لون أخضر "خطير".. إزهار النباتات مبكرا يحذرنا من الاحترار العالمي
يكشف الإزهار المبكر للنباتات مقارنة بالعصور الماضية، عن تحولات جذرية في الكوكب بسبب التغير المناخي وارتفاع درجات الحرارة؛ وهو ما تحاول الطبيعة التأقلم معه.
ولا يملك النبات خلايا عصبية، لكنه يفاجئنا كل يوم بقدراته الفريدة، على عكس ظنوننا في أنه كائن ضعيف، ثابت في موقعه، لا يستطيع الدفاع عن نفسه، ما جعله غذاءً متاحًا لجميع المخلوقات.
لكن الحقيقة العلمية تقول إنه يشعر بما يحصل حوله، بل ويتخذ ردود فعلٍ، وهذا ما كشفت دراسة حديثة أجرتها مجموعة بحثية دولية؛ إذ درس الباحثون السبب وراء إزهار النباتات في وقت مبكر مقارنة بالماضي؛ خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة؛ بسبب التغير المناخي.
واتضح أنّ السر وراء ذلك، هي عملية تحصل داخل بروتين يعمل كمستشعر للحرارة، ويهيأ النبات داخليًا للإزهار مبكرًا، ونُشرت الدراسة في دورية «بروسيدينجز أوف ذا ناشونال أكاديمي أوف ساينسز أوف ذا يونيتد استاتس أوف أميركا» (Proceedings of the National Academy of Sciences of the United States of America) في 3 يوليو / تموز 2023.
استشعار الحرارة؟
لتبسيط الفكرة قليلًا، للنبات ساعة بيولوجية، مثلنا تمامًا، في العادة، ينام الإنسان في الليل؛ حيث درجات الحرارة المنخفضة نسبيًا مقارنة بالنهار، لكن عندما تخترق أشعة الشمس الغرفة مع طلوعها في الصباح؛ فهذه إشارة للإنسان ليستيقظ؛ إذ يستشعر جسمه الحرارة ويبدأ في اتخاذ رد فعل، وهو الاستيقاظ،
وهكذا بمرور الوقت تُضبط الساعة البيولوجية، ونفس الإنسان يستيقظ كل يوم في نفس التوقيت؛ حتى وإن حصل في يوم أنّ أشعة الشمس لم تخترق غرفته.
نفس الأمر بالنسبة للنباتات؛ فهي الأخرى تمتلك ساعة بيولوجية، وهذه الساعة، تحدد لها الوقت المناسب للإزهار أو إنتاج الثمار أو النمو أو التكاثر وهكذا، وتتأثر تلك الساعة بالحرارة.
ولكي تستشعر النباتات الحرارة؛ فهي تحتاج إلى عضو ما، يُنبهها بالحرارة. وهو بروتين يُعرف بـ(ELF3)، اختصارًا لـ(Early Flowering 3) أو الإزهار المبكر 3.
يربط بروتين (ELF3) بين الإشارات البيئية الخارجية مثل: درجات الحرارة والضوء، مع إشارات النمو الداخلية، وبناءً عليه، يستطيع النبات تحديد التوقيت المناسب للنمو والإزهار.
تجربة
استخدم الباحثون عينات من نبات «رشاد أذن الفأر» (Arabidopsis thaliana)، لدراسة تأثير الحرارة على بروتين (ELF3)، ووجدوا أنه مع ارتفاع درجات الحرارة، تحصل عملية كيميائية شهيرة، وهي «فصل الطور السائل عن السائل» (LLPS) داخل البروتين، وهي عملية مهمة تساعد في فصل الجزيئات الكبيرة والمعقدة مثل البروتينات والأحماض النووية.
واتضح أنّ عملية فصل الطور السائل عن السائل في هذا النبات ترتبط بارتفاع درجات الحرارة في البيئة المحيطة، وبسبب بعض التفاعلات التي تحصل خلالها، يستشعر النبات الحرارة، ويبدأ في اتخاذ رد فعّل متعلق بتوقيت إزهار النباتات؛ فيتقدم وقت الإزهار، ومعه العواقب؛ فعندما يحصل الإزهار في وقت أبكر من المعتاد، ينتج النبات بذورا أقل وكتلة حيوية أقل، ما يعود بالسلب على المحصول.
فائدة محتملة
في حال ما إذا تمكن الباحثون من التحكم في توقيت حدوث عملية فصل الطور السائل عن السائل من خلال التحكم في بعض الأحماض الأمينية، سيتسنى تأخير وقت إزهار النباتات، وبالتالي يُتاح له المزيد من الوقت؛ ليُكوّن بذور وكتلة حيوية أكبر.
وإذا تمكنوا من التحكم في الجين المُنتج لبروتين (ELF3)، سيتمكنون من تطبيق نفس الأمر مع أنواع النباتات الأخرى، ما يُساعد في تحقيق التكيف للنباتات مع الاحترار العالمي الذي يشهده كوكبنا اليوم.
aXA6IDE4LjIyNC41My4yNDYg جزيرة ام اند امز