رسالة "حوار بطرسبرج للمناخ": إنقاذ الأرض في الاتحاد

يترقب العالم أن يُسفر حوار بطرسبرج للمناخ؛ عن تعزيز التعاون ومسارات مستدامة لحماية المناخ، والحد من احترار الأرض عن 1.5 درجة مئوية.
وقد انطلقت أعمال "حوار بطرسبرج للمناخ" الذي تنظمه ألمانيا ومصر في برلين، اليوم الإثنين.
وشارك في المنتدى الذي يُعقد على مدار يومين المستشار الألماني أولاف شولتس والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وتتشارك ألمانيا ومصر في تنظيم المنتدى، الذي يهدف أيضًا إلى تحديد مسار مؤتمر المناخ العالمي "كوب 27" المقرر عقده في أوائل نوفمبر/تشرين الثاني في مدينة شرم الشيخ الساحلية بمحافظة جنوب سيناء المصرية.
ومع الحرب الروسية في أوكرانيا وتصاعد أزمات الغذاء والطاقة والاقتصاد، أصبح الحفاظ على الزخم الدولي لقضية تغير المناخ أكثر صعوبة.
وفي يونيو/حزيران الماضي، قال مدير إدارة البيئة والتنمية المستدامة في وزارة الخارجية المصرية محمد نصر في مقابلة مع وكالة فرانس برس على هامش مفاوضات المناخ المرحلية في بون "بسبب الوضع الجيوسياسي، فإن قضية تغيّر المناخ تتراجع" على الساحة الدولية.
وتتركز المسائل الرئيسية العالقة لقضية تغير المناخ حول التمويل، مثل الأموال المخصصة للتكيف وقضية "الخسائر والأضرار" التي تواجهها أفقر البلدان التي تطالب بتمويل.
استشراف مزيد من التعاون العالمي
من جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش إلى مزيد من التعاون الدولي لمواجهة أزمة المناخ المتفاقمة.
وقال جوتيريش في رسالة عبر الفيديو اليوم الإثنين في مستهل "حوار بطرسبرج" بشأن المناخ في برلين: "أكثر ما يقلقني هو أننا غير قادرين على العمل معًا كمجتمع متعدد الأطراف في مواجهة هذه الأزمة العالمية"، مضيفًا أنه بدلًا من تحمل المسؤولية، استمرت دول في توجيه أصابع الاتهام إلى أخرى، وقال: "لا يمكننا الاستمرار على هذا المنوال".
وذكر جوتيريش أنه من أجل إبقاء الأهداف المناخية المتفق عليها حية وخلق مجتمعات قادرة على التكيف مع المناخ، يجب استعادة الثقة واتخاذ الإجراءات على نحو مشترك. ويتوقع جوتيريش أن تضطلع دول مجموعة السبع ومجموعة العشرين بدور ريادي في هذه القضية، وقال: "لدينا خيار. إما أن نتصرف سويا أو ننتحر سويا".
وخلال "حوار بطرسبرج" للمناخ يعتزم وزراء وممثلون من حوالي 40 دولة الاتفاق على المسار اللاحق في مكافحة تغير المناخ.
وحث قادة ألمانيا ومصر؛ الدول الصناعية على ألا تسمح للحرب الروسية الأوكرانية بتقويض معركتها ضد التغير المناخي
ألمانيا تحذر من زيادة عالمية للطاقة الأحفورية
فيما حذر المستشار الألماني أولاف شولتس من "زيادة عالمية للطاقة الأحفورية" نتيجة لأزمة الغاز التي سببتها الحرب الروسية في أوكرانيا. وأكد المستشار شولتس في كلمته إن الحرب الروسية "زادت من عزمنا" على تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2045.
وقال شولتس اليوم الإثنين في "حوار بطرسبرج" حول المناخ في برلين: "لا يمكن لأحد أن يرضى بأن تزيد حصة الطاقة المولدة من الفحم مرة أخرى.. الأهم الآن أن نوضح شيئا واحدًا: هذا إجراء طارئ لفترة زمنية محدودة ولن يكون على حساب أهدافنا المناخية".
وأكد شولتس أن هذا ينطبق أيضًا على الاستثمارات في البنية التحتية للغاز مثل محطات الغاز المسال، مشيرًا إلى أن هذه الاستثمارات يجب أن تتماشى مع هدف تحقيق الحياد الكربوني في ألمانيا وفي جميع أنحاء العالم في المستقبل، وقال: "على وجه التحديد: هذا يعني أننا لا نخلق أي اعتمادات جديدة ودائمة على مصادر الطاقة الأحفورية - لا هنا في ألمانيا أو في البلدان المنتجة".
وقال شولتس إنه إذا لم يتصرف العالم بشكل أسرع وأكثر حسما واتحادًا بشأن حماية المناخ، فلن يكون من الممكن تمكين الأجيال القادمة من عيش حياة كريمة، مضيفا أنه من المتوقع في غضون 30 عاما أن يزيد عدد الأشخاص على مستوى العالم بمقدار ملياري شخص عما هو عليه اليوم، موضحا أنه يتعين أن تتوفر لهم جميعا تطلعات للرخاء ولكوكب سليم، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أنه لا يمكن مطالبة المواطنين اليوم أن يكونوا أقل تنقلًا، وقال: "كيف يفترض أن يكون ذلك ممكنا في عالم تسوده العولمة ومتشابك؟".
وقال شولتش إن حماية المناخ لن تكون ناجحة إلا إذا كانت مدعومة من قبل غالبية المجتمع في جميع البلدان، وأضاف: "بعبارة أخرى: تنجح حماية المناخ إذا جعلت حياتنا أفضل بشكل ملحوظ - عبر إمدادات طاقة حديثة وبأسعار معقولة من خلال - على سبيل المثال - توربينات الرياح والأنظمة الشمسية بدلًا من المداخن، ومن خلال التنقل بدون عوادم.. يجب أن نتعامل مع التحول إلى الحياد المناخي كبرنامج تحديث يشمل العالم كله".
مصر تدعو العالم لدعم أفريقيا بمواجهة تحديات المناخ
وبدوره، حث الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ على دعم الدول الأفريقية للتعامل مع التحديات التي يتسبب فيها التغير المناخي، الذي وصفه بأنه بات يمثل تهديدا وجوديا للكثير من الدول والمجتمعات على مستوى العالم.
وقال السيسي، خلال افتتاح الجلسة رفيعة المستوى لحوار بطرسبرج للمناخ، إن القارة الأفريقية تتأثر بتحديات التغير المناخي "على نحو يفوق غيرها من المناطق بالنظر لخصوصية وضعها ومحدودية قدرتها على التعامل مع الأزمات وضعف حجم التمويل المتاح لها للتغلب على تلك الصعاب".
وأضاف :"لقد جاءت أزمتا الغذاء والطاقة الأخيرتين لتفاقما من حجم التحديات التي يتعين على الدول الأفريقية مواجهتها، إلى جانب ما يمثله تغير المناخ من تهديد حقيقي لدول القارة التي تعاني من التصحر وندرة المياه وارتفاع مستوى سطح البحر والفيضانات والسيول وغيرها من الأحداث المناخية القاسية التي أصبحت تحدث بوتيرة أكثر تسارعا وبتأثير أشد من ذي قبل".
وشدد على ضرورة "بذل كافة الجهود الممكنة لدعم دولنا الأفريقية وتمكينها من الاستفادة من ثرواتها الطبيعية وتحقيق التنمية الاقتصادية المتسقة مع جهود مواجهة تغير المناخ والحفاظ على البيئة، وذلك من خلال مقاربة شاملة تأخذ في الاعتبار الظروف الوطنية الاقتصادية والتنموية لكل دولة".
ولفت إلى أن استضافة مصر للدورة الـ 27 لمؤتمر الأطراف هذا العام تأتي في سياق عالمي يتسم بتحديات متعاقبة تأتي في مقدمتها أزمة الطاقة العالمية الراهنة، وأزمة الغذاء التي تعاني الكثير من الدول النامية من تبعاتها، فضلاً عن تراكم الديون وضعف تدفقات التمويل والتأثيرات السلبية لجائحة كورونا، بالإضافة إلى المشهد السياسي المعقد الناجم عن الحرب في أوكرانيا.
وأكد الرئيس المصري أن "هذا يضع على عاتقنا مسؤولية جسيمة كمجتمع دولي لضمان ألا تؤثر هذه الصعوبات على وتيرة تنفيذ رؤيتنا المشتركة لمواجهة تغير المناخ".
وتعهد بألا تدخر مصر جهدًا في سبيل إنجاح القمة العالمية للمناخ من خلال توفير البيئة المناسبة الجامعة لكافة الأطراف من الدول والمنظمات الدولية والمجتمع المدني وغيرها، بهدف تحقيق تقدم حقيقي على مختلف المسارات.
درع وقائي ضد مخاطر المناخ
ومن جهتها، تعتزم الحكومة الألمانية خلال "حوار بطرسبرج" حول المناخ عرض مفهومها حول إنشاء "درع وقائي" ضد المخاطر والأضرار الناجمة عن تغير المناخ في البلدان النامية.
وأعلنت وزارة التنمية الألمانية اليوم الإثنين في برلين أن الاقتراح يهدف إلى وضع قواعد لأنظمة الإنذار المبكر في البلدان المعرضة للخطر بشكل خاص، وصياغة خطط احترازية وإنشاء أنظمة تمويل سريع في حالة حدوث ضرر.
وقال وكيل وزارة التنمية، يوخن فلاسبارت: "لم يعد الأمر يتعلق بما إذا كانت الأضرار المناخية ستحدث، بل بعدد المرات التي ستحدث فيها، ومدى خطورتها ومدى تكلفتها - وخاصة من سيتأثر بها بشدة".
وأكد فلاسبارت ضرورة تعزيز حماية المناخ والتكيف مع الأضرار، وقال: "لقد حان الوقت لأن تتحدث البلدان الصناعية عن نقطة ثالثة بصدق: يجب أن نعترف بوجود أضرار مناخية وأن البلدان الأكثر ضعفا على وجه الخصوص بحاجة إلى تضامننا للتعامل معها. هنا نريد بناء جسور مع حلول ملموسة للمشكلات خلال مؤتمر المناخ العالمي القادم في مصر".