خريطة الفقر بالعراق تتسع.. أرقام مفزعة في بلد الذهب "الأسود"
رغم سلسلة الإجراءات والتدابير التي تتخذها الحكومة العراقية ما بين الحين والآخر لتدارك معدلات الفقر في البلاد، إلا أن ذلك لم يستطع وقف تصاعد تلك النسب والتي باتت تنذر بمؤشرات خطيرة.
وزارة التخطيط والتعاون الإنمائي العراقية، وعبر لسان متحدثها توقعت اليوم الإثنين، ارتفاع نسبة الفقر في البلاد الى 25%، فيما علقت الآمال على إقرار قانون الأمن الغذائي والتنمية في معالجة تلك المشكلة.
وقال المتحدث باسم الوزارة عبد الزهرة الهنداوي، في تصريح تابعته "العين الإخبارية"، إن "الوزارة ستبدأ قريباً بتسجيل مسح جديد للفقر بالعراق والوقوف على مؤشراته في ظل الظروف الحالية سواء كانت المتعلقة بكوفيد 19 أو كانت نتاج ظروف الغذاء العالمية".
وأضاف الهنداوي، أن "آخر إحصائية لنسب الفقر في العراق في عام 2019 قبل الجائحة، سجلت تقريباً 22.5%"، مبينا أن "ما بعد الجائحة وبسبب الظروف الاقتصادية والصحية ارتفعت النسبة وتوقعاتنا أن تتراوح هذه النسبة من 22 إلى 25%".
وأشار الهنداوي إلى أن "الحكومة اتخذت إجراءات لمعالجة مشكلة نقص بعض المواد الاساسية عالمياً سواء بتخصيص أموال، وهي قضية ترتبط بالأمن الغذائي وهو الأكثر تأثراً بالأسعار على مستوى العالم للسيطرة على الوضع وعملية تعويض الارتفاع مقابل توفير الأموال لتغطية هذا الارتفاع" .
ولفت إلى أن "الفقر يتأثر بمثل هذه الظروف والتداعيات السلبية، ولكن أيضاً بالمقابل هناك إجراءات من قبل الحكومة لغرض دعم الفقراء إما من خلال البطاقة التموينية وهي تمثل الأساس عبر دعمها مالياً وتأمين أكثر من حصة في وقت متقارب للمواطن العراقي، وأيضا بدعم شبكة الحماية الاجتماعية من خلال منح الرواتب بشكل مستمر للمشمولين بالشبكة".
وأوضح أن "إقرار قانون الأمن الغذائي والتنمية الذي كان لوزارة التخطيط دوراً في وضع هذا القانون سيعالج هذا المشكلة كونه سيخصص أموالا لا بأس بها للأمن الغذائي والمشاريع أيضاً".
وكان مجلس النواب أنهى في الـ28 من الشهر الماضي، قراءته لتقرير ومناقشة مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية.
ويتضمن القانون استثمار فائض الأموال من ارتفاع عائدات أسعار النفط وتوجيهها في جوانب تختص بتأمين المواد الغذائية وقطاع الرعاية الاجتماعية وتحريك المشاريع الحيوية المتعطلة.
وأمس أشار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في كلمة خلال احتفالية ببغداد، إلى "أزمة الغذاء العالمية نتيجة الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا". وقال إن "العالم يمر بظرف صعب وأزمات عديدة والعراق ليس ببعيد عن هذه الأزمات".
وطلب رئيس الوزراء من القوى السياسية "التصويت على قانون الأمن الغذائي حتى دون تفريغه من محتواه من أجل خدمة المواطن العراقي كونه من القوانين المهمة"، مبيناً أن "هدف القانون هو توفير الحماية اللازمة لشعبنا".
ويسجل العراق منذ سنوات ارتفاعاً في معدلات الفقر والبطالة تفاقمت حدتها خلال العامين الماضيين عقب انتشار جائحة كورونا وظروف الإغلاق العالمية التي دفعت إلى هبوط أسعار النفط الخام.
ورغم الأموال والثروات الطائلة التي يمتلكها العراق إلا أن الفساد وسوء الإدارة لمؤسسات الدولة أسهم في تراجع مستويات النمو الاقتصادي وتهالك البنى التحتية.
ومع تلك المعدلات المرتفعة في مستويات البطالة والفقر تسجل البلاد ارتفاعاً سكانياً في معدلات النمو. إذ تشير آخر الإحصائيات بحسب تقديرات أصدرتها وزارة التخطيط ان تعدد سكان العراق بلغ اكثر من 41 مليوناً يشكل الذكور منه نسبة 51%.
الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم، وخلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أكدت أن "منحنى النمو الاقتصادي في العراق يشير إلى التراجع في ظل الأرقام والمؤشرات الحالية مما يدفع بمزيد من المعاناة والبؤس الذي يكابده المواطن"، لافتة إلى أن "نسب الفقر في الحقيقة هي أعلى من الأرقام المعلنة وهو ما تستطيع التأكد منه من خلال اليوميات المعاشة".
وتلفت سميسم، إلى أنه "في وقت تتصاعد الإيرادات النفطية نجد أن هنالك جيوش من الفقراء والعاطلين في ثنائية متناقضة لا تتشابه مع تلك المدخلات وهذا يتعلق بسوء السياسات الاقتصادية المتبعة من قبل صناع القرار العراقي".
وتحذر سميسم، من "انهيار القاعدة المالية في حال الابقاء على السياسات ذاتها دون توجيه لموارد الدولة نحو البناءات الصحيحة والجذرية التي تعالج اسباب الفقر والبطالة من المصدر ".