مشعر منى.. ماذا تعرف عن أكبر مدينة خيام في العالم؟ (صور)
توافد حجاج بيت الله الحرام، منذ صباح الخميس، إلى منى لقضاء يوم التروية تقربًا لله تعالى ولطلب العفو والمغفرة، فماذا تعرف عن هذا المشعر؟
طبقا لتسلسل أركان ومناسك الحج، يطأ ضيوف الرحمن مشعر منى بداية من صباح اليوم الثامن من شهر ذي الحجة 1443هـ، لقضاء يوم التروية واستعدادا لأداء باقي النسك.
الحج ركن عظيم من أركان الإسلام، وهي فريضة واجبة مرة واحدة في العمر على كل مسلم بالغ عاقل استطاع إليه سبيلاً، لقوله تعالى "وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا"، ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أيها الناس قد فرض عليكم الحج فحجوا"، رواه أبو هريرة وأخرجه البخاري والترمذي ومسلم.
وللحج فضائل كثيرة ومتنوعة، بينها أنه أفضل الأعمال والقربات عند الله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: (إيمان بالله ورسوله)، قيل: ثم ماذا؟ قال: (الجهاد في سبيل الله)، قيل: ثم ماذا؟ قال: (حج مبرور)، رواه البخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي، وأحمد.
أيضا الحج يعدل الجهاد في سبيل الله، وينوب عنه لمن لا يقدر عليه ومن لا يُكلف به، فعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: "يا رسول الله، نرى الجهاد أفضل العمل، أفلا نجاهد؟ قال: (لا، لكن أفضل الجهاد حج مبرور)، رواه البخاري كتاب الحج حديث رقم 1423.
والحج المبرور ليس له ثواب إلا الجنة، وهو سبب لغفران الذنوب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: (من حج لله فلم يرفث ولم يفسق، رجح كيوم ولدته أمه)"، رواه البخاري 1424.
ما هو مشعر منى؟
مشعر منى هو وادٍ تحيط به الجبال من الجهتين الشمالية والجنوبية، وجمرة العقبة من جهة مكة المكرمة، ووادي محسر من جهة مشعر مزدلفة، ولا يُسكَن إلا مدة الحج.
ومنى من أكبر المشاعر المقدسة، تبلغ مساحته بحدوده الشرعية 16.8 كيلومتر مربع، ويقع على بعد 7 كيلومترات شمال شرق المسجد الحرام.
هذا المشعر المقدس أكبر المشاعر مساحة في مكة المكرمة، وهو ملتقى حجاج بيت الله الحرام في أطيب بلد وأحب البقاع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ويعد منى أحد أكبر المشروعات التي نُفذت بالمملكة لإيواء الحجاج بمساحة مقدرة بـ2.5 مليون م2، وفق مواصفات تحقق مزيدا من الأمن والسلامة، باستيعاب 2.6 مليون حاج، وبهذا يكون المشعر أكبر مدينة خيام في العالم.
ومشعر منى من السنن المؤكدة في الشريعة الإسلامية يقضى بقدوم الحجاج المقرنين أو المفردين بإحرامهم إلى منى يوم التروية، والمبيت فيه في طريقهم للوقوف بمشعر عرفة.
أعمال الحجاج في مشعر منى
يطلق على منى "أكبر مدينة خيام في العالم"، وفيها يستقر حجاج بيت الله الحرام لقضاء يوم التروية وليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات.
ويقضي الحجاج يوم التروية في منى، حيث يرتوون فيه من الماء، ويحملون ما يحتاجون إليه، اقتداء بسنة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
ثم يتدفق الحجاج صباح الجمعة، الموافق 9 من ذي الحجة، إلى صعيد جبل عرفة على بُعد 12 كيلومتراً من مكة، ليشهدوا الوقفة الكبرى ويقضوا الركن الأعظم من أركان الحج، وهو الوقوف بعرفة، ثم ينفر الحجيج مع مغيب شمس يوم عرفات إلى مزدلفة.
على أن يعود الحجاج إلى منى صبيحة اليوم العاشر لرمي جمرة العقبة والنحر، ثم الحلق والتقصير والتوجه إلى مكة لأداء طواف الإفاضة.
وبهذا يقضي الحجاج في منى أيام التشريق الثلاث (11 و12 و13 من ذي الحجة) لرمي الجمرات الثلاث، مبتدئين بالجمرة الصغرى ثم الوسطى ثم جمرة العقبة (الكبرى)، ويمكن للمتعجل من الحجاج اختصارها إلى يومين فقط، حيث يتوجه إلى مكة لأداء طواف الوداع وهو آخر مناسك الحج.
مشعر منى.. مكانة تاريخية
مشعر منى ذا مكانة تاريخية ودينية، به رمى نبي الله إبراهيم عليه السلام الجمار، وذبح فدي إسماعيل عليه السلام، ثم أكد نبي الهدى صلى الله عليه وسلم هذا الفعل في حجة الوداع وحلق، واستنَّ المسلمون بسنته يرمون الجمرات ويذبحون هديهم ويحلقون.
ويشتهر المشعر بمعالم تاريخية، منها الشواخص الثلاث التي ترمى، وبه مسجد "الخيف"، الذي اشتق اسمه نسبة إلى ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، والواقع على السفح الجنوبي من جبل منى، وقريباً من الجمرة الصغرى.
وصلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم والأنبياء من قبله، فعن يزيد بن الأسود قال: "شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حجته فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف"، ولا يزال قائماً حتى الآن، ولأهميته تمت توسعته وعمارته في عام 1407هـ.
ومن الأحداث التاريخية الشهيرة التي وقعت في منى، بيعتا العقبة الأولى والثانية، ففي السنة 12 من الهجرة كانت الأولى بمبايعة 12 رجلاً من الأوس والخزرج لرسول الله صلى الله عليه وسلم تلتها الثانية في حج العام الـ13 من الهجرة وبايعه فيها عليه السلام 73 رجلاً وامرأتان من أهل المدينة المنورة في الموقع نفسه.
كما نزلت بها سورة "المرسلات"، لما رواه البخاري عن عبد الله رضي الله عنه قال: "بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار بمنى إذ نزل عليه (والمرسلات) وإنه ليتلوها وإني لأتلقاها من فيه، وإن فاه لرطب بها".
وعلى امتداد الخلافة الإسلامية بنى الخليفة المنصور العباسي مسجداً عُرف بمسجد البيعة في ذات الموضع سنة 144هـ وأعاد عمارته لاحقاً المستنصر العباسي ويبعد نحو 300 متر من جمرة العقبة على يمين الجسر النازل من منى إلى مكة المكرمة.
aXA6IDMuMTQ0LjguNzkg جزيرة ام اند امز