"تسييس الحج".. الدوحة تغرق في الوحل الإيراني
قطر انزلقت في الوحل الإيراني بمحاولتها تسييس الحج على غرار إيران، ما يؤكد دورها في تطبيق الأجندة الإيرانية في المنطقة.
بمساعي قطر لتسييس الحج، أعظم شعائر المسلمين، ومحاولاتها ربط الحج بخلافها مع الدول الداعية لمكافحة الإرهاب والتي تسعى لتجفيف منابع هذا الخطر ووقف تمويله، انزلقت الدوحة أكثر في الوحل الإيراني، وأكدت مجدداً دورها في تطبيق الأجندة الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط بامتياز.
فالشكوى القطرية التي تقدمت بها الدوحة للمقرر الخاص بالأمم المتحدة المعني بحرية الدين والعقيدة والتي زعمت فيها أن السلطات السعودية تضع عراقيل وصعوبات أمام القطريين لأداء مناسك الحج، تجعل الدوحة تنضم بارتياح إلى المعسكر الإيراني والتاريخ الإيراني الطويل الذي سعى لتسييس أعظم شعائر المسلمين، منذ بدء نشأة إيران عام 1979، ومطالبها بتدويل إدارة الحرمين الشريفين.
فإيران لعبت دوراً كبيراً في هذا الأمر، من خلال محاولة إيرانيين يؤدون مناسك الحج التدخل في تنظيمه وتحويل مسار شعائره واختراع نداءات وصيحات بزعم دعم الدولة الفلسطينية ضد أمريكا وإسرائيل.
اختراع الخوميني
بدأت المحاولات الإيرانية تلك في موسم حج عام 1987؛ إذ نظم حجاج إيرانيون مظاهرة غير مرخص بها خلال وقفة عرفات، في إطار ما يعرف بـ"طقس البراءة من المشركين"، وهي شعيرة إيرانية يطلق فيها الحجيج الصيحات للتنديد بالولايات المتحدة وإسرائيل ممزوجة بشعارات دينية وتكبير.
لا يكتفي الإيرانيون بهذه النداءات والصيحات المخالفة لتعاليم الحج لكن يتبعها أيضاً إلقاء ممثل الفقيه في بعثة الحج على الحجاج الإيرانيين خطبة المرشد، التي غالبا ما تكون خطبة سياسية تتعلق بخصوم إيران.
وترجع أصول هذا الطقس إلى الخميني، مؤسس إيران، فهذا طقس لا وجود له بالإسلام أو حتى في مذهب إيران الديني.
وقال المرشد الحالي علي خامنئي، الاثنين، إن "الراحل الخميني كان يقول إن الحج من دون إعلان البراءة ليس مقبولا".
وترفض المملكة العربية السعودية وجموع المسلمين ممارسة هذا الطقس، ضمن العديد من الممارسات الشيعية الإيرانية التي يحاول بها النظام الإيراني مغايرة طقوس الحج والقفز على تعاليمه، بسبب بعدها عن الدين وأيضا خطورتها على الحجيج.
أيضاً خلال موسم حج عام 1987 تحولت هذه المراسم إلى صدامات دامية، بين البعثة الإيرانية والأمن السعودية، أسفرت عن سقوط المئات من القتلى والجرحى بسبب محاولة الإيرانيين إقامة تلك الطقوس المخالفة للدين والعقيدة الإسلامية.
ونتيجة تلك الأحداث الدامية قطعت الرياض علاقتها الدبلوماسية مع إيران، وتم تقليل العدد المسموح به من الحجاج الإيرانيين.
أما طهران فقامت بمقاطعة الحج في المواسم الثلاثة التالية، إلى أن سمحت المملكة عام 1991 بعد اتفاق يسمح للإيرانيين بممارسة فريضة الحج مرة أخرى، ووضع حدٍّ أقصى للحجاج الإيرانيين يبلغ 115 ألف حاج، مع السماح لهم بالتظاهر، لكن في مكان واحد تُخصصه السلطات السعودية.
تدويل الحج
عقب حادث "منى" وتدافع الحجاج عام 2015، الذي أسفر عن مقتل نحو 2300 شخص بينهم أكثر من 450 إيرانيا، أرادت إيران أن تستغل هذه الواقعة لصالحها سياسيا، فطالبت بتدويل إدارة الحج، ومنعت حجاجها من المشاركة في موسم الحج الماضي عام 2016، بزعم أن الرياض لم توفر الضمانات الكافية للحجاج الإيرانيين، ورفضت مطالبها للسماح لهم بإقامة "دعاء كميل" ومراسم البراءة و"نشرة زائر"، وكلها تجمعات تعيق حركة بقية الحجاج من دول العالم الإسلامي وتفقز على تعاليم وأصول الحج.
وحسب التحقيقات التي أجرتها السلطات السعودية ثبت تورط عدد من كبار المسؤولين الإيرانيين كانوا قد دخلوا موسم الحج دون جوازات دبلوماسية، ووصل عددهم لـ16 شخصية أمنية وعسكرية ودبلوماسية، بينهم سفير إيران السابق بلبنان غضنفر ركن أبادي.
وإضافة إلى الأعمال التخريبية التي قامت بها إيران في مواسم الحج تعمل طهران على طرح قضية "تدويل الحج" منذ سنين، حيث طالب مرشدها مرارا بإعادة النظر فيما يتعلق بإدارة الحرمين الشريفين والحج لكن دون أن تجد تلك الدعوات المغرضة أي صدى لدى الدول العربية والإسلامية.
ويتوافق موقف الدوحة وطهران ومحاولتهما استغلال الحج سياسيا، مع ادعاءات الرئيس الليبي السابق معمر القذافي، حينما كانت ليبيا محاصرة جوياً، حينما ادعى منع الحجاج الليبيين من الوصول للأراضي المقدسة بسبب خلافه مع الرياض آنذاك.
إلا أن المملكة العربية السعودية نفت ذلك وأكدت السماح للحجاج الليبيين بالدخول عبر عدة وسائل أبرزها مصر أو تونس، وهو ما تم فعلا، حيث لم تمنع المملكة أي حاج.