القناعات السياسية العاطفية المبنية على أسس انفعالية تؤدي بالضرورة إلى انحياز أعمى، قد يستغل في حال امتزاجه مع العواطف الدينية.
في عام 2006، قاد عالم النفس درو ويستن تجربة علمية أجرتها جامعة إيموري في الولايات المتحدة الأمريكية، لدراسة الأثر الإكلينكي للانحياز السياسي لأتباع أحزاب سياسية، وصور ويستن أدمغة 30 فرداً من حزبين مختلفين بتقنية الرنين المغناطيسي، عارضاً عليهم مقاطع لمرشحيهم وهم يناقضون أقوالهم مرة تلو الأخرى، لتكشف الصور نشاط الأجزاء العاطفية للدماغ فيما أظهرت خمول الأجزاء المعنية بالتفكير المنطقي.
كانت تلك التجربة صادمة حيث أثبتت بالعلم، الانحياز إلى فكرة ما دون تفكير، واتباع العواطف في تشكيل القناعات، ظناً بأنها منطقية، فيما يبقى العقل عاجزاً عن التأثير، ما يطرح التساؤل حول حقيقة قناعات الفرد، وصحة براهينه كون العواطف متقلبة.
استغلت الجماعات السياسية الإسلامية انكفاء الحركة العقلية في تشكيل القناعات وتعاظم دور الانفعال العاطفي، في تعزيز الآراء التي تدعم موقعها في الحياة السياسية والاجتماعية في بعض البلدان العربية، معتمدة على فتاوى وقضايا معاصرة للتأثير على نفسية الشباب بهدف تجنديهم وتغيير طريقة رؤيتهم للعالم.
إن القناعات السياسية العاطفية المبنية على أسس انفعالية تؤدي بالضرورة إلى انحياز أعمى، قد يستغل في حال امتزاجه مع العواطف الدينية لتشكيل شروخ في جدران الأوطان، ومن هنا تتضح أسباب انجرار البعض وراء آراء ساذجة وسطحية، لا حجج تدعمها ولا أدلة تعززها، فيما يُغفلون براهين ساطعة، حيث إن المحرك الأساسي هي الأهواء التي توجههم وتشكل قناعاتهم بعيداً عن العناصر العقلية الإدراكية.
وحين تتشكل القناعات المبنية على الانفعالات يتحول كل شيء آخر لداعم ودليل على الرأي في حين تهمل جميع الحجج في الجانب الآخر، وكل ذلك يجري بعيداً عن إدراك الفرد لهذه العملية، بحسب تجربة جامعة إيموري.
وقد استغلت الجماعات السياسية الإسلامية انكفاء الحركة العقلية في تشكيل القناعات وتعاظم دور الانفعال العاطفي، في تعزيز الآراء التي تدعم موقعها في الحياة السياسية والاجتماعية في بعض البلدان العربية، معتمدة على فتاوى وقضايا معاصرة للتأثير على نفسية الشباب بهدف تجنديهم وتغيير طريقة رؤيتهم للعالم، وقد أثبت أتباع تلك الجماعات بالتجربة حقيقة خمول الأجزاء المعنية بالتفكير، حيث أبدوا تناقضاً واضحاً في كثير من القضايا كالتواصل مع الأعداء والتخابر مع الخصوم والتي أسموها حينها ضرورات مرحلية.
إن التأثير في المشاعر ودغدغة العواطف أسهل وأسرع تأثيراً في تشكيل قناعات الفرد من التأثير العقلي، إلا أن المدة الزمنية لا تطول في الحالة الأولى، حيث تزول القناعة بنفس السرعة التي تشكلت بها، بعكس القناعة المبنية على تفكير منطقي عقلي، والتي قد تستمر عمراً كاملاً، فيما تكمن وسائل مواجهة مشكلة عاطفية القناعات في التركيز على رفع مستوى الوعي والثقافة لا سيما لدى الشباب، حيث إنهم الهدف الأول للمتربصين بالأوطان.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة