شبح الماضي.. تعويضات الحرب العالمية تعكر علاقات ألمانيا وبولندا
عاد ملف تعويضات الحرب العالمية الثانية ليلقي بظلاله على العلاقات البولندية–الألمانية، بعدما وجّه رئيس الوزراء البولندي، انتقادات مباشرة لبرلين.
وكان المفترض، حسب مجلة بوليتكو الأمريكية، أن تعكس قمة رئيس الوزراء البولندي، دونالد توسك، والمستشار الألماني، فريدريش ميرتس في برلين، روح الوحدة والتقارب بشأن قضايا الدفاع ودعم أوكرانيا.
غير أن الجدل القديم-الجديد حول التعويضات وإعادة الممتلكات المصادرة خلال الحقبة النازية، طغى على الاجتماع، ليؤكد استمرار الحساسية العميقة لهذا الملف.
وقال ميرتس في مؤتمر صحفي مشترك: "يجب أن نُبقي الذكريات الحيّة، حتى المؤلمة منها. وآمل أن يكون ذلك بطريقة تجمعنا ولا تُقسّمنا".
لكن توسك، الذي يتعرض لضغوط من حزب "القانون والعدالة" القومي المعارض، تمسّك بموقف أكثر صرامة، معتبرًا أن ألمانيا لم تعوض بولندا بشكل عادل عن الخسائر والجرائم التي وقعت بين عامي 1939 و1945.
وقال: "في بولندا، هناك قناعة عامة بأن بلادنا لم تحصل على التعويض المستحق عن خسائر الحرب العالمية الثانية."
يشار إلى أن توسك بعد إعادة انتخابه في 2023، لم يسع للحصول على التعويضات التي طالبت بها حكومة حزب القانون والعدالة السابقة، وتقدر بـ1.3 تريليون يورو، لكنه أعاد فتح الملف مجددًا، رافضا حجّة برلين بأن بولندا تخلّت رسميًا عن حقها في المطالبة بالتعويضات في خمسينيات القرن الماضي، إبان سيطرة الاتحاد السوفياتي عليها.
ويقول سياسيون من حزب "القانون والعدالة"، ومن بينهم الرئيس البولندي كارول نافروتسكي، إن التنازل عن المطالبة بالتعويضات كان نتيجة ضغوط سوفياتية، ولا يعكس إرادة البولنديين. ووافق توسك على هذا الطرح.
ويأتي هذا الخلاف ليهدد جهود الجانبين في معالجة قضايا أخرى عالقة، مثل القيود على الحدود الوطنية، والتحقيقات الألمانية المتعلقة بتفجيرات خط "نورد ستريم" تحت بحر البلطيق، بالإضافة إلى ملفات دفاعية حساسة.
من جهة أخرى، كان ميرتس قد وعد عند توليه منصبه بتعزيز العلاقات مع بولندا، وزار وارسو في أول يوم كامل له في الحكم، كما اعتبر أن "مثلث فايمار" — الذي يضم ألمانيا وبولندا وفرنسا — يمكن أن يكون ركيزة قوية لبناء استراتيجية دفاعية أوروبية مشتركة.
وفي محاولة لتهدئة الغضب البولندي، أعلنت الحكومة الألمانية سلسلة إجراءات رمزية، رغم أن تأثيرها المتوقع داخل بولندا يبدو محدودًا، إذ أكد ميرتس أن برلين ستواصل العمل على إنشاء نصب تذكاري لضحايا بولندا الذين سقطوا تحت الاحتلال النازي.
كما تعهّدت حكومته بإعادة القطع الثقافية البولندية التي نُهبت خلال تلك الحقبة.
وأصدرت الحكومتان بيانًا مشتركًا تعهّدتا فيه بـ "دراسة إمكانيات تقديم مزيد من الدعم للضحايا البولنديين للعدوان النازي"، في إشارة إلى خطة قديمة طرحها المستشار السابق أولاف شولتس لتقديم مساعدات مالية للبولنديين الذين ما زالوا على قيد الحياة، وهي خطة لم تُنفّذ حتى الآن.
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTExIA== جزيرة ام اند امز