انفجار سكاني بمصر .. مقترح "حرمان" الطفل الثالث يعود
مليونان ونصف المليون مولود سنويا، رقم ترك علامة في أذهان المصريين عندما قاله رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي.
مليونان ونصف المليون مولود سنويا، رقم ترك علامة في أذهان المصريين عندما قاله رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي في معرض الحديث عن التنمية الاقتصادية والمجتمعية خلال مؤتمر الشباب الذي أقيم مؤخرا بأُسوان، إحدى محافظات صعيد مصر.
فرغم قسوة الظرف الاقتصادي والسياسي، ورغم كل ما يحمله المصريون بداخلهم من ضيق وما يسيطر عليهم من اكتئاب نتيجة هذه الظروف، ما الذي يجعلهم يتزايدون بهذا القدر، وما حقيقة الرقم الذي تحدث عنه السيسي، وإذا كان الأمر يشكل أزمة حقيقية، فما الحل المتاح؟
انفجار بالأرقام
اللواء أبو بكر الجندي، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، يضع عدسة مكبرة على الأزمة، فيؤكد بالأرقام الدقيقة أن مصر سجلت في العام الأخير 2 مليون و700 ألف مولود، أي ما يعادل مواليد 5 دول أوروبية هي إيطاليا، فرنسا، ألمانيا، إنجلترا والسويد، وذلك مقابل 500 ألف متوفي، و من واقع هذه الأرقام تبلغ الزيادة السكانية 2.3%، وهذا الرقم يعادل 5 أضعاف نظيره في الصين، و 8 أضعاف معدل الزيادة بالكوريتين، وعدد المواليد السنوي يعادل.
ومن واقع نظرة سريعة على منحنى الزيادة، يقول الجندي في تصريحات خاصة لـ"العين" إن معدل الزيادة بلغ 2% عام 2000 ، و أخذ في الانخفاض حتى سجل 1.9% عام 2005، و منذ ذلك العام بدأ في الزيادة مجددا حتى سجل أضخم معدل زيادة عام 2014 بـ 2.6% وانخفض خلال عام 2015 إلى 2.2% ليزيد أخيرا، حيث سجل العام الماضي 2.3 ، مؤكدا إن هذه المعدلات كارثية والاستمرار على نفس المنوال بات أمرًا غير مطمئنًا ويجب البحث عن حلول للأزمة.
ويؤكد أن السيطرة على الزيادة السكانية بات أهم تحدٍّ يواجه مصر الآن، حتى أنه تخطى الإرهاب الذي تتجه مصر بقوة لحصاره والاقتصاد السيئ الذي سينصلح قريبا في إطار ما تبذله الدولة من جهود.
"الطفل الثالث في خطر"
ويقول جمال فرويز المحلل النفسي: إن الرغبات النفسية يمكن تحجيمها أحيانا بالقانون، مشيرا إلى أن المثل المصري الصعيدي الشهير "العدد عزوة" بات شبه معتقد لدى كثير من المصريين المنتمين للطبقات الاجتماعية غير المثقفة، والمثقلة بالأعباء الاقتصادية!
ويوضح فرويز، في تصريحات لـ"العين"، أن هذه الشرائح تعتمد على الدعم المقدم في المجال الطبي و التعليمي، فلا تجد غضاضة في كثرة الانجاب للاحتماء نفسيا بعزوة العدد، فهم يعتقدون أن العدد الكبير يعين الأسرة على مواجهة أزمات الحياة، بل أصبح العدد مدعاة للفخر فيما بينهم، بينما المستويات الميسورة اقتصاديا عادة ما يودعون أبنائهم لتلقي العلوم داخل مدارس خاصة ودولية،
ويتكلف تعليم الطفل الواحد في كل سنة دراسية آلاف الجنيهات وربما عشرات الآلاف مع اختلاف الخلفية الثقافية للمدرسة، و لهذا تحسب الأسرة ألف حساب قبل أن تقدم على الانجاب، فتكتفي كثير من الأسر بطفلين، أو ثلاثة على الأكثر.
وحول ما يثار بتفريغ الكبت الناتج عن سوء الأحوال المعيشية في صورة إنجاب متكرر، قال فرويز إن الامر صحيح ولكن هؤلاء يحجمون عن الاستعانة بوسائل منع الحمل المختلفة والمتاحة بجميع بدائلها للرجال والسيدات، ويفضلون التمسك بعقيدة "العزوة".
القانون يقول "لا"
وفيما يتعلق بأدوات القانون للسيطرة على الانفجار السكاني بمصر، قال فرويز رفع دعم الخدمات عن الطفل الثالث بالأسرة يدفع الكثيرين لإعادة التفكير في تكلفة الحياة التي سينفقها على هذا الطفل الذي لن تدعم الدولة تعليمه وعلاجه، مشيرا إلى أنه بعد فترة سيتحقق الهدف ويتم السيطرة على معدلات الزيادة السكانية، وإذا ما تزامن ذلك مع تحسن الاقتصاد ستتجه الدولة لتخفيف القيود على المواطن مثلما حدث في الصين.
الحل القانوني لأزمة الزيادة السكانية قد لا يكون مناسبا للتطبيق في مجتعنا العربي المسلم، وهو ما أكده علاء عبد المنعم عضو اللجنة التشريعية بالبرلمان المصري، فقد نفى أن تكون هناك مجرد أحاديث جانبية أو مشاورات من بعيد للسيطرة على الظاهرة بالقانون، لما يعد مخالفة جسيمة للقواعد الإسلامية والأعراف المجتمعية.
يقول عبد المنعم في تصريحات خاصة لـ"العين" لا يوجد أي حل قانوني متاح ولو افترضنا حرمان الطفل الثالث مثلا من دعم الدولة المقدم له في مجالي الصحة والتعليم نكون قد عاقبنا طرفا ثالثا بلا خطيئة أو ذنب اقترفه، فضلا على الإخلال بمبدأ المساواة بين كل المصريين الذي يتضمنه الدستور المصري،
و يؤكد عبد المنعم أن الأفضل على الإطلاق مراجعة حملات التثقيف والتوعية الموجهة للمواطن على مدار السنوات الماضية دون فائدة، فيجب تغيير الطريقة والآلية التي تدار بها هذه الحملات لتصيب الهدف المرجو منها.