أزمة ذات عدة أوجه.. الزواج العرفي يتفشى بين الأرامل والمطلقات بمصر (خاص)
بدأت ظاهرة زواج المطلقة أو الأرملة عرفيًا بدلاً من الزواج الرسمي تتفشى في مصر مؤخرا، بهدف الحفاظ على المعاش الحكومي الذي تحصل عليه بعض الفئات بموجب القانون.
الاتجاه للزواج العرفي للمطلقة أو الأرملة سببه في أغلب الأحوال، بجانب الحفاظ على حضانة الأولاد، هو الحفاظ على المعاش، وقد يكون معاش زوج متوفي، أو والد الزوجة في حالة الطلاق.
الظاهرة بدأت بهذه الطريقة، لكنه نتيجة للظروف الاقتصادية ظهرت دائرة جديدة، وهي قيام زوجين بالطلاق الرسمي ثم إجراء زواج عرفي، حتى تحصل الزوجة على معاش والدها المتوفي للمساعدة في المعيشة.
فهل الزواج العرفي في هذه الحالة صحيح، وما حكم الأموال التي تتلقاها المرأة؟
صحة وإثمان
يرى الدكتور عبدالغني هندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية بمصر، أنه لا بد في هذه الحالات من التفرقة بين الحكم الشرعي في صحة عقد الزواج من عدمه، وبين وجود إثم من عدمه.
وأوضح هندي لـ"العين الإخبارية"، أن الزواج لو مكتمل الشروط والأركان فهو زواج صحيح، لكن ينقصه التوثيق وهو إخطار ولي الأمر، وهو أمر واجب.
وأشار هندي إلى ولي الأمر، وهو الدولة في الأنظمة المعاصرة، التي أقرت التوثيق حكمة لمراعاة مصالح العباد, لكن رغم ذلك فمن الناحية الشرعية الزواج صحيح إذا كان مكتمل الأركان والشروط.
وأكد عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أن ما تتحصل عليه الزوجة من أموال من التأمينات يعتبر مالاً آثماً، لأن هناك عقدا واجب الوفاء، حيث تصرف أموال المعاشات بناء على شروط معروفة، فليس للمرأة حق في الحصول على معاش والدها أو زوجها إذا كان لها زوج معيل، وقد أمرنا الله بالوفاء بالعقود.
وشدد هندي على أن هناك إثما لعدم الامتثال لرأي أو قول ولي الأمر، وإثم الحصول على مال بغير وجه حق، لكن الزواج طبيعي وشرعي.
القوانين بحاجة لإعادة نظر
ويرى الدكتور رفعت صديق، الأستاذ بجامعة الأزهر، أن للزواج 5 شروط حددتها الشريعة، وهي: تعيين الزوجين بالاسم، ورضاهما، ووجود الولي في حالة البكر، ووجود الشهود، وخلو الزوجين من موانع الزواج، وطالما أن الزواج العرفي يستوفي هذه الشروط فهو صحيح.
وأضاف صديق، لـ"العين الإخبارية"، أن العديد من السيدات يلجأن لهذا الزواج غير الموثق حفاظًا على الدخل الثابت الذي يأتيها من المعاش أو نفقة الطليق، وكذلك حفاظًا على حضانة الأولاد خوفًا من أن تنتقل حضانتهم إلى الزوج في حالة الطلاق، وبالتالي فنحن أمام أزمة لها شق اقتصادي وشق اجتماعي.
وطالب صديق الجهات المعنية بإعادة النظر في قوانين الأسرة وقوانين المعاشات حتى لا ينتشر الزواج العرفي بشكل كبير ويصبح هو السائد في حالات عدة في المجتمع، مشددًا على أن ارتفاع حالات الطلاق في مصر سببه في بعض الأحيان قيام الأزواج بالطلاق الرسمي ثم الزواج العرفي من أجل الحصول على معاش والد الزوجة، وهو أمر بحاجة لإعادة نظر على المستوى السياسي والاجتماعي والديني، ولا بد من تضافر جهود رجال السياسة والاجتماع والدين لحله.
تحول اجتماعي خطير
وترى الباحثة في الشؤون الاجتماعية، إسراء رفعت، أن أحد أبرز أسباب التغير الاجتماعي هو التغير الاقتصادي، حيث تدفع الظروف الاقتصادية الناس لتغيير عاداتهم الاجتماعية الراسخة لعقود.
وتوضح رفعت، لـ"العين الإخبارية"، أن نظام المساكنة في الغرب انتشر بسبب قوانين الضرائب، التي كانت تعتبر راتب الزوج والزوجة راتبًا واحدًا للأسرة وبالتالي تدخله في شريحة ضريبية أعلى، ففكر الأمريكان أولاً ثم تبعهم بعض الدول الأخرى في عدم الزواج الرسمي والاكتفاء بالمساكنة، وهي قيام الرجل والمرأة بالعيش في منزل واحد والتصرف كالأزواج، وحتى إنجاب الأطفال.
وأوضحت رفعت أنه مع الوقت أصبحت المساكنة هي النظام السائد، ولذلك نرى الكثير من المشاهير لديهم رفيقات ولديهن منهم أولاد عدة، وهم يعتبرون أنفسهم في حكم المتزوجين، دون توثيق زواج رسمي.
وأرجعت رفعت ذلك لقوانين الضرائب، وقالت إن الظروف الاقتصادية هي التي تدفع الناس لفعل ذلك، ولذلك فالحل الأفضل للنظر في هذه القضية هو النظر إليها ببعد اقتصادي أولاً ثم اجتماعي.
وقالت رفعت في حالة الغرب قبلوا المساكنة، لكن في مجتماعتنا فهذا أمر مرفوض، وبالتالي يتم اللجوء للزواج العرفي، باعتباره زواجاً شرعياً، لكنه غير موثق، فلا يشعر الزوجان بالإثم.
aXA6IDMuMTQ1Ljc2LjE1OSA= جزيرة ام اند امز