اتسمت الإدارة الإماراتية من خلال مؤسساتها الحكومية في إدارة الأزمة بعدم اعتمادها على القرارات الارتجالية والتخبط
لا تقاس الدول بالحدود والمساحات ومناطق النفوذ وحدها لتكون دولة ناجحة أو قوية وفي حقيقة الأمر لا تُختبر قوة الدولة أو نجاحها إلا في الظروف الصعبة التي تضع الدولة كاملة على محك الاختبار بكل مكوناتها قيادة وإدارة وشعباً.
ولعل هذا الأمر هو الذي جعل الإمارات اليوم تثبت مرة أخرى أنّها دولة ناجحة بكل المقاييس في تصديها بفضل الله للمحنة العالمية "جائحة كورونا" المحنة التي جعلت العالم أجمع متخبطاً مشدوهاً، في محاولة التصدي والسيطرة على الوضع التي لا يمكن أن تتحقق إلا إذا تكاملت كل مكونات الدولة في إدراك المسؤولية والاضطلاع بالدور المناط بها التي يمكن التفصيل فيها بما حصل في الإمارات على النحو الآتي:
أولاً: القيادة: عندما نطالع مواقف القيادة الإماراتية نجد أنّها كانت قوية ثابتة اتسمت بالتوازن خلافاً لكثير من قيادات الدول المتقدمة كإيطاليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة التي صار تصريح رئيس وزرائها بوريس جونسون أيقونة الرعب لفيروس "كورونا" عندما قال: "استعدوا لتوديع أحبائكم" وقال: "سنصاب جميعاً بفيروس كورونا" ليتبين فيما بعد أنّه مصاب بالفيروس ولا شكّ أن البشرية جمعاء تتكاتف بالدعاء والأمل بأن يشفى الجميع من هذا المرض.
عندما نطالع مواقف القيادة الإماراتية نجد أنّها كانت قوية ثابتة اتسمت بالتوازن خلافاً لكثير من قيادات الدول المتقدمة كإيطاليا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة التي صار تصريح رئيس وزرائها بوريس جونسون أيقونة الرعب لفيروس "كورونا"
كل ما حدث حتى اللحظة وحالة الارتباك هذه لم يكن له مكان في ذهنية القيادة الإماراتية التي اتسمت بالتوازن والإيمان المطلق بأنّها أمام أزمة لا بد من اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهتها دون هلع أو تخبط، فظلت على تواصل مع الشعب الإماراتي وجميع الوافدين إلى "دار زايد الخير" من خلال وسائل الإعلام مشددة على التكامل بين القيادة والإدارة والشعب الإماراتي في مواجهة الأزمة وبثت فيهم روح التحدي بأنّ البلاد تستطيع تخطي الجائحة بالثبات والصبر والتصرف بحكمة واضطلاع كل واحد بواجباته ودوره في مواجهة الجائحة، وبأن هذا واجب إنساني قبل أن يكون وطنياً وأنّ الإمارات ستتغلب على هذا الخطر معاً.
بالإضافة إلى الشفافية المطلقة في إعلان أعداد الإصابات ومراحلها وتوزيعها الجغرافي والتأكيد على قدرة الحكومة الإمارتية ليس في مواجهة الفيروس محلياً بل عالمياً من خلال تشديد القيادة على استعدادها التام للمساعدة والتكاتف مع الدول المنكوبة مثل "الصين وإيطاليا وإسبانيا وفرنسا "لمواجهة الفيروس سواء من خلال التعاون العلمي أو الدعم اللوجستي، الأمر الذي عزز الثقة والمناعة النفسية للإماراتيين وإيمانهم بقدرتهم على مواجهة الأزمة وتخطيها في ظل قيادة حكيمة تدير دفة الدولة في الأزمات بذات الثبات والشفافية المعهود عنها في الرخاء.
ثانياً: الإدارة: اتسمت الإدارة الإماراتية من خلال مؤسساتها الحكومية في إدارة الأزمة بعدم اعتمادها على القرارات الارتجالية والتخبط في اعتماد الخطط الجاهزة أو التدابير المتخذة من الدول الأخرى بل تميزت الإدارة الإماراتية باعتماد نموذج فريد يتناسب وطبيعة الشعب الإماراتي ونظاميها الاقتصادي والاجتماعي، ما يؤكد قوة المؤسسات الحكومية ووعيها من جهة وخبرتها واستعدادها المسبق لمثل هذه الأزمات الطارئة من جهة أخرى، وذلك من خلال تلبيتها السريعة بل الآنية لكل المستلزمات التي من شأنها تخطي الأزمة بدءاً بالمعدات الطبية وانتهاءً بتجهيز المراكز الضخمة وسياسة توزيعها للتصدي لهذه الجائحة.
علاوة على متابعتها الحثيثة والعمل بجدية منذ انطلاق الإنذار الأول في الصين لما يمكن لهذا الوباء من التطور فكانت الإمارات سبّاقة في اتخاذ التدابير اللازمة مع أول نداء من الصين، فضلاً عن النداء اللاحق لمنظمة الصحة العالمية (لاحظ الإجراءات الأخيرة سواء في دبي أو غيرها من الإمارات السبع).
ثالثاً: الشعب: لعلّ أبرز ما كشفته جائحة "كوفيد-19" وعي الشعب الإماراتي بل وكل من يقطن على أرض الإمارات من مواطنين ومقيمين وزائرين وثقتهم بالقيادة الإماراتية والإدارة الحكومية التي لم تتوانَ يوماً عن اعتبار كل شخص على أرض الإمارات إماراتياً لا يمكن التخلي عنه أو النظر إليه بغير عين الراعي والمسؤول عنه.
الأمر الذي جعل الجميع يلتصق بالإمارات قيادة وحكومةً مسانداً قراراتها، ملتزماً بما تضعه من خطط لإدارة الأزمة، وذلك ليس إلا نتاجاً للثقة الراسخة بل إن الشعب الإماراتي لم يقف منتظراً الإدارة والحكومة لتقوم بما عليها وحسب بل عزز موقف الحكومة ودعمها في تطبيق خططها من خلال المبادرات الأهلية والشعبية بنشر التوعية والدعم النفسي وإطلاق المبادرات الأهلية والمجتمعية للمساعدة الإنسانية والتوعوية.
ولم يقتصر ذلك على الإماراتيين وحدهم بل إننا نجد ذلك من المقيمين والزائرين الذين أسهموا في ذلك أيما إسهام من خلال الالتزام بالخطط الحكومية والمشاركة في وضع أسمائهم للتطوع لاحظ حاجة الدولة لهم وكذلك الحملات الوطنية والأهلية المعاضدة للخطط الحكومية في التصدي للفيروس، بالإضافة إلى الشركات الاستثمارية التي تخطت القيم الاقتصادية إلى القيم الوطنية بل الإنسانية، جاعلة مهمتها اليوم الحفاظ على الإمارات والإنسانية هي الأساس في مثل هذه المرحلة التي تمر بالعالم أجمع.
كل هذا يجعل الإمارات نعمةً تستحق الحمد ليس للإماراتيين فحسب بل للإنسانية جمعاء، فدولة الإمارات تكاد تكون الدولة الوحيدة التي تخطت كل الاعتبارات لصالح الإنسانية محيّدة المواقف السياسية والمصالح الدولية في التصدي للجائحة العالمية بدءاً بترفعها عن الخطابات التي تعزو الإصابة بالفيروس، بسبب وافدين من الدول الأخرى وما شابه ذلك وانتهاءً بمد يدها للمساعدة في التصدي للفيروس عربياً ودولياً، وإبدائها الاستعداد التام للعمل مع أي جهد عالمي من شأنه تحقيق انتصار الإنسان على الفيروس الذي وصفته منظمة الصحة العالمية بـ"عدو البشرية".
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة