"واحة سلام".. مشغل نسيج لضحايا الاتجار بالبشر في فيتنام
أكثر من 130 امرأة تعمل حاليا في هذه التعاونية، ومنهن ضحايا سابقات لشبكات اتجار بالبشر وأيضا أمهات عازبات.
أقيم مشغل للنسيج فريد من نوعه في المناطق الجبلية بشمال فيتنام، إذ تعمل فيه نساء مهمشات نجح بعضهن في الإفلات من زيجات قسرية كانت تدبّر لهن.
وترغم آلاف الشابات الفيتناميات على الزواج في الصين، حيث تسببت عقود من سياسة الطفل الواحد في نقص كبير في عدد النساء وسط استعداد البعض للقيام بأي شيء لإيجاد فتيات للزواج.
وتجد الفيتناميات اللواتي يفلتن من الزيجات القسرية أو الاستعباد الجنسي في بيوت دعارة في الصين أنفسهن بمواجهة وصمة عار اجتماعية فور عودتهن إلى ديارهن.
وهذا ما أعطى فانج ثي ماي فكرة إقامة هذه التعاونية التي تحمل اسم "لونج تام لينن" في 2001.
وتقول "ماي" وهي ترتدي لباساً تقليدياً خاصاً بإتنية همونج الموجودة في هذه المنطقة الجبلية: "نحن مستعدون لنفتح لهن بابنا ونوفر العمل والدخل لهن ولعائلاتهن، المجتمع لا يحبهن ربما لكنهن يشعرن هنا بالثقة".
وتعمل أكثر من 130 امرأة حاليا في هذه التعاونية، ومنهن ضحايا سابقات لشبكات اتجار بالبشر وأيضا أمهات عازبات.
ومن خلال صنع حقائب وفساتين وألعاب تجني النساء في هذا المشغل ما يقرب من 180 دولاراً شهرياً، أي أكثر بكثير مما يمكن لهن تقاضيه من العمل كمزارعات.
كما أن جو العمل يقوم على التضامن وتحقيق الذات في هذه المنطقة الفقيرة، التي تندر فيها فرص العمل خارج مجال الزراعة رغم النمو السياحي.
ويقول نجويين تيين فونج من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي: "إذا عملت النساء خاصة ضحايا الاتجار بالبشر معا في مجموعة واحدة فإنهن يصبحن أقوى وتصبح لهن قدرة على التفاوض، كما يشعرن بأن لهن مكاناً في المجتمع".
ولم تكن ثاو ثي فان تخطت السنتين من العمر عندما ذهبت والدتها في أحد الأيام إلى السوق ولم تعد، بعدما وقعت على الأرجح ضحية مهربين.
وتقول ثاو ثي فان البالغة حاليا 13 عاما بتأثر كبير: "أريد معرفة من باع والدتي، ليس لدي تقريباً أصدقاء في المدرسة، فالأطفال يسخرون مني لأني بلا أم، أحسد هؤلاء الأطفال الذين لهم أم".
غير أن الحائكة اليافعة التي تعمل في المشغل بدوام جزئي بعد المدرسة تقول: "هنا العمل ممتع، أستطيع جني المال ولا أحد يسخر مني".
وبالإضافة إلى البعد الاجتماعي، تسعى المؤسسة إلى الحفاظ على الغنى الثقافي لإتنية همونج بما يشمل خصوصاً حماية التقاليد.
ويتقلص بدرجة كبيرة عدد الشابات اللواتي يتقن فن التطريز وحياكة الملابس المحلية الملونة، وتشتري كثيرات منهن حاليا الملابس المصنوعة من أقمشة صينية عليها رسوم تقليدية لإتنية همونج، ثم يُبدلنها حين تصبح بالية بقطع ملابس جاهزة أخرى، فيما يتطلب صنع قميص تقليدي عادة باليد أسابيع من العمل.
وتقول مؤسسة المشغل: "جوهر ثقافة إتنية همونج في فيتنام يزول تدريجيا، الهدف يكمن في إعادة هذه الثقافة ونقل النساء المسنات مهاراتهن للأجيال الجديدة".
وتهيمن الملابس الصينية المصنوعة من البوليستر ذات النقوش عينها للملابس التقليدية على أسواق المنطقة، خاصة في ظل أسعارها الزهيدة.
ويعتمد المشغل تاليا على المبيعات الموجهة للسياح بهدف الحفاظ على مهارات أبناء إتنية همونج وثقافتهم.