لا شك بأن إيران قادرة على خلق خيار حاسم في أزمتها ومفاجأة الغرب وأمريكا تحديدا في حال أقدمت على التفكير بالعمل المباشر مع جيرانها.
تحاول إيران النجاح أمام الأزمة القائمة من خلال الإمساك ببعض الخيوط المتبقية من الاتفاق النووي من خلال إقناع أوروبا باستمرار التزامها بالاتفاق النووي، وعلى الجانب الآخر تلعب فكرة الصبر الطويل وتحاشي الانفجار الشعبي دورا مهما في السياسات الإيرانية الداخلية، حيث تعاني إيران من العقوبات الأمريكية الفعلية مهما حاولت التفكير بطرق مختلفة. وفي جانب بعيد تنتظر إيران على أحر من الجمر نتائج الانتخابات الأمريكية؛ فهي تطمح بتحولات كبرى في السياسة الأمريكية في حال فاز الحزب الديمقراطي في انتخابات نوفمبر 2019.
سياسة حافة الهاوية وحتمية المواجهة هي الخيار الرابع المقلق في الأزمة بين إيران وأمريكا، ولكن قبل ذلك فإن كل الخيارات الممكنة أمام إيران كلها مكلفة جدا، ولن يتوقف وزير خارجية إيران جواد ظريف عن محاولة السباحة في مضيق هرمز سياسيا مع إمكانية تذوق ملوحة المضيق عندما يوشك الوزير على الغرق
خيارات إيران هذه كلها تمارس اللعب على الوقت، وتذكرنا بالأسطورة العربية الشهيرة التي أخبرنا بها تراثنا الأدبي عن قصة ذلك الإنسان الذي طلب منه أحد الحكام أن يعلم الحمار الكتابة بمقابل مادي، فوافق على ذلك وعندما سئل لماذا وافقت وأنت تعلم أن هذا الحمار لا يمكنه أن يتعلم الكتابة؟ فقال: أنا أمام ثلاثة خيارات الزمن كفيل بها: فإما أن يموت الحاكم أو يموت الحمار أو أموت أنا، وكذا يبدو الوضع في الأزمة الإيرانية مع أمريكا. ولكن هناك خيار رابع في القصة الإيرانية الأمريكية في الخليج حيث يود الأمريكيون دائما الحديث عنه.
سياسة حافة الهاوية وحتمية المواجهة هي الخيار الرابع المقلق في الأزمة بين إيران وأمريكا، ولكن قبل ذلك فإن كل الخيارات الممكنة أمام إيران مكلفة جدا، ولن يتوقف وزير خارجية إيران جواد ظريف عن محاولة السباحة في مضيق هرمز سياسيا مع إمكانية تذوق ملوحة المضيق عندما يوشك الوزير على الغرق. وهنا الأزمة الحقيقية. ولعل السؤال هنا يقول: هل هناك من مخرج يمكن لإيران أن تستخدمه لتفادي كل الطرق التي لن تؤدي سوى إلى نتيجة واحدة ألا وهي سياسة "حافة الهاوية"؟!
إيران تحاول أن تستعين بالتاريخ من خلال حقيقة تقول إن جميع الرؤساء السابقين للولايات المتحدة تجنبوا المواجهة معها منذ العام 1997م، ولكن هل ينطبق ذلك مع هذه المرحلة من الأزمة؟ عبر أربعة عقود مضت ظلت الأزمة الإيرانية تدور في فلك مصغر بين أمريكا وإيران، بينما بقية دول العالم كانت في مشهد المتفرج أو على الأقل المستفيد غير المباشر من تلك الأزمات كما كانت تفعل روسيا وحتى الصين.
اليوم القضية مختلفة لأن أمريكا لن تتوقف عن منع إيران في محاولتها الحصول على سلاح نووي، وإذا كانت أمريكا جادة في هذا المطلب فإن خيارات حافة الهاوية التمثل في المواجهة مع إيران ستكون قريبة.
لا شك بأن إيران قادرة على خلق خيار حاسم في أزمتها ومفاجئة الغرب وأمريكا تحديدا في حال أقدمت على التفكير بالعمل المباشر مع جيرانها وعقد الاتفاقات فوق ضفاف الخليج، وتعديل السلوك الإيراني في المنطقة. هذا هو الخيار الأخير الذي يمكن لإيران أن تجربه؛ لأن سياسية الصبر الطويل يصعب إنجازها في ظل رئيس أمريكي يمكنه البقاء وبسهولة لأربع سنوات قادمة في أروقة البيت الأبيض، وفي ظل تحريم دولي يصل إلى درجة التكفير حول حصول إيران على سلاح نووي.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة