زعم أحدهم أنه لو أتيح للعرب استعادة القدس فإنهم سيقتتلون على أبوابها من يدخلها أولا ثم سيقتتلون فيمن يدير مسجدها.
زعم أحدهم أنه لو أتيح للعرب استعادة القدس فإنهم سيقتتلون على أبوابها من يدخلها أولاً، ثم سيقتتلون فيمن يدير مسجدها، ثم سيختلفون في تأريخ دخول المدينة وفي أصحاب الفضل في ذلك، سيناريو لا يبدو بعيداً عن الواقع العربي الذي تفاقم خلال السنوات الأخيرة بشكل دراماتيكي لأمة الـ22 دولة التي يجمعها كل شيء ويفرقها كل شيء تقريبا.
إن حراك الدول العربية الفاعلة للملمة الشتات العربي أمر لا بد منه في ظل التشرذم العربي، وذلك لن يؤتي أكله ما لم تتعاون هذه الدول لوقف نزيف البشر والموارد، متخلية عن الفكرة الصفرية.. دمار يجمعنا خير من تقدم تكون أنت سببه
لا يختلف اثنان في أن دولنا العربية تعاني من صدع في الثقة، جعلها في حالة حرجة من الفرقة والافتراق في قضايا كانت حتمية إلى أجل قريب، وقد حملت سنوات ما عرف بالربيع العربي مضاعفات للحالة العربية، التي على الرغم من أنها لم تكن يوماً مثالية إلا أنها لم تصل إلى ما وصلت إليه اليوم.
منذ تشكل الوطن العربي على صورته الحالية بعد استقلال الأقطار العربية كافة وخروجها من تحت عباءة الاستعمار، ومن ثم ولادة الدول الوطنية الحديثة، وهي تشكل هدفاً للطامعين من أصحاب الأحلام الامبراطورية التي عفا عليها الزمن منذ مئات السنين، ما يجعل التعاون بين هذه الدول حتمياً لدفع هذه الأخطار، إلا أن الواقع جاء بخلاف ذلك؛ حيث طغت أجواء قلة الثقة، بل انعدامها أحياناً، على علاقات العرب ببعضهم.
وقد تأخرت الدول العربية بسبب قلة الثقة في كثير من الاتفاقات، ولم يرق مستوى التعاون بكل مجالاته إلى طموحات شعوب تلك الدول، واضطرت في الغالب إلى التوجه إلى المؤسسات الدولية لتنظم عملياتها التجارية والاقتصادية ما أثر في تنميتها الداخلية وفي حصانتها الخارجية.
كثير من الدول العربية -خلاف دول مجلس التعاون الخليجي- لم تلتفت إلى أزماتها ووضعها الداخلي والخارجي ما جعلها أمام معضلة صعبة لا يمكن الهروب منها، فيما تفوقت دول عدة عليها في نواحي التنمية الاقتصادية والعمرانية والرياضية والسياسية بسبب تعاونها المستمر وتواصلها الدائم من أجل الوصول إلى التكامل.
إن التطورات الجارية إقليمياً ودولياً لا تشير إلى أن الوضع العربي إلى التئام، لا سيما أن كثيرا من جروح ما عرف بالربيع العربي لا تزال مفتوحة ولم تندمل، فسوريا لا تزال بين حرب وتشريد وجماعات متطرفة، وليبيا تصارع من أجل الاستقرار، والعراق يدفع ثمن طائفية فتكت بالمجتمع، ولبنان يعاني من غياب الدولة، واليمن السعيد بعيد عن أي سبب للسعادة، وفي ظل هذه التعقيدات المتلاحقة تبقى علاقة العرب ببعضهم متشابكة تميل إلى الصراع أكثر من الميل إلى التعاون.
النتيجة الحتمية لهذه الحالة من التفكك لا يحمد عقباها، فالعالم العربي في حاجة إلى مزيد من التماسك والقوة حتى يعمل على التنمية الداخلية بلا تحزب وطائفية وإرهاب، وعلى الحصانة الخارجية من الأعداء المتربصين بخيرات الأوطان الراغبين في نزع السيادة عنها.
إن حراك الدول العربية الفاعلة للملمة الشتات العربي أمر لا بد منه في ظل التشرذم العربي، وذلك لن يؤتي أكله ما لم تتعاون هذه الدول لوقف نزيف البشر والموارد، متخلية عن الفكرة الصفرية.. دمار يجمعنا خير من تقدم تكون أنت سببه.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة