السلم والسلام والتسامح مفردات يعلنها القادة الشجعان ويباركها العقلاء، ولايرفضها إلا الطامعون بثروات الدول العربية.
منذ أن أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة انطلاق قطار السلام من محطته العربية الخليجية تجاه إسرائيل، أصبحت قوى الشر والتطرف في حيرة من أمرها، وشرعت في مهاجمة سلامٍ واقعي يمنح الشعوب مزيداً من الأمل بمستقبل واعد.
وكون دولة الإمارات قادرة على إحداث الفارق، من خلال توجهاتها السيادية المعلنة بتوظيف هذه المعاهدة الهامة لخدمة القضية الفلسطينية، فإن الأخبار الإيجابية التي تكللت باتفاق المنامة مع تل أبيب على توقيع معاهدة سلام بينهما، أضافت وتضيف إلى جدار التلاقي والحوار صوراً جديدة، تبشر بكل ما هو مفيد للدول التواقة للهدوء والنهوض باقتصادها وخدمة شعوبها.
فالسلم والسلام والتسامح مفردات يعلنها القادة الشجعان ويباركها العقلاء، ولايرفضها إلا الطامعون بثروات الدول العربية، من أمثال تركيا وجماعات الإرهاب كالإخوان والقاعدة وداعش ومن يواليهم ويدعمهم في قطر.
وسواء غادر الرئيس ترامب البيت الأبيض في واشنطن مطلع العام المقبل أو بقي فيه عقب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، فإنه يحسب للرجل وإدارته هذا الجهد الدبلوماسي الكبير في إنجاز ما عجز عنه من سبقوه من الرؤساء، وتلك الجهود لم يكن ليكتب لها النجاح لولا الحكمة السياسية العظيمة التي يتحلى بها الشيخ محمد بن زايد ولي عهد أبوظبي والملك حمد بن عيسى عاهل مملكة البحرين.
إذ لايوجد أي تناقض بين مبادرة السلام العربية وبين معاهدتي السلام الأخيرتين، فالمبادرة التي يتمسك بها الجميع هي الإطار الجامع لشكل الحل النهائي في فلسطين، وأما ما جرى بين الإمارات والبحرين من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى عبارة عن جهود حثيثة، تخدم بالمحصلة آلية الدفع بالفرقاء نحو الجلوس على طاولة التفاوض الحتمية، ناهيك عن كونها قرارات سيادية لدولتين مستقلتين لهما كل الحق في اتخاذ الأنسب والمناسب.
والتركيز الآن على صناعة المستقبل يأخذ أبعاداً استراتيجية، بعد أن جاءت ردود الفعل الشعبية والرسمية الإيجابية مرحبة بالخطوات الإماراتية والبحرينية، فالمواطن العربي بطبيعته يحلم بتغيير واقعه بعيداً عن الصراعات والحروب التي أثقلت كاهله.
وإسرائيل حين تتوجه لمنطقة الخليج العربي، وهي طامحة بإنشاء منظومة سلام مستدام، تعلم بأن التجربة الخليجية ككل، والإماراتية منها على وجه الخصوص هي تجربة رائدة في مختلف المجالات، فهذا البلد هو بلدٌ متقدم ومتطور اقتصاديا وخدمياً وعلمياً وسياسياً، وقد ذللت قيادته جميع الصعاب على مر السنوات المنصرمة، بغية الارتقاء بالمجتمع الإماراتي الذي حاز على سمعة طيبة ومكانة مرموقة في مختلف أنحاء العالم.
ويولي الإماراتيون كما إخوانهم العرب الخليجيون أهمية كبرى للتعليم والتكنولوجيا، ويرسلون أبناءهم إلى أهم الجامعات العالمية، ويؤمنون بأن توفير فرص العمل للشباب من كلا الجنسين طريق أمثل للنهضة الحقيقية، ولهذا فإن المؤشرات والإحصائيات الدولية ذات الصلة، تشيد دوماً بالإمارات الصاعدة بقوة نحو تحقيق الرؤية المتكاملة لدولة عصرية ونموذجية، ويقصدها الشرق والغرب ليشاهد تقدمها ومرونة الاستثمار داخلها، فضلاً عن نجاحها في إرساء مفاهيم حوار الحضارات والتعايش بين أبناء الديانات المختلفة، وقد امتدح بابا الفاتيكان شخصياً ذلك وعبر عنه في أكثر من مناسبة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة