أسبوع السودان.. استئناف محادثات السلام وتفاقم محنة الإخوان
محللون يؤكدون أن استمرار الإجراءات بحق عناصر الإخوان زادت من محنتهم ودفعتهم إلى قيادة حملة للتظاهر في محاولة يائسة لتعطيل ملاحقتهم
شهد الأسبوع الماضي في السودان أحداثا عديدة تصدرها استئناف محادثات السلام بين الحكومة وحركات الكفاح المسلح في العاصمة جوبا، إضافة إلى تشكيل لجنة تفكيك نظام الإخوان الارهابي، واكتشاف مقبرة ضباط 28 رمضان، وتوقيف الزوجة الثانية للرئيس المعزول.
وحمل الأسبوع المنقضي مزيدا من الحصار على رموز نظام الإخوان الإرهابي، حيث جرى التحقيق مع الرئيس المخلوع عمر البشير ونائبه السابق علي عثمان محمد طه حول انقلاب 1989م الذي استولوا بموجبه على السلطة، كما تم القبض على المساعد بالقصر الرئاسي سابقا إبراهيم السنوسي لذات التهمة.
- حكومة السودان تعقد اجتماعا استثنائيا لمناقشة أول موازنة بعد الثورة
- إخفاق حكومة السودان والحركة الشعبية في التوصل لإعلان مبادئ
وبحسب محللين فإن استمرار الإجراءات بحق عناصر نظام الإخوان البائد، زادت من محنتهم ودفعتهم إلى قيادة حملة للتظاهر في محاولة يائسة للتشويش على عمل الحكومة الانتقالية وتعطيل ملاحقتهم بموجب الجرائم التي ارتكبوها خلال ثلاثة عقود ماضية.
تفاؤل حذر بالمحادثات
ويوم الأربعاء الماضي، انطلقت جولة جديدة من المفاوضات بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة في عاصمة دولة الجنوب "جوبا"، وسط تفاؤل مشوب بالمخاوف والحذر بشأن نجاح هذه الجولة.
وتجري الحكومة السودانية المحادثات على مسارين، الأول مع تحالف الجبهة الثورية الذي يضم عددا من الفصائل المسلحة التي تقاتل في إقليم دارفور ومنطقتي النيل الأزرق وجنوب كردفان.
أما المسار الثاني فمع الحركة الشعبية بقطاع الشمال بقيادة الجنرال عبدالعزيز الحلو، وهي من أكبر الحركات المسلحة في السودان، حيث تسيطر على مناطق واسعة في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق منذ ثماني سنوات وتتخذ مدينة كاودا معقلا لها.
ورغم حالة التفاؤل، فقد بدأت المحادثات متعثرة في مساريها، حيث فشل الوفد الحكومي في التوصل إلى صيغة اتفاق إعلان مبادئ مع الحركة الشعبية بقيادة الحلو، فيما تعرقل المسار الآخر، بسبب رفض الجبهة الثورية وجود قيادات من قوى الحرية والتغيير بوفد المفاوض الحكومي.
هذه البدايات المتعثرة أثارت الكثير من المخاوف، ولكن ثمة من يعتقد بأن نجاح جولة المفاوضات السودانية أمر حتمي، نسبة لارتباطها باستحقاقات داخلية وخارجية، فضلا عن البيئة المهيئة أكثر من أي وقت مضى.
وقال المحلل السياسي عبدالناصر الحاج: "إن طرفي التفاوض في جوبا ليسا بأعداء وإنما شركاء في عملية التغيير التي شهدتها البلاد، ويجب ألا تؤخذ المحادثات زمنا طويلا، وأن يعود الجميع إلى حضن الوطن للبناء والتعمير، وإصلاح ما أفسده نظام الإخوان الإرهابي".
وأضاف الحاج لـ"العين الإخبارية": "يجب أن تتركز المفاوضات على المسائل المتعلقة بمشاركة منسوبي الفصائل المسلحة في السلطة، لأن جميع القضايا الأخرى المتعلقة بالحريات والتنمية ومحاسبة المجرمين مضمنة في وثائق الحكم الانتقالي".
وتابع: "إذا دخل الطرفان كشركاء في التغيير وهدفهم تحقيق السلام، فإن المحادثات ستمضي بشكل جيد وستصل غايتها بسرعة، أما إذا استمرت ذات العقلية التي تحكمها جدلية المركز والهامش فلن يتحقق السلام".
كشف مقبرة مجزرة 28 رمضان
وخلال الأسبوع الماضي أيضا زف رئيس مجلس السيادة البشرى لعشرات الأسر السودانية، عندما أعلن العثور على مقبرة 28 ضابطا بالقوات المسلحة أعدمهم الرئيس المخلوع عمر البشير قبل 29 عاما بتهمة تدبير محاولة انقلاب عسكري على حكمه، وقام بإخفاء متعلقاتهم الشخصية ومكان دفن جثثهم.
وقال الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان إنه سيقوم بالتشاور مع عائلات الضباط وأخذ رأيهم إن كانوا يرغبون في نبش القبور أو وضع نصب تذكاري عليها يحمل أسماء الضحايا.
وأضاف: "سنتشاور مع الأطباء والمختصين حول إمكانية نبش الجثث وتصنيف الشهداء، وكل ذلك سيكون برضاء أسر الضباط".
وانطلقت حركة الخلاص الوطني التي يقودها "ضباط 28 رمضان" من داخل الجيش السوداني، في أبريل/نيسان 1990 أي بعد عام واحد من استيلاء الجنرال عمر البشير على السلطة بانقلاب عسكري في 30 يونيو/حزيران 1989.
وتقول عائلاتهم إنهم قادوا ثورة من أجل إعادة السلطة إلى الحكومة الشرعية برئاسة الصادق المهدي التي انقلب عليها البشير، ولم يكن هدفهم حكم السودان.
ومنذ عام 1990 ظلت قضية إعدام هؤلاء الضباط التي عُرفت محليا بـ"شهداء 28 رمضان" محل اهتمام الرأي العام السوداني الذي أظهر تعاطفا كبيرا مع ذوي الضحايا الذين ظلوا يحييون ذكراهم سنويا رغم التضييق الذي تمارسهم بحقهم السلطات الحكومية في حقبة حكم عمر البشير.
وأبدت أسر هؤلاء الضباط سعادتها باكتشاف مكان دفن أبنائهم بعد أن ظلت تبحث عنها طوال ثلاثة عقود ماضية، واعتبرت الخطوة إيجابية وتقود إلى كشف مزيد من ملابسات جريمة إعدام الضباط وصولا إلى المتورطين فيها والقصاص منهم.
وقالت رئيس اللجنة الحقوقية لمتابعة قضية ضباط "28 رمضان" منال عوض خوجلي: "إن كشف مقبرة الضباط أمر إيجابي وأسعدنا فهو يمثل أحد مطالبنا التي ظللنا نرفعها منذ ثلاثة عقود، ولكن الأهم من ذلك بالنسبة لنا محاكمة المتورطين في هذه الجريمة من رموز النظام البائد، وهذا ما ننتظره من لجنة التحقيق التي شكلها النائب العام".
وأضافت منال، وهي شقيقة النقيب طيار مصطفى عوض خوجلي الذي تم إعدامه ضمن 28 ضابطا، أنه "لأمر إيجابي قيام رئيس مجلس السيادة والقائد العام للقوات المسلحة برد اعتبار شهداء رمضان وتحديد مكان دفنهم، ولكننا نعول على لجنة التحقيق القانونية في القصاص من المتورطين في هذه الجريمة".
وتابعت في حديثها لـ"العين الإخبارية": "نرغب في نبش الجثث وتحويل رفاة الشهداء إلى مكان يليق بهم مع وضع نصب تذكاري لهؤلاء الأبطال، ولكن يجب أن يكون ذلك بالتنسيق بين لجنتي القوات المسلحة والنيابة العامة لضمان عدم التأثير على مجريات التحقيق، لأن هدفنا الأول القصاص من مرتكبي جريمة الإعدام الباطلة بحق 28 ضابطا".
تفاقم محنة الإخوان
كذلك بدا واضحا خلال الأسبوع المنصرم تفاقم محنة تنظيم الإخوان البائد في السودان في ظل استمرار ملاحقتهم بجرائمهم واجتثاثهم من مؤسسات الدولة، ما جعلهم يقودون محاولات يائسة للدعوة إلى مظاهرات ضد الحكومة الانتقالية يوم 14 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
وخلال الأسبوع ذاته تم التحقيق مع الرئيس المعزول عمر البشير ونائبه علي عثمان محمد طه، إثر بلاغ انقلاب 1989 الذي استولوا بموجبه على السلطة، وكذلك توقيف الإخواني إبراهيم السنوسي لذات التهمة.
وصاحب ذلك، قيام المجلس السيادي بتشكيل لجنة خاصة لتفكيك نظام الإخوان البائد برئاسة الفريق ياسر العطا، وذلك استجابة لقانون "تفكيك نظام الثلاثين من يونيو 1989 وإزالة التمكين" الذي تمت إجازته مؤخرا، الأمر الذي زاد مخاوف عناصر الحركة الإسلامية السياسية.
وفي ظل هذه الأحداث ألقي القبض على وداد بابكر، الزوجة الثانية للرئيس المعزول عمر البشير، وإدخالها سجن النساء في مدينة أم درمان بتهمة "الثراء الحرام"، وذلك بعد أن ظلت تحت الإقامة الجبرية بمنزلها.
وخلّف القبض على وداد بابكر فرحة عارمة في الشارع السوداني، لكونها واحدة من أكثر عناصر النظام البائد جدلا وتحوم شبهات حول جمعها ثروة ضخمة عن طريق استغلال النفوذ.
aXA6IDE4LjIxOC43MS4yMSA= جزيرة ام اند امز