15 سبتمبر.. من "ثورة" الدواء إلى "شجاعة" السلام
الإمارات كانت دوما سباقة في صناعة تاريخ من التسامح والتعايش المشترك والبناء وهو ما تؤكده في 15 سبتمبر/أيلول 2020
يوم الخامس عشر من سبتمبر/أيلول عام 2020 سيتوقف أمامه التاريخ طويلا مسجلا بحروف من نور أنه يوم لصناعة السلام، بعد قرار الإمارات التاريخي الذي اتخذت فيه موقع صانع السلام بمبادرتها الشجاعة لتوقيع معاهدة سلام مع إسرائيل.
البشر هم من يصنعون التاريخ بأحداثه سواء أكانت نافعة تخدم البشر أو ضارة تقتلهم وتعذبهم، وكانت الإمارات سباقة في صناعة تاريخ من التسامح والتعايش المشترك والبناء، فقبل عام قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بالإعلان عن عام التسامح سنة 2019، وجسد ذلك مدى الود بين الثقافات على أرض الإمارات ليبرز البلاد على أنها منارة التعايش والانفتاح على الثقافات الأخرى.
وتخلل هذا العام الهام زيارة قداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف بدعوة من الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لزيارة الإمارات في فبراير/ شباط من نفس العام، مما يعتبر خطوة هامة تجاه العلاقات بين المسلمين والمسيحيين.
"باسمِ الله الَّذي خَلَقَ البَشَرَ جميعًا مُتَساوِين في الحُقُوقِ والواجباتِ والكَرامةِ، ودَعاهُم للعَيْشِ كإخوةٍ فيما بَيْنَهم ليُعَمِّروا الأرضَ، ويَنشُروا فيها قِيَمَ الخَيْرِ والمَحَبَّةِ والسَّلامِ"، بتلك الكلمات التي تضع قواعد عامة للحياة والبشرية، ولدت "وثيقة الأخوة الإنسانية"، منذ 2019 في العاصمة الإماراتية أبوظبي، وبتوقيع فرنسيس الأول، بابا الكنيسة الكاثوليكية، والدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر.
بارقة أمل وبناء
كان ذلك حدثاً تاريخياً هاماً، إذ تعد زيارة البابا إلى دولة الإمارات العربية المتحدة الأولى من نوعها إلى شبه الجزيرة العربية، وقال فيها الشيخ محمد بن زايد آل نهيان: "تجسد هذه الزيارة إيماننا العميق بقيم المحبة والتسامح والإنسانية والجهود الرامية إلى السلام والأمن والاستقرار والتقارب بين مختلف الشعوب والثقافات".
وقبل أن يسدل عام 2020 الستار بكل ما حمله من معاناة خاصة ما يتعلق بجائحة كورونا، أبت الإمارات إلا أن يحمل بارقة أمل وتسامح جديد ينعش آمال إحياء السلام بمنطقة الشرق الأوسط، بقرار اتخذته القيادة الإماراتية بوعي كبير وواقعية تدرك أن العمل للمستقبل أهم من البكاء على الماضي وأن من يعمل لا يتكلم ومن يهوى الكلام فهو قليل الفعل ضعيف الإرادة.
سلام الإمارات مع إسرائيل ليس مجانا بل يحمل مكاسب كبيرة للدولتين والمنطقة وقبلهم جميعا لقضية الإمارات الأولى القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، برزت بمجرد شروع الإمارات في الدخول في معاهدة السلام بوقف إسرائيل ضم أراض فلسطينية، في خطوة لو تمت كانت كفيلة بقتل كل مساعي السلام.
ولعل شهادة رئيس الوزراء البريطاني الأسبق توني بلير، الذي عمل مبعوثا للجنة الرباعية للسلام بالشرق الأوسط، مثلت كلمات لا تحتمل التأويل "الإعلان التاريخي عن إقامة علاقات ثنائية اعتيادية بين الإمارات وإسرائيل، هو حدث فريد وإنجاز فعلي، لأنه ربط وقف إسرائيل خططها ضم المزيد من الأراضي الفلسطينية بالعلاقات الاعتيادية مع الإمارات".
وتزدان واشنطن في 15 سبتمبر/أيلول برايات السلام بحضور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووفد إماراتي رفيع المستوى يترأسه الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية والتعاون الدولي الإماراتي، لتصبح أفكار السلام واقعا مكتوبا يتم ترجمته إلى تعاون بناء يقود المنطقة للاستقرار والازدهار.
أيام لها تاريخ
يستدعي تاريخ الخامس عشر من سبتمبر/أيلول للذهن ذكرى أحداث تاريخية غيرت وجه التاريخ لصالح البشرية.
ففي سبتمبر من 1789 تأسست وزارة الخارجية الأمريكية رسميا (الإعلان كان في يوليو/تموز والانطلاق في سبتمبر)، وأول من تولاها هو توماس جيفرسون، أما الوزير الحالي فهو مايك بومبيو وتسلسله 70 من بين وزراء الخارجية.
وفي 15 سبتمبر عام 1928 اكتشف الطبيب البريطاني ألكسندر فلمنج مادة "البنسلين"، كأول مضاد حيوي في التاريخ وأحد أعظم الاكتشافات التي صنعت ثورة طبية في تاريخ البشرية حيث يستخدمه الناس في جميع أنحاء العالم الآن على نطاق واسع لعلاج الالتهابات والأمراض المختلفة.
وفي 15 سبتمبر عام2007 اعتمدت الأمم المتحدة هذا التاريخ من كل عام يوما عالميا للديمقراطية، حيث يعد هذا اليوم فرصة لاستعراض حالة الديمقراطية في العالم.
وقال أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة في رسالة له بهذه المناسبة، إن الديمقراطية تتعلق في جوهرها بالناس، وهي تقوم على الشمول والمساواة في المعاملة والمشاركة - وهي لبنة أساسية في صرح السلام والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان.
تلك القيم والتطلعات لا يمكن أن ينظر إليها على أنها مجرد مسألة صورية أو مجرد كلام. بل يجب أن تكون حقيقة في حياة الناس، ومع ذلك ، فإن اليوم الدولي للديمقراطية يأتي في وقت يشهد تدني مستويات الثقة وارتفاع مستوى القلق.
ولعل الإمارات تحقق بتوقيع معاهدة السلام مع إسرائيل في 15 سبتمبر ما أرادته الأمم المتحدة من اختيار هذا اليوم كيوم عالمي للديمقراطية، بلبنة أساسية تغرسها سويا الإمارات وإسرائيل في صرح السلام والتنمية المستدامة وحقوق الإنسان في الشرق الأوسط.
aXA6IDMuMTQ5LjI0MS42MiA=
جزيرة ام اند امز