التدين المظهري يعتبر مطية للأهداف السياسية الحزبية، ويشكل أداة لجر الشباب المتعاطف دينياً إلى معسكرات الفوضى والخراب.
تعاني بعض المجتمعات من اختلال وضع الأمور في مراتبها، وقد أدى ذلك إلى حالة من الارتباك في تعريف المهم وتمييزه عن الأهم، لتكون الصورة في كثير من الأحايين أهم من الحقيقة، والمظهر أهم من الجوهر، ويشمل ذلك جميع الجوانب، الدينية، والسياسية ، والاجتماعية بلا شك.
ولأنه غير مرئي، يبقى الجوهر عصياً على التقييم، ما يؤدي بالكثيرين إلى اعتماد الشكل معياراً للحكم على طبيعة الأمور، ومقياساً لتقديرها، غير آبهين بالحقيقة الكامنة خلف ذلك الستار.
مما لا شك فيه أن الازدواجية في المفاهيم وتسطيح المهم والتركيز على الهوامش، تتصل بحبل وثيق بالجهل محرك لها، ولذا من الضرورة إعادة تعريف الأولويات في الشؤون كافة، دينية وسياسية ومجتمعية حتى لا يخدع الشباب بالقشور فيتركوا الجذور
ولعل أخطر ارتباط بالمظهر، ما تعلق بالدين، حين يصبح الحكم على قوة الإيمان، هو مدى تطابق الشكل الخارجي بالصورة النمطية للملتزم في المجتمع، ما يسهل عملية المتاجرة، وتسطيح الفكر الديني على أسس المظهر قبل الجوهر.
ولعل أهم سبب لهذه الظاهرة، التأسيس لها من قبل البعض، لمدة زمنية ليست قصيرة، فمن الدين لا يهم سوى الثوب القصير وإعفاء اللحى، ولا أهمية للأخلاق، والتعامل والعلاقة الربانية، وكل الأهداف السامية للأديان، ومن الدولة لا يهم سوى الاسم وقطع الأيدي ورجم الشباب، أما العدل والإنصاف والتنمية والرفاه وتقديم كل ما يمكن تقديمه للمواطن، من علم وعمل وعلاج وسكن وحياة كريمة، فذلك من الأمور الهامشية، كما لا يتضمن مفهوم الشرف تلك المبادئ السامية كالصدق والأمانة والوفاء.
إن التدين المظهري يعتبر مطية للأهداف السياسية الحزبية، ويشكل أداة لجر الشباب المتعاطف دينياً إلى معسكرات الفوضى والخراب، دون التركيز على جوهر الدين، ويسبب ازدواجية وإرباكاً للمتلقين الذين لا يعون أي الأهداف يتبعون، وقد رأى العالم أجمع، جهل أتباع الجماعات الإرهابية التي بلغ بها تجهيل أتباعها مبلغاً خطيراً كان أساسه التدين الشكلي، حيث اعتقد بعضهم أن فكرته عن الدين هي الدين ذاته، وخلط أهواءه السياسية والحزبية بالدين ليحقق مآرب شخصية معتمداً على ثقة الاتباع وسهولة إقناعهم.
إن الاهتمام بالشكليات، يولد بالضرورة مجتمعاً شكلياً هشاً، يسهل اختراقه وتفنيد حججه، وتفتيت مبادئه، ما يجعل المرتبطين بالمظهر في توجس دائم يؤدي إلى مزيد من التمسك بالقشور، حفظاً لمكانهم وإمعاناً في الجهل والتخلف.
مما لا شك فيه أن الازدواجية في المفاهيم وتسطيح المهم والتركيز على الهوامش، تتصل بحبل وثيق بالجهل محرك لها، ولذا من الضرورة إعادة تعريف الأولويات في الشؤون كافة، دينية وسياسية ومجتمعية حتى لا يخدع الشباب بالقشور فيتركوا الجذور.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة