بالصور.. "غنا مصري" يحيي الموروث الشعبي
العرض الغنائي "غنا مصري" استهل أولى حفلاته في الأول من سبتمبر الجاري وينظمه صندوق التنمية الثقافية التابع لوزارة الثقافة المصرية
في قاعة مسرح الإبداع بمركز الإبداع الفني بالأوبرا المصرية، وعلى أنغام المزمار البلدي والربابة وآلات الإيقاع المصاحبة (الطبلة والرق والصاجات)، قدم الثلاثي ماهر محمود ورباب ناجي ومصطفى سامي عرضا باهرا لمدة ساعة ونصف من الغناء الطربي لمجموعة مختارة من القطع والمربعات والأناشيد والمواويل الشعبية من الفلكلور الغنائي المصري بقيادة المايسترو محمد باهر، وإشراف خالد جلال.
العرض الغنائي الذي استهل أولى حفلاته في الأول من سبتمبر الجاري (وسيتم استئناف حفلاته عقب انتهاء إجازة عيد الأضحى الأسبوع المقبل)، ينظمه صندوق التنمية الثقافية التابع لوزارة الثقافة المصرية، ويؤديه ثلاثة من المطربين الشباب المتخرجين في قسم الغناء بالاستوديو التابع لمركز الإبداع الفني؛ وهم: رباب ناجي، وماهر محمود، ومصطفى سامي، أصوات واعدة من أبناء الدفعة الثانية والثالثة لمركز الإبداع، وهذا العرض هو أول عمل خاص بخريجي قسم الغناء؛ ماهر محمود من الدفعة الثالثة، ومصطفى سامى ورباب ناجي من الدفعة الثانية، وقام بتدريبهم على الغناء المايسترو محمد باهر والذي استطاع أن يلون تلك الأصوات بنفس الأداء الشعبي بكل مواصفاته وبنفس أداء الرواد الأوائل مع احتفاظ كل صوت منهم بشخصيته الغنائية، أما الفرقة المصاحبة فكلها من الآلات الشعبية الأصيلة.
يقدم الثلاثي تجربة غناء فولكلورى شعبي، من قطع ومربعات ومواويل صعيدية وموالدية على إيقاعات المزمار البلدي والربابة والرق والصاجات، حظيت بإقبال منقطع النظير ولاقت تجاوبا جماهيريا وإعلاميا على مدار الأسبوعين الماضيين، بصورة أعادت إلى الأذهان عروض غناء الفن الشعبي في عصرها الذهبي في النصف الثاني من القرن العشرين، على يد أعلامه الكبار من الفنانين الشعبيين؛ أمثال محمد طه، وشوقي قناوي، ويوسف شتا، وخضرة محمد خضر، وياسين التهامي، وجملات شيحة، وفاطمة سرحان، ومحمد أبودراع، وإبراهيم خميس، وزين محمود.. وغيرهم.
وفي كلمته التي استهل بها عروض "غنا مصري" قال المخرج خالد جلال إن هذا اللون من الغناء لا يعرفه ولا يقدمه سوى أهله؛ في الوجه البحري أو في صعيد مصر؛ ذلك الفن الشعبي الأصيل الذي قدمه وأداه فنانون شعبيون كبار من طراز نادر لا يتكرر؛ في وقت كان هناك رواد كبار يرعون هذا اللون من الغناء ويعملون على حفظه ونشره في أرجاء المحروسة، زكريا الحجاوي، شوقي عبد الحكيم، صفوت كمال، فاروق خورشيد، وآخرون.
مشيرا إلى أن هذا اللون الغنائي أصبح يعاني من التجاهل، ونحن في أمس الحاجة لمن يعيده إلى الصورة الجميلة الناصعة التي تجلى فيها وظهر بها أمام الجمهور، ويستنهض جيلا جديدا من الأسماء تحمل الريادة بعد رحيل الرواد الأوائل أو تقدم العمر بهم ولم يعد لديهم القدرة على الغناء.
وخلال ساعة ونصف، أو ما يزيد قليلا، أدى المطربون الثلاثة وصلات رغنائية فلكلورية، استهلتها رباب ناجي بـ "سيدة يا سيدة.. يا أم الشموع القايدة"، ثم غنت "وبحب بلدي"، و"رايحة فين يا حاجة يا أم شال قطيفة". فيما غنى مصطفى سامي في مدح الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم)، ثم غنى موال "ساعة معاك". أما المطرب ماهر فحمود فغنى "يا جميل" و"قمرا سيدنا النبي"، وغنى الثلاثي "طه النبي".
يسعى خالد جلال، ومركز الإبداع الفني إلى إعادة الاهتمام بهذا اللون من الغناء الفلكلوري الشعبي الذي انحسر إلى حد كبير في العقود الأخيرة بوفاة أعلامه الكبار، متخصصين وفنانين ومؤدين، ومع تصاعد ألوان أخرى أهملت التراث الشعبي وساهمت في تواريه عن الساحة وغيابه عن الأنظار، ومنم هنا جاءت فكرة هذا المشروع القائم على تدريب وإعداد جيل جديد من المطربين الشباب الواعدين تحت إشراف أساتذة متخصصين، وبمصاحبة عازفين مهرة، وتلوين هذا النشاط بالمعرفة الموسيقية المعاصرة والتأكيد على خصوصية المؤدين.
التجاوب الكبير الذي لاقاه عرض "غنا مصري" أحيا آمالا كبيرة في تسليط الأضواء على هذا اللون من الغناء في الفترة القادمة والعمل على تشجيع أجيال جديدة من المطربين الشباب للتخصص فيه وأداء فنونه وإمتاع الجمهور بالمزيد من كنوز الفلكلور المصري الثري عبر قرون طويلة.