارات وفرنسا لتشمل السينما والموسيقى وغيرها من المجالات، إضافة إلى آفاق التعاون الثقافي بين البلدين في أكثر من اتجاه.
جاء ذلك في لقاء عقدته نورة الكعبي مع نظيرتها الفرنسية، على هامش افتتاح جناح الإمارات في معرض باريس الدولي للكتاب.
حضر اللقاء عمر سيف غباش سفير الإمارات لدى الجمهورية الفرنسية وعدد من المسؤولين في وزارة الثقافة وتنمية المعرفة ومن مساعدي الوزيرة الفرنسية.
وشددت نورة الكعبي على متانة العلاقات الفرنسية الإماراتية في جميع المجالات، مؤكدة أهمية دور الثقافة في تعزيز هذه العلاقة تاريخيًا وحاضرًا ومستقبلًا.
واستعرضت الكعبي ونظيرتها الفرنسية المشاركة الإماراتية الكبيرة في معرض باريس الدولي للكتاب في ظل اختيار الشارقة ضيفًا مميزًا، بالتزامن مع اختيارها عاصمة عالمية للثقافة بعد كوناكري وأثينا.
وجددت الكعبي تقدير واعتزاز دولة الإمارات قيادة وشعبًا بمستوى التعاون القائم بين البلدين، خاصة في المجال الثقافي ما تمخض عنه ميلاد متحف اللوفر أبوظبي وإطلاق عام للحوار الثقافي بين البلدين.
وبدورها، أعربت فرانسواز نايسين وزيرة الثقافة الفرنسية عن تقديرها للمستوى الذي وصلت إليه علاقات التعاون والشراكة بين دولة الإمارات والجمهورية الفرنسية، مؤكدة أن البلدين عازمان على توسيع هذا التعاون في كل الاتجاهات خاصة في المجال الثقافي.
وقالت وزيرة الثقافة الفرنسية، إن "بلادها ودولة الإمارات قررتا توسيع الشراكة الثقافية الكبيرة التي تجمعهما من خلال مشاريع تعاون جديدة تشمل مجالات ثقافية أخرى تهم شعبي البلدين".
وأوضحت أن توسيع هذه الشراكة يأتي مدفوعًا بالنجاح الكبير لمشروع متحف اللوفر أبوظبي.
وأشارت إلى أن لقاءها نورة بنت محمد الكعبي تناول ملفات التعاون القائم بين البلدين وعلى رأسها متحف اللوفر أبوظبي الذي أكدت أنه سيظل حدثًا استثنائيًا في علاقات فرنسا والإمارات.
وقالت نايسين: "تناولت المباحثات أيضًا معهد العالم العربي وجناح الإمارات في معرض باريس الدولي للكتاب"، منوهة بأن إمارة الشارقة تحمل هذا العام لقب مدينة مميزة ضيفة على المعرض، معبرة عن سعادتها بهذا الثراء الذي يطبع المشهد الثقافي في علاقات البلدين.
وكان معهد الشارقة للتراث قد نظم عروضًا فنية تراثية ضمن مشاركته في احتفالية اختيار الشارقة ضيفًا مميزًا بمعرض باريس الدولي للكتاب.
واحتشد المارة في شوارع باريس للتعرف على الفنون الشعبية الإماراتية التي تقدم فرقة الشارقة الوطنية عروضها أمام كاتدرائية "مون مارتر" وحديقة شون دو مارس عند برج إيفل، ناقلة جانبًا من التراث الإماراتي إلى الجمهور الفرنسي.
وتضمنت العروض 4 فنون هي "النوبان" على آلة الطنبورة و"الليوا" على آلة المزمار والطبل الكبير "شيندو"، إضافة إلى فن "الأنديما" بالقربة التي تشبه القربة الأسكتلندية والهبان على القربة الجلدية.
واشتملت العروض كذلك على رقصات شعبية تروي سيرة المجتمع الإماراتي عبر الحرف التي مارسها سواء في تجارة اللؤلؤ أو الزراعة أو الصيد، وأخذ أعضاء الفرقة -بزيهم الشعبي المحلي- الجمهور إلى أجواء نمط المعيشة وأنماط الغناء والأهازيج المعروفة في التراث الشعبي الإماراتي.