التسمم يلاحق فتيات إيران.. شبح المدارس يخيف الأهالي
يخشى إيرانيون من إرسال بناتهن إلى المدارس والجامعات، بعد تتابع أنباء عن إصابات متعمدة بالتسمم، بينما أعلنت السلطات عن فتح تحقيقات.
الحالة الأولى ظهرت الأسبوع الماضي في محافظة قم وسط إيران، لتمتد إلى محافظتي قزوين وآراك، ووصف المدعي العام الإيراني هذه الأنباء بأنها "اتجاه مقلق لنوع من التسمم"، وطالب وكيل نيابة قم بمتابعة الأمر.
وأعلن المدعي العام في إيران محمد جعفر منتظري، عن "إمكانية اتخاذ إجراءات جنائية" في هذه القضية، مضيفاً أنه على الرغم من متابعة الجهات التعليمية والصحية والاستخباراتية لهذه القضية، فقد طلب من حسن غريب النائب العام لما يسمى محكمة الثورة في قم "ملاحقة الأمر بمزيد من الاجتهاد والسرعة والدقة".
وطالب المدعي العام في قم باتخاذ إجراءات حازمة وقانونية إذا كان هناك إهمال أو ذنب أو تآمر.
وتجمع آباء وأمهات قبل أيام أمام مبنى محافظة قم وطالبوا بإغلاق المدارس حتى توضيح الأمر ومتابعة السلطات.
وأعلنت جامعة قم للعلوم الطبية، الأحد، عن نقل 11 طالبا جديداً إلى المستشفى بسبب التسمم. وبحسب وكالة الطلبة الإيرانية فإن هؤلاء الطلاب يعانون من فشل في التنفس والتهاب في الحلق وغثيان.
ومنذ أن بدأت أنباء حوادث التسمم في محافظة قم وسط إيران بعد تسجيل تسمم 200 طالبة، أدلى بعض مسؤولي إيران بتصريحات متناقضة.
وقد تسمم 107 طالبات في مدارس البنات في محافظة قزوين شمال إيران، الأحد، فيما تسممت 50 طالبة في مدينة بروجرد وسط إيران.
وقال النائب السياسي والأمني لمحافظة لورستان ماجد منامي، الأحد، تم تسميم 107 طالبات من ثانوية بانزده خرداد للبنات في بروجرد.
وأعلن ماجد منامي، نقل المصابين بالتسمم إلى مستشفيين، وظهرت على الطالبات أعراض الغثيان والدوار، وعقد مجلس الأمن في بروجرد اجتماعا طارئاً. وأكد أن فرق الخبراء ذهبت إلى المدرسة للتحقيق في السبب الدقيق للمشكلة.
ومازال حالات التسمم مستمرة، فيما أقرت وزارة الصحة بأن الحادث يحدث عمداً بهدف منع الفتيات من الدراسة.
وأعلنت لجنة التربية والتعليم في البرلمان الإيراني، عن عقد اجتماع قريبًا بحضور وزيري الصحة والاستخبارات في هذا المجال.
تيار متشدد في قم وأصفهان وراء التسمم
من جانبه، قال محمد تقي فاضل مبيدي، رجل الدين الإصلاحي في حديثه لموقع صحيفة "شرق" الإصلاحية، إن التسمم في مدارس البنات موجه من قم وأصفهان.
وحمل مبيدي ما يسمى بجماعة "الألفية" المسؤولية عن هذا الأمر، وقال: "هذه الجماعة والإيديولوجيا تؤمن بأن الفتيات لا يجب أن يدرسن أو يجب أن يدرسن حتى الصف الثالث الابتدائي، وهذا التيار هو تيار ديني ومناهض للحداثة.
وأعلن فاضل مبيدي هذه المعلومة بناءً على بحث أجراه عالم اجتماع، وأضاف أنه لا يمكنه ذكر اسمه. وأثناء مقارنة جماعة "الألفية" بطالبان، أعرب عن دهشته من عدم متابعة الحكومة والمؤسسات الأمنية لهذه العملية وتوضيحها للشعب.
وتمت مشاركة قائمة على الشبكات الاجتماعية توثق حالات تسمم متعددة في مدارس البنات في مدن عدة، وتوضح هذه القائمة أن الحادثة لا تقتصر على قم وبروجرد، بل وقعت أيضًا في فاردانجان وشهرمحل وبختياري وساري وأردبيل وقوتشان وتربة جام وطهران وقزوين.
ونشر حساب على "تويتر" 1500 صورة لرسالة من ثانوية رضوي في قم تقول: "تسمم الطلاب ليس طبيعيا. وتصبح أرجلهم مخدرة وآلام في المعدة وصداع وضيق في التنفس. ويُنقل بعض الأطفال إلى المستشفى ويخرجون من المستشفى، وبعضهم يدخل المستشفى ليوم واحد، لكن هؤلاء الأطفال لا يتحسنون، وبعد أيام قليلة سترتخي أرجلهم وستعود الأعراض".
ويرى أحمد أمير آبادي فراهاني، ممثل قم في البرلمان الإيراني، أن هذا الأمر "مبالغ فيه"، لكن رغم ذلك، قال لوكالة تسنيم للأنباء إن "السؤال يطرح حول سبب وقوع حوادث تسمم في مدارس البنات الثانوية في قم وهذا مشبوه ويجب عمل المزيد من التحقيقات".
وفي وقت سابق، لم يعتبر مجتبي ذو النوري، نائب آخر عن مدينة قم في مجلس النواب، "تكرار" حوادث تسمم الطلاب في مدارس قم "أمرًا طبيعيًا"، وقال إن "المسؤولين الأمنيين" يتابعون هذه القضية، كما تحدث النائب السياسي والأمني لمحافظة قم عن احتمال أن تكون هذه التسممات "متعمدة".
وفيما يتعلق بالتسمم المتسلسل للطالبات في مدارس البنات، قال نائب وزير الصحة الإيراني، يونس بناهي، إن "الناس يريدون إغلاق جميع المدارس، وخاصة مدارس البنات".
وبحسب تقرير لوكالة أنباء الطلبة "إيسنا"، إنه "منذ بداية يناير الماضي، نُقلت أكثر من 300 طالبة في 12 مدرسة على الأقل في قم ومدرستين في بروجرد إلى المستشفى بسبب تسمم في الجهاز التنفسي". وحتى الآن، لم يتم القبض على أي شخص فيما يتعلق بحالات التسمم هذه.
كما قال علي رضا منادي، رئيس لجنة التعليم والبحث في البرلمان الإيراني، إنه يتابع عمليات التسمم "المتعمد" للطالبات.
وقال إن "نائب وزير الصحة أكد تعمد تسميم طالبات في قم وهو ما لم يكن خبرا جيدا"، مضيفاً أنه وفقًا للأنباء الواردة، فإن السم المستخدم لم يكن سمًا شديد الخطورة، لكن حقيقة وجود "إرادة وفكر شرير" وراء الحادث لمنع الفتيات من التعليم هو خطر كبير.
وفي الأيام الأخيرة، قال بعض النشطاء على "تيلغرام" إن مجموعة تسمى "مضحي ولاية الفقيه" وراء تسميم الطلاب وهدفهم هو "إجبار الطالبات على البقاء في المنازل".