بدأت الولايات المتحدة المرحلة الأخيرة من تنفيذ عملية الانسحاب من أفغانستان، وكذلك قوات الحلف الأطلسي.
وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن قد صرّح في 14 أبريل الماضي بأنه اتخذ قراراً بإنهاء العملية العسكرية في أفغانستان بانسحاب معلن لـ 2500 جندي و14 ألفاً من المتعاقدين المدنيين و7 آلاف من قوات "الناتو"، وذلك قبيل الحادي عشر من سبتمبر، الذكرى العشرين للهجمات التي استهدفت الولايات المتحدة عام 2001.
وكنتيجة للانسحاب ستخسر واشنطن قواعدها في أفغانستان التي ظلت ولعشرين عاماً مركزاً أساسياً لعملياتها العسكرية والاستخباراتية في أفغانستان لمحاربة "طالبان" وبقية الجماعات الإرهابية. ولمواجهة التحديات في أفغانستان مستقبلاً، تحاول وكالة الاستخبارات المركزية، والتي تتخوف بشكل أساسي من نتائج الانسحاب الأمريكي،
تأمين قواعد قريبة من أفغانستان لضمان سير العمليات المستقبلية من خلال الاتفاق مع دول جوار أفغانستان في آسيا الوسطى لإنشاء قواعد تنطلق منها مهمات عسكرية واستخباراتية مستقبلاً لدعم السياسة الأمريكية ولمساندة حكومة كابول. كما طُرح خيار الاعتماد على الوجود العسكري الأمريكي في الشرق الأوسط. وفي ضوء فراغ القوة الناتج عن الانسحاب الأمريكي، تسود التخوفات من سيطرة حركة "طالبان" على العاصمة الأفغانية، خاصة في وجود شكوك من قدرة الجيش الأفغاني على مواجهة الحركة، رغم أن واشنطن قد أنفقت في أفغانستان قرابة تريليوني دولار، منها 87 مليار دولار على تدريب الجيش الأفغاني.
كما تدرك واشنطن أن الاعتماد على الطائرات المسيرة في مواجهة "طالبان" غير مجد على المدى الطويل، وتؤكد على ضرورة وجود قوات عسكرية على الساحة الأفغانية، مما دفع الأوساط السياسية والعسكرية في الإدارة الأمريكية إلى محاولة وضع خطط بديلة لمواجهة كل الاحتمالات. ومن ناحية أخرى، وعلى الساحة الإقليمية، من المتوقع أن يخلق الانسحاب الأمريكي فراغاً في القوة تتنافس عدد من القوى الإقليمية الطامحة على ملئه. إلا أنه وفي تطور مفاجئ أعلنت تركيا عن استعدادها لإبقاء قوات في أفغانستان لحماية مطار كابل عقب إتمام انسحاب "الناتو"، حيث تنشر تركيا في الواقع أكثر من 500 جندي في إطار مهمة حلف شمال الأطلسي.
وجاء العرض التركي بتأمين مطار كابل قبيل القمة التي جمعت الرئيسين أردوغان وبايدن. وأبدت واشنطن الترحيب بالفكرة، دون الخوض في أي تفاصيل دقيقة، وصرح الرئيس التركي أن بلاده ستكون "البلد الوحيد الموثوق به" الذي يحتفظ بقوات في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي والأطلسي. وترفض حركة "طالبان" أي وجود أجنبي، بما في ذلك القوات التركية، حيث صرح المتحدث باسمها، تعقيباً على العرض التركي، بأن "الشعب الأفغاني لا يقبل بوجود قوات أجنبية في البلد بأي اسم أو تحت أي عنوان ومن أي كان".
لا شك في أن معارضة "طالبان" لأي دور تركي ستشكل عائقاً رئيسياً أمام هذه المهمة. ويبدو أن واشنطن توافق على دور تركي مستقبلي في أفغانستان، لكن يبقى موقف حركة "طالبان" محورياً في تحديد مسار الأحداث على الأرض الأفغانية، بما في ذلك الوجود التركي والعلاقات مع الولايات المتحدة بعد الانسحاب. وسيبقى المقترح التركي رهن مربع المفاوضات بين واشنطن وأنقرة والحكومة الأفغانية وحركة “طالبان”.
نقلا عن الاتحاد الإماراتية
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة