مصر تحارب الزيادة السكانية بـ1000 جنيه.. هل تنجح الخطة الجديدة؟ (خاص)
في مسعى لكبح الزيادة السكانية، أطلقت الحكومة المصرية حزمة حوافز مالية ضمن مشروع تنمية الأسرة لتشجيع السيدات على تنظيم النسل.
ومن بين الحوافز المالية التي أعلنتها الحكومة المصرية لتقليل الإنجاب، ادخار مبلغ 1000 جنيه (حوالي 33 دولارا) سنوياً، لكل سيدة تكتفي بإنجاب طفلين أو أقل، وتستحق المبلغ المتراكم مع بلوغها سن 45 عاماً.
ولاستحقاق هذا المبلغ المتراكم يشترط على السيدة الالتزام بجميع شروط "مشروع تنمية الأسرة المصرية" والمتابعة الدورية مع الجهات المختصة، ويسقط الحق في هذا المبلغ المتراكم حال إنجاب الطفل الثالث.
وتشمل الحوافز وثيقة تأمين بقيمة 60 ألف جنيه (2000 دولار) تصرف للسيدة عند بلوغها 45 عاماً، شريطة الالتزام بمجموعة ضوابط مثل: إنجاب طفلين على الأكثر، إجراء الفحوصات الدورية، والالتزام بجداول التطعيمات والتباعد بين الولادات وتطعيم الأطفال.
ووفقًا لآخر إحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، يبلغ عدد سكان مصر 104 ملايين و694 ألف نسمة، ويولد 4 أطفال في البلاد كل دقيقة، بمعدل طفل كل 15 ثانية.
حوافز مالية لتقليل الإنجاب
تتوقع الدكتورة سوسن الفايد، أستاذ علم النفس الاجتماعي بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية في مصر، أن تسهم الحوافز المالية في استجابة المواطنين لبرامج تنظيم الأسرة.
وترى في حديثها لـ"العين الإخبارية" أن الاستجابة لبرامج تنظيم الأسرة لا تزال مرهونة بعدة متغيرات، مثل ثقافة المواطنين وتعليمهم، واختلاف طبيعة السكان في الريف عنها في الحضر.
وأشارت إلى أن إطلاق هذه الحوافز المالية في ظل الأزمة الاقتصادية التي صعبت على المواطنين الوفاء بمتطلبات الحياة العادية، سيدفع في اتجاه التفكير كثيرًا قبل قرار الإنجاب.
وأوضحت: "قديمًا كان المعتقد السائد هو أن المولود يأتي برزقه وأن إطعام الطفل لن يكلف الأسرة كثيرًا، ولكن هذه المفاهيم الخاطئة بدأت تتراجع مع ظهور أفكار جديدة بسبب الظروف الاقتصادية".
الحافز أفضل من سياسة التجريم
وبسؤالها عن اللجوء إلى التشريعات وقوة القانون، تقول الدكتورة هدى زكريا، أستاذ علم الاجتماع: "هذا يجب أن يكون الحل الأخير، والأهم حاليًا هو زيادة إدراك المواطنين وتوعيتهم بأضرار كثرة الإنجاب على الصحة ومستوى المعيشة واستقرار الأسرة والعلاقات الزوجية وقدرة الأسرة على التربية".
وأضافت زكريا لـ"العين الإخبارية": "بعض الدول لجأت إلى حلول قاسية لمواجهة الزيادة السكانية مثل الصين والهند، ووصل الأمر إلى حد تعقيم الرجال، لكن الأمر لا بد أن يراعي الجوانب الإنسانية، واللجوء للحافز أفضل بكثير من سياسة المنع والتجريم".
وأردفت: "المشكلة السكانية أساسها المجتمعات الفقيرة، التي تتزايد فيها معدلات الإنجاب بسبب المعتقدات والمفاهيم المغلوطة عن العِزوة وغيرها، لكن الأسر المتوسطة والمقتدرة لا تفكر بهذه الطريقة، بسبب تطلعاتها في التعليم الجيد والسكن الجيد".
"الطفل المشكلة"
في المقابل، رأت الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع في مصر، أن التعامل مع القضية السكانية يجب أن يراعي العمق الاجتماعي، وأن تكون برامج تنظيم الأسرة مناسبة للطبقة التي تخرج للمجتمع ما تسميه "الطفل المشكلة".
وقالت منصور لـ"العين الإخبارية": "يجب مخاطبة الطبقات التي تقدم للمجتمع أطفالاً متسولين ومتسربين من التعليم. هؤلاء هم أطفال الأزمة، ويجب توعية هذه الطبقة بمسألة الإنجاب والاكتفاء بطفل أو طفلين".
وتابعت: "هذه الطبقة تفتقر إلى الوعي، وأفرادها يرسلون أطفالهم للتسول في الشارع أو العمل في سن مبكرة لجلب المال، وهذه الطبقة يجب استهدافها بالوعي والفهم والقانون، وفي رأيي الحوافز المالية لن تجدي نفعاً مع هذه الطبقة".
واعتبرت أن "الطبقة المعنية بلغة الخطاب ليست هي الطبقة التي يوجه إليها الخطاب، لا زلنا إلى الآن نوجه خطاب تنظيم الأسرة إلى الطبقة الوسطى التي لا تنجب أكثر من طفل أو اثنين".
تجريم الإنجاب
وشددت على أنه لا يمكن اللجوء إلى القانون لتجريم الإنجاب، قائلة: "هذا لا يناسب المجتمع المصري لا دينيًا ولا أخلاقيًا ولا اجتماعيًا، لكن يجب التوعية بأن الطفل مسؤولية، والمواطن حر في الإنجاب ولكن يجب أن يكون مسؤولًا عن الطفل الذي ينجبه، والمسألة لا تقتصر على تقليل العدد وحسب، ولكن يجب تقليل العدد الذي يمثل مشكلة".
ورفضت أستاذ علم الاجتماع حرمان الطفل الثالث أو الرابع من التعليم بالمجان، قائلة: "هذا المطلب يتعارض مع المواطنة والدستور، ومنطق المواطنة في الدولة هو أن المواطن المولود لأب وأم مصريين له كل الحقوق وعليه كل الواجبات سواء كان الطفل الثالث أو العاشر أو العشرين".
aXA6IDE4LjIyNS4xOTUuMTUzIA== جزيرة ام اند امز