دنيس روس لـ"العين الإخبارية": معاهدة الإمارات تحفظ حل الدولتين
السفير دنيس روس، مساعد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لشؤون الشرق الأوسط في حديث خاص لـ" العين الإخبارية"
أكد السفير دنيس روس، مساعد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لشؤون الشرق الأوسط، أنه"لولا مبادرة السلام الإماراتية مع إسرائيل لانتهى حل الدولتين إلى الأبد".
وفي مقابلة مع "العين الإخبارية" بالعاصمة الأمريكية واشنطن، أكد "روس" أن خطة ضم إسرائيل أراض بالضفة الغربية، كانت ستبدد أي أمل للفلسطينيين في قيام دولتهم المستقلة.
ودعا المسؤول الأمريكي، الذي عمل مع إدارتي الرئيسين السابقين جورج بوش الابن وبيل كلينتون، الفلسطينيين إلى تغيير نهجهم في التعامل مع رغبة السلام " حتى يتمكنوا من تحقيق مصالح حقيقية بدلا من الاكتفاء بدور رد الفعل".
وحذر في الوقت نفسه من إمكانية انعزالهم في حال إصرارهم على المضي قدما عكس التيار السائد بالمنطقة.
وشدد روس على أن العلاقات الطبيعية بين العرب وإسرائيل يمكن أن تخدم المصالح الفلسطينية أيضا، مستشهدا بتجربة السلام بين مصر وتل أبيب، والتي قال إنها لعبت دورا حاسما في الدفاع عن المصالح الفلسطينية أيضا.
أبواب أمل واستقرار
وتعليقا على معاهدتي السلام الإماراتية والبحرينية مع إسرائيل، قال روس إنه "من الرائع بعد كل هذه السنوات من العمل في الشرق الأوسط رؤية أمر كهذا".
وأضاف: "للمرة الأولى منذ سنوات عديدة، نرى عتبة مهمة جدًا يتم عبورها.. الإمارات دولة رائدة بالمنطقة وقرارها بعقد اتفاق سلام مع إسرائيل سيفتح أبوابا عديدة من الأمل والاستقرار".
ورأى أن السلام بين الإمارات وإسرائيل أمر مهم جدا وحيوي لمواجهة التحديات العديدة التي تواجه المنطقة، معتبرا أنه مختلف عن السلام مع مصر والأردن، فـ"الإمارات دولة لم تخض حربًا مع إسرائيل ولا تشترك في حدود معها".
ومع ذلك، يقول، فإن "قرارها الشجاع بالسلام مع إسرائيل لا يحقق السلام فحسب، بل أيضا يعمل على تعزيز التعاون لتحقيق التنمية بالدولتين، لاسيما في مجالات الأمن والمياه والصحة والإنترنت".
تحديات مشتركة
وبخصوص أهمية التعاون مع إسرائيل لمواجهة التحديات المشتركة في الشرق الأوسط، أوضح الدبلوماسي الأمريكي أن "الشرق الأوسط سيشهد الكثير من الاضطرابات المستقبلية بسبب تأثير تغير المناخ الذي يجتاح العالم، ولكن تأثيره بالمنطقة سيكون كبيرا، لاسيما مع انتشار الجفاف، ومشكلة الأمن الغذائي".
واستطرد: "في الوقت نفسه، لا نعرف إن كان فيروس كورونا سيكون آخر الأوبئة التي نواجهها أم ماذا.. لتلك الأسباب نحن بحاجة للمزيد من التعاون العابر للحدود، خصوصا إذا كان هذا التعاون بين دولتين رائدتين علميا وتكنولوجيا مثل الإمارات وإسرائيل".
ووفق روس، فإن التطور حصل إلى حد كبير، بدافع تصور التهديدات المشتركة التي تواجه المنطقة سواء من إيران وميليشياتها، أو مخاطر الإرهاب وصعود الإخوان وغيرهم من الإسلاميين الراديكاليين.
تعاون أكد أنه لم يشمل فقط الجوانب الأمنية، بل امتد لبعض المجالات الاقتصادية، فهناك عدد كبير من الشركات الإسرائيلية التي تعمل في عدد من الدول العربية التي ليس لديها علاقات رسمية مع إسرائيل.
وأشار إلى أن خطة الرئيس ترامب للسلام ألقت بالكرة بالملعب العربي، وكان متوقعا أن ترفض أغلب هذه الدول أي خطط للضم الأحادي لأراضي الضفة، لكن الإمارات ردت بشكل فعال عملي، وعرضت على الإدارة الأمريكية السلام مقابل تجميد الضم.
الإمارات والضم وحل الدولتين
وعن تأثيرات معاهدتي الإمارات والبحرين مع إسرائيل على فرص السلام بالمنطقة، أعرب روس عن اعتقاده بأن "ما حدث مؤخرا يمكن أن يساهم في تعزيز السلام بشكل عام".
وأرجع اعتقاده إلى وجود "نموذج مثير للاهتمام، فكما تعلمون، تحدث رئيس الوزراء (الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو عن السلام مقابل السلام، لكن في الواقع لدينا أمر مختلف هنا، فالإمارات اتخذت خطوة تجاه تل أبيب لكنها طلبت شيئاً في المقابل لصالح الفلسطينيين، ولو اتخذت كل دولة عربية نفس المنهج لتم حل جميع المشاكل العالقة".
وفي معرض حديثه عن الموقف الفلسطيني من السلام مع إسرائيل، قال روس إن الطرف الأول"يحاول القول إن الدول العربية تعطي إسرائيل ما تريد لكنه ما زال تحت الاحتلال، وهو يتجاهل باقي الحقائق".
وموضحا الجزئية الأخيرة "على سبيل المثال، إسرائيل حصلت بالفعل على السلام، لكن الإمارات حصلت على شيء مهم جدا بالنسبة للفلسطينيين وهو تجميد الضم".
ولفت إلى أن "الضم أحادي الجانب كان جزءا من خطة ترامب لإسرائيل في الضفة، ولو حدث ذلك، فسينتهي احتمال التوصل إلى حل الدولتين، وهو ما كان سيفتح الباب واسعا لما يمكن أن أسميه صراعًا مجمّدًا وهو ما سيكون صراعًا دائمًا".
ورأى أنه حتى خارج الشرق الأوسط، هناك دول مثل بلجيكا التي ليس لديها تاريخ من الصراع، ومع ذلك فهي تعاني من اضطرابات مستمرة لوجود أكثر من مجموعة وطنية واحدة فيها.
وخلص،إلى أنه "حتى في الأماكن التي لا يتسم السياق فيها بالعنف، لا يزال هناك عدم استقرار واضطراب، ولذلك كما أقول دوما نهاية حل الدولتين هو بداية لصراع لا ينتهي، وهذا ليس ما نريده للإسرائيليين والفلسطينيين".
وشدد على ضرورة "الحفاظ على إمكانية حل الدولتين ـ وهو ما فعلته دولة الإمارات".
وفي هذا الصدد، دعا روس الفلسطينيين إلى التفكير خارج الفكر التقليدي، واتخاذ مواقف أكثر عقلانية وعملية لمصلحتهم في النهاية.
كما نصحهم بتبني مواقف يمكن في الواقع أن تغير سلوك الآخرين، والابتعاد عن تلك التي تجعل المرء يشعر بالرضا خلال اللحظة ذاتها فحسب ولا تغير شيئًا.
وتابع: "أدعوهم للتفكير في تحويل الأمر لصالحهم، وأن لا ينتظروا الآخرين لتحقيق ما يريدون، وأن لا ينتظروا حتى يصبحوا معزولين تمامًا، فهذا سيحدث بمرور الوقت".
واستطرد: "من المؤكد أن الفلسطينيين لن ينتظروا حتى يجدوا أنفسهم في صف تركيا بمفردهم، لو كنت أحد مستشاري الرئيس أبو مازن (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) لنصحته بالدول العربية الأخرى التي عقدت سلاما مع إسرائيل".
وقال متوجها لعباس: "لا ترفض السلام مع إسرائيل حتى تحصل على كل ما تريد، طالب فقط تحسين ظروف الفلسطينيين، اطلب أمورا يمكن أن تحدث تغييرا على المدى البعيد".