إليوت في ذكرى وفاته.. شاعر ونساء واستحالة الأصالة المطلقة
ت.س.إليوت واحد من أهم شعراء القرن العشرين الذين تأثر بهم شعراء العالم، وكان من بيهم شعراء عرب مثل صلاح عبدالصبور وخليل حاوي وأمل دنقل
يُعد الشاعر الإنجليزي ت.إس.إليوت، الذي تحل ذكرى وفاته الـ54، الجمعة، واحدا من أهم شعراء القرن العشرين، فقد كان صاحب طريقة خاصة، تأثر بها الكثير من الشعراء حول العالم كله.
ومن أشهر شعراء العرب الذين تأثروا به صلاح عبدالصبور وخليل حاوي وأمل دنقل وغيرهم، لكن العديد من قارئي إليوت ربما لا يعلمون الكثير عن حياته الخاصة أو اهتماماته النقدية والفكرية الأخرى.
1- مشاهد من حياته الخاصة
تنقسم علاقة إليوت بالنساء إلى قسمين، الأول منها هو فترة زواجه من زوجته الأولى في عام 1915، والتي انفصل عنها في عام 1933، حيث سافر إلى أمريكا ليلقي بعض المحاضرات عن النقد والشعر، ومن هناك أرسل لمحاميه بالمضي في إتمام إجراءات الطلاق، وعندما عاد وصارح زوجته التي كانت مصابة باضطرابات عصبية بالأمر، أصابها الجنون، ودخلت مصحة لم تخرج منها حتى وفاتها عام 1947.
وظل إليوت عازفاً لفترة طويلة عن الزواج بعد انفصاله عن زوجته الأولى، وكأنه يعاقب نفسه على ما فعله مع زوجته الأولى، لكن ذلك لا يعني أن حياته كانت خالية من النساء، بل كانت مليئة بصداقات نسائية متعددة.
وفي 10 يناير/ كانون الثاني 1957، تزوج إزمي فاليري فليتشر، التي ارتبط اسمها بإرث إليوت الأدبي غير المنشور بعد وفاته، وكانت إزمي زميلته في شركة فابر وفابر. وظلا متزوجين حتى وفاته عام 1965، وبعد وفاته كرست نفسها للحفاظ على إرثه ورسائله، وتحرير وإضافة ملاحظات إلى "رسائل ت.س. إليوت".
ومن مفارقات حياته الخاصة أيضا أنه في عام 1923، أي أثناء زواجه الأول، استأجر إليوت شقة في وسط لندن، وانتحل لقب "الكابتن"، وطلب من حارس العمارة ألا يفتح الباب إلا لمن يسأل عن الكابتن.
وحين كان يدرس في باريس قبل ذلك بسنوات عديدة درج على تأييد الجماعات الفاشية هناك، لذلك فإنه في هذا العام أرسل خطابا إلى صحيفة "ديلي ميل" البريطانية يهنئها فيها على تأييد "موسوليني"، وكان لهذه السلوكيات أساس من تصرفاته الشخصية، فقد كان انطوائيا بالأساس، لا يحب الناس ولا يقبل عليهم، وكان "لا يرى أبعد من نفسه" كما قال ذات مرة عنه تلميذه ستيفن سبندر.
وتشتبك هذه السيرة الذاتية مع ادعاءات أن إليوت كان رجلا متعاليا جامد العواطف باردا، وتنفيها، حيث تسرد السيرة الكثير من المواقف التي تثبت أن إليوت كان يعاني حساسية مفرطة، وكان شديد القسوة على نفسه، وكان دائماً يحاول التحكم في مشاعره، ومع ذلك كان سريع الغضب وشديد الحساسية، ولم يكن يحتمل الضجيج، أو إزعاج الجيران، وكذلك كان يضطرب لروائح معينة، لذا لم يكن يرى أي خلاص إلا في العمل والكنيسة.
2- إليوت الناقد
أما إليوت كناقد فكان دائما ما يرسخ لفكرة عامة، وهي أن الأصالة المطلقة مستحيلة، وأن الأفكار متفرقة، مجزأة ملك الإنسانية جمعاء، لذا فإنه دائما كان يرسخ للتأثر (الهاضم) غير ماس بأصالة الكاتب، وعنده أن الانفعالات الذاتية للكاتب قد تظهر في عمله الأدبي، ولكن لا تتراءى إلا من خلال الأحداث، فالعمل الأدبي من وجهة نظره أشبه بمركب كيماوي تختفي فيه شخصية الكاتب المباشرة لتظهر في طابع جديد معتمد على الفكر الخلاق، لا على الانفعالات، أي أن الكاتب يهرب من التعبير المباشر عن انفعالاته الحقيقية في تعبيره الأدبي، وقد يبرع في تصوير الألم في التجارب التي يتمثلها، أكثر من تعبيره عن الآلام التي يعانيها هو في حياته، وكان من مقولاته التي يرددها كثيرا "إن النقد الأمين والتذوق الحساس لا ينصبان على الشاعر وإنما على الشعر".
3- إليوت المفكر
كان شديد الارتباط بالكنيسة، فكان يعلي من شأن "الكاثوليكي"، لذا فقد رفض الفلسفات المادية الموجودة في عصره رفضا قاطعا، وقد أعلن إليوت ذلك مراراً وتكرارا في قوله إنه "كلاسيكي في الأدب، ملكي في السياسة، وكاثوليكي في الدين". وذهب إليوت إلى حد الدعوة بأن يعاد النظر في أمر الثقافة الأوروبية بوجه عام. حتى تثبت دعائمها على أسس كاثوليكية مسيحية.
ورغم ذلك لم يكن إليوت يحمل الكاثوليكية على معناها الضيق، الذي يؤكد جوانب الطقوس والشعائر، وإنما كان يحلم بخلق مجتمع إنساني ديني مترابط يتجاوز الحواجز القومية.
وكان ت.س. إليوت قد ولد بالولايات المتحدة الأمريكية في 26 سبتمبر 1888، بولاية ميزوري غرب الولايات المتحدة الأمريكية، قبل أن ينتقل إلى بريطانيا في 1914، وكتب هناك معظم أعماله الشعرية، قبل أن يحصل على جائزة نوبل في الآداب عام 1948، وتوفي 4 يناير من العام 1965.
aXA6IDEzLjU4LjIwNS4xNTkg جزيرة ام اند امز