بالصور: القرية التراثية بأبوظبي سجل العطاء الحضاري الإماراتي
"القرية التراثية" التابعة لنادي تراث الإمارات، وجه بإنشائها سلطان بن زايد لتكون حاضرة أبوظبي في تعزيز الهوية الوطنية والسياحة التراثية
منذ إشهار نادي تراث الإمارات، في 3 يونيو 1997، كانت "القرية التراثية" هاجسا وفكرة مُلحّة لدى الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، ممثل رئيس الدولة، رئيس نادي تراث الإمارات، وبتوجيهاته الدائمة ومتابعته لكافة الإعدادات والإجراءات، وحرصه على أن تصبح القرية حقيقة واقعة، تفضل بافتتاحها رسميا، الجمعة، الموافق 20 إبريل 2001، في موقع استراتيجي في منطقة كاسر الأمواج في العاصمة أبوظبي، بجانب سارية العلم العملاقة.
تزامن ذلك مع مشروع تراثي ثقافي يجعل منها مركزًا ومنصة لتعزيز الهوية الوطنية والسياحة التراثية، وإبراز الجانب التراثي في دولة الإمارات العربية المتحدة أمام الزائرين، وتحقيق أَهداف النادي الاستراتيجية في تعزيز الهوية الوطنية وغرس مفردات تراث الآباء والأجداد في الجيل الحاضر والأجيال القادمة، وتعريف زوار الدولة من المقيمين والزائرين والضيوف والسياح بتراثنا العريق، وتفاصيل الحياة اليومية التي عاشها أبناء الدولة قبل مرحلة النفط.
واليوم لا تكتمل زيارة أبوظبي، من دون المرور بالقرية التراثية، التي أصبحت ثاني أبرز معالم أبوظبي التراثية والسياحية، بعد مسجد الشيخ زايد، ووجهة رئيسية في برامج السياح الأجانب، بعد أن وضعت المؤسسات والشركات السياحية، هذا المكان الأثير، على خارطة برامجها، لتستقبل يوميا ما بين 2000 إلى 2500، من المواطنين والمقيمين، وأعضاء الوفود الرسمية الزائرة للدولة، والسياح الأجانب من مختلف دول العالم، ويمثلون ما نسبته 75% من الزائرين، إلى جانب الوفود المدرسية والطلابية من الجامعات والمعاهد العليا في الدولة، حيث تتوافر لهم المعلومات الدقيقة حول مرافق ومشاريع ونشاطات القرية من خلال المدربين التراثيين التابعين للنادي، وحيث لا توجد قيود على التصوير، فينصح الزوار باصطحاب كاميراتهم لالتقاط الصور التذكارية مع الحرفيين المحليين الودودين في وسط المشاهد العريقة.
كما يمكنهم التقاط صور مع جمل أو حصان، وسط أجواء مفعمة بعبق التراث، ولمزيد من المعلومات، يستطيع الزائر الاستعانة بالمرشد السياحي في مكتب الاستقبال في القرية، وذلك لمساعدته في الحصول على الخدمات التي تقدمها شعبة خدمات الزوار بالقرية، ومنها: القيام بالجولات السياحية والثقافية، وذلك حسب جدول مواعيد الجولات، ومرافقة وفود المؤسسات التعليمية والمدارس الأجنبية الخاصة الزائرة للقرية، والإشراف على خدمات التاكسي، في حال طلب الزائر لهذه الخدمة، وكذلك تزويد الزائرين بالبروشورات (النشرات) من القرية والجهات السياحية والترويجية العاملة في الدولة، وكذلك كتيبات ونشرات توعوية من عدة جهات ومؤسسات وطنية وحكومية، مثل الشرطة السياحية والشرطة المجتمعية.
إن أول ما يلفت نظر الزائر للقرية التراثية، التي تتوزع على مساحة تزيد على 16 ألفا و800 متر مربع، تلك اللمسات الإبداعية في تصميمها المعماري الفريد، وفق طرز العمارة التقليدية، واستلهام جانب من طرز العمارة العسكرية في تصميم بوابتها، ومتحفها، الذي تم تصميمه كنموذج لقصر الحكم في أبوظبي وهو قصر الحصن، فيما تلمح جمال هذا التصميم المشيد على شكل قلعة أثرية، تزيد مساحته على (500) متر مربع.
حيث تأخذك الخطى لمشاهدة الأدوات الزراعية والأسلحة، وأدوات صيد اللؤلؤ، ودلال القهوة العربية، والأزياء الفلكلورية، كما يضم المتحف في أروقته العديد من كنوز التراث مثل أدوات الزينة النسائية القديمة، والحلي، وصوراً قديمة تجسد مراحل تاريخية، ومسكوكات إسلامية فضية وبرونزية وورقية قديمة، وأدوات صيد، وأسلحة قديمة وبخاصة البنادق، مع ركن خاص للمخطوطات النادرة، وركن الأرشيف التاريخي، كما ترى عددا من نسخ المصحف الشريف مكتوبة بخط اليد.
ويمكن أن تمتد متعة الزائر في المكان إلى مسرح أبوظبي، التابع للنادي، ويعد واحدا من المسارح الرئيسية في العاصمة، على مستوى تصميمه وتقنياته ومرافقه، وحجمه، إذ يتسع لـ 530 متفرجا، مع خشبة مسرح، مصممة وفق المسارح العالمية المتقدمة، ويتمتع مسرح أبوظبي الذي يجاور سارية العلم العملاقة، بتوافر أحدث تقنيات المسرح المعاصر، من أنظمة صوت وإضاءة وسينما وفيديو، بما ينسجم مع تقديم العروض المسرحية والغنائية والاحتفالات والمحاضرات والندوات الكبيرة، والمؤتمرات والفعاليات الثقافية والفنية المختلفة، بالإضافة إلى بهو لاقامة حفلات الاستقبال والتعارف والتكريم، بمساعدة طاقم فني يتمتع باحترافية عالية من حيث التخصص والخبرة وجودة الأداء.
من اللافت اليوم، أن القرية التراثية أصبحت تجذب السائح الأجنبي قبل العربي، ربما لأن الأجانب يجدون فيها شيئا جديدا بمعيار الجمالية والذائقة الفنية، كانت القرية تدفع من يراها أن يقارن بين الماضي والحاضر، ثم إن مشهد الكورنيش المطل كخلفية لها ربط بين التراث وما وصلت إليه إمارة أبوظبي في المجال العمراني، ومن هنا جاءت فكرة بناء القرية كنوع من التشبث بالهوية المحلية، وزرع الولاء وحب الوطن في قلوب الناس، هكذا تبدو القرية اليوم صرحا تراثيا ثقافيا نوعيا، وهي تغفو بأمان وثقة على الشاطئ، بأسلوب عمراني يجمع بين الزخرفة الإسلامية وآخر ما توصلت إليه الحضارة العمرانية من أساليب في البناء.