شرطيات المرور في السودان.. ثقة تخطف الأضواء بشوارع الخرطوم
لم يكن عمل المرأة السودانية في قوات الشرطة بالأمر المستغرب، لكن انتشار فتيات بشوارع الخرطوم لتنظيم حركة السير جذب الأنظار والإعجاب.
ظاهرةُ أثارت اهتمام السودانيين في أعقاب نشر نحو 300 فتاة يتبعن لشرطة المرور في طرقات العاصمة الخرطوم لتنظيم حركة السير، وسط تفاعل مجتمعي منقطع النظير.
وبتفانٍ وهِمةُ، تقف الشرطيات في تقاطعات الطرق والأماكن الحيوية بالخرطوم وهن يرتدين زي شرطة المرور الأبيض الناصع والقبعات الزرقاء، ويقمن بتنظيم حركة المرور بروح تمزج بين اللطف في التعاطي مع المارة، والصرامة في تطبيق قواعد السير، وفق سائقين.
تقف الشرطيات وسط حرارة الطقس بالخرطوم والتي تصل 40 درجة مئوية نهاراً وهن يتصببن عرقا يعملن على فك الاختناقات المرورية، بينما يصدرن شارات الرضاء والسعادة ويبعثن برسائل ضمنية على المارة الذين يتفاعلون معهن فحواها "نحن جديرات بهذه المهمة".
واقتحمت الفتيات شرطة المرور التي كانت حكراً على الرجال لعقود مضت وهن يجتهدن في إظهار مهاراتهن وكفاءتهن في إدارة هذا العمل بروحٍ تعكس الوجه المشرق للمرأة السودانية وهي تكافح لإثبات جدارتها ونيل حقوقها كاملة والالتحاق بالعمل في كافة المجالات.
ويربط بعض المهتمين ظاهرة شرطيات المرور بالتقدم الذي حققته المرأة السودانية في كافة المجالات خاصة بعد التغيير السياسي الذي شهدته البلاد قبل عامين، إذ جرى تمثيلها في مناصب رفيعة بالدولة، لكن مسؤولة رفيعة بشرطة السودان
أوضحت أن ما يجري الآن ليس بظاهرة جديدة، فالنساء بشرطة المرور يعملن منذ سبعينيات القرن الماضي، فقط هذه الدفعة التي نزلت الشوارع الآن هي الأكبر من نوعها على مر التأريخ السوداني وفي الطريق الكثير.
وقالت المسؤولة التي تحدثت لـ"العين الإخبارية" وطلبت عدم ذكر اسمها لأنها غير مخولة بالحديث لوسائل الاعلام، إن ما يحدث يعكس وجها مشرقا للسودان فيما يلي تمكين المرأة وتعزيز دورها الريادي.
وأضافت "المرأة في الشرطة بالسودان كانت سباقة بهذا المجال ورائدة فيه ومن أوائل الدول العربية التي وصلت فيها المرأة إلى رتبة الفريق".
وفي فبراير الماضي تم تخريج دفعة جديدة قوامها 622 فتاة للعمل بالشرطة السودانية، منها 523 فتاة للعمل بإدارة المرور.
ويبدي يوسف الطاهر (54 عاماً)، وهو سائق مركبة نقل عام في العاصمة الخرطوم، إعجابه الشديد بفكرة وجود نساء في الطرقات لتنظيم حركة السير، قائلا "إنهن لطيفات ويبعثن الأمل، فهذا أمر مفرح للغاية".
ويقول الطاهر في حديثه "للعين الإخبارية" "لاحظت حكمة هؤلاء الشرطيات في التعامل مع مخالفات السير ويجرين التسويات المرورية مع مرتكبي المخالفات دون مشاكل، بخلاف ما يحدث مع منسوبي الشرطة الرجال حيث يكون الشد والجذب حاضراً".
ويعمل السودان بنظام التسويات الفورية للمخالفات المرورية بأن يدفع السائق لشرطي المرور الموجود بالطريق والمخول له بذلك في الحال رسم المخالفة ولا يتم إرجاؤها لتسدد عند تجديد الترخيص مثلما يحدث في كثير من الدول، وذلك لتأخر منظومته الإلكترونية.
ويشير يوسف الطاهر، إلى أن فتيات شرطة المرور لا يكتفين بفك الاختناقات وإجراء التسويات المرورية المالية فقط، وإنما يمتد دورهن حسبما شاهده بعينه، إلى توعية السائقين ومساعدة كبار السن والطلاب الصغار على عبور الطرق، بعطفٍ قل ما يتوفر لغيرهن.
واعتبرت الناشطة الحقوقية تهاني عباس، أن اقتحام النساء لعالم شرطة المرور في السودان يمثل نجاحا جديدا يضاف لسجل المرأة بالبلاد والتي قادت نضالات قوية من أجل نيل حقوقها كاملة والعمل في كل مجالات الحياة.
وقالت عباس لـ"العين الإخبارية": "هذا الأمر يمثل تمكينا للمرأة السودانية، ونحن دائما نسعى في منظمات المجتمع المدني إلى أن يتم تمثيل النساء في أرفع المواقع وكافة مناحي الحياة".
وأضافت "وجود نساء بشرطة المرور ذات الطبيعة الشاقة وتحتاج إلى طاقة كبيرة ومجهود جبار، تعكس كفاءة المرأة وقدرتها للقيام بأي عمل ولها إرادة لا تهزم أبداً وينبغي ألا يستهان بها".
aXA6IDMuMTQ5LjI1MS4yNiA=
جزيرة ام اند امز