بعد نجاح مؤتمر باريس.. هذا ما يترقبه الاقتصاد والمواطن في السودان
عوّلت الحكومة السودانية كثيرا على مؤتمر باريس الاقتصادي لدعم الانتقال في السودان للمساهمة في مواجهة التحديات الكبيرة.
واعتبرت أن المؤتمر محاولة لإعادة الاقتصاد السوداني إلى مساره الصحيح، كما بحث الدائنون فيه خططا عاجلة لتخفيف أزمة ديون السودان.
وقال الخبير الاقتصادي بقوى الحرية والتغيير عادل خلف الله بعد مؤتمر باريس أصبح سجل السودان أبيض في ثلاث مؤسسات كانت ديونها تشكل عقبة أمام فرص السودان أن تتعامل معه بقيه المؤسسات والدول.
وأضاف خلف الله في تصريحات لـ"العين الإخبارية" نقصد ديون البنك الدولي، صندوق النقد، وبنك التنمية الأفريقي، حيث تم سداد هذه الديون عن طريق ترحيلها بالقرض التجسيري وأخيرا أعلنت فرنسا أثناء المؤتمر سداد ديون البنك الدولي المقدرة بمليار و500 دولار.
كما سبقتها بريطانيا بأنها أوفت ديون البنك التنمية الأفريقي، وأمريكا في صندوق النقدـ لافتا إلى أنه بموجب ذلك متوقع من الآن حتى ستة أشهر القادمة أن يحصل السودان على منح وقروض جديدة من هذه المؤسسات.
كما أعلن بنك التنمية الأفريقي عن 800 مليون دولار، ووعد البنك الدولي عن قروض بـ2 مليار دولار .
وذكر أن الهدفين الأساسيين، اللذين كانا يشغلان السودان والرأي العام من مؤتمر باريس، أن المؤتمر يعتبر منبرا واسعا ضم كبار الدائنين، وهو ما يعتبر فرصة سانحة لمناقشة الديون واتخاذ خطوات عملية فيها.
بالإضافة إلى حديث كل ممثلي المؤسسات الإقليمية والدولية أو الدول أو دائنين تجاريين، الذين أجمعوا على أهمية التعبير والوقوف مع السودان في هذه المرحلة من مناقشة فوائد الديون بغرض إسقاطها كليا أو جزئيا وإعادة جدولة لها.
وشدد على ضرورة استقطاب استثمارات فرنسية وأوروبية، وأيضا من المنظمات الدولية والإقليمية، بما يلبي أولويات واحتياجات تطور غير متوازن في السودان، الذي تأثر بعوامل سياسات وعقوبات مفروضة منذ 30 عاما.
وشدد على العمل بكل الوسائل وتوظيف العلاقات للصورة الزاهية التي رسمت عن السودان.
بدوره وصف الخبير الاقتصادي الدكتور محمد الناير مؤتمر باريس بالخطوة الجيدة لاندماج الاقتصاد السوداني في الدولي.
وقال الناير في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إنه منذ رفع الحصار الاقتصادي الأمريكي عن السودان بالكامل، كان يجب أن يكون القرار كافيا حتى تتعامل البنوك السودانية مع البنوك العالمية حسب وزير المالية السابق، لكن هناك تباطؤا كبيرا من قبل البنوك العالمية بسبب الخوف من وجود اسم السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب لسنوات.
وأضاف أن مؤتمر باريس بداية لتسهيل عملية التعامل بين البنوك السودانية و العالمية.
وانتقد تباطؤ الحكومة في إعادة هيكلة المصارف وعدم توفيق أوضاعها، خاصة أن هناك رؤوس أموالها ضعيفة للغاية في ظل تراجع قيمة العملة الوطنية المستمر، وأيضا هناك بنوك رأس المال مدفوع لها نحو 250 أو 300 مليون جنيه، وهو مبلغ ضعيف جدا، بما يعادل أقل من مليون دولار فقط.
وطالب الحكومة برفع رؤوس أموال البنوك بما لا يقل عن 25 أو 30 مليون دولار، فضلا عن دمج التي لا توفق أوضاعها في مصارف أخرى.. لافتا إلى أن هذه الخطوة لم تتم، وربما مؤتمر باريس يكون بداية انطلاق لهذه الخطوة.
وقال الناير إن القرض التجسيري ليس أموالا تستفيد منها الدولة بقدر ما هي طرف ثالث خلاف الطرف الدائن والمدين، حيث يقوم بسداد هذا الدين عبر قرض تجسيري لفترة محدودة، وإعادة المبلغ مرة أخرى لهذه المؤسسات، وبحسب لوائح البنك الدولي وصندوق النقد وبنك التنمية الأفريقي لا يمكن لهذه المؤسسات أن تقرض أي دولة عليها ديون متأخرة لفترة محددة.
وتابع "كان لا بد من إجراء هذا الأمر حتي يستفيد السودان من ذلك".
وحذر الحكومة من تنفيذ سياسات النقد الدولي التي خلقت واقعا صعبا جدا على المواطن لا يستطيع تحمله أكثر من ذلك.
ودعا الحكومة إلى أن تتجه إلى معالجات داخلية مثل الذهب عن طريق إنشاء بورصة للحد من التهريب وإعطاء حافز للمغتربين لجذب التحويلات، كل هذه القرارات كانت ستساعد في استقرار سعر الصرف وتخفيف الضغط على المواطن.
وبلغ إجمالي ديون السودان 50 مليار دولار على الأقل بنهاية 2019، وفقا لصندوق النقد الدولي. وما زال البلد يعمل مع دائنيه لتسوية ديونه حتى نهاية العام الماضي، ويقول المسؤولون إن الإجمالي النهائي ربما يصل إلى 60 مليار دولار.
بحسب صندوق النقد، هناك 5.6 مليار دولار مستحقة لمنظمات متعددة الأطراف مثل الصندوق والبنك الدولي والبنك الإفريقي للتنمية. وهناك أيضا ما يقدر بنحو 19 مليار دولار مستحقة لدائني نادي باريس، أكبرها لفرنسا والنمسا والولايات المتحدة.
ثمة كذلك مبلغ مماثل مستحق لدول غير أعضاء في نادي باريس، منها الكويت، أكبر دائن للسودان بقيمة 9.8 مليار دولار، والسعودية والصين. وأخيرا، ينوء السودان بما يقول مسؤول في صندوق النقد إنه مبلغ أكبر من المعتاد من الديون المستحقة لمقرضين تجاريين، يقدر بنحو 6 مليارات دولار.
ونظرا لانعزال السودان عن النظام الدولي لعقود من الزمان، فإن حوالي 85% من ديونه متأخرات وفوائد غير مدفوعة وغرامات.
• زيارة مرتقبة لنائب رئيس البنك الدولي
وفي سياق متصل، يصل نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة شرق وجنوب أفريقيا، حافظ غانم، إلى السودان، الأحد المقبل في زيارة تستغرق يومين.
وقالت مستشارة الإعلام في البنك الدولي مكتب السودان ندى أمين، في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إن الزيارة هي الأولى التي يقوم بها "غانم" إلى السودان منذ تسوية المتأخرات المستحقة عليه لدى المؤسسة الدولية للتنمية.
وأضافت سيتمكن السودان من إعادة مشاركته الكاملة مع مجموعة البنك الدولي بعد ما يقرب من ثلاثة عقود من الانقطاع وتمهيد الطريق أمام البلاد للوصول إلى ما يقرب من 2 مليار دولار من منح المؤسسة الدولية للتنمية للحد من الفقر وتحقيق الانتعاش الاقتصادي المستدام.
وأشارت إلى اجتماع غانم مع رئيس الوزراء الدكتور عبدالله حمدوك، ورئيس مجلس السيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، ووزير المالية الدكتور جبريل إبراهيم، وممثلين من القطاع الخاص ومنظمات المجتمع المدني، وشركاء التنمية، بالإضافة إلى المستفيدين من برنامج دعم الأسرة السودانية الذي يموله البنك الدولي وشركاء التنمية "ثمرات".
ويناقش نائب رئيس البنك الدولي، خلال زيارته خطط السودان للانعاش الاقتصادي وخلق فرص العمل وتحقيق التنمية الشاملة للجميع.
كان نائب رئيس البنك الدولي حافظ غانم قد أعلن خلال مؤتمر باريس عن منح البنك قرضا بملياري دولار إلى السودان.
aXA6IDMuMTM4LjEyNi4xMjQg جزيرة ام اند امز