من عصر المماليك.. قصة طبيب مصري أودت به وصفة طبية إلى الإعدام
رغم الصعوبات التي تواجه الأطباء اليوم، فإن معاناة أطباء العصر الحالي تبدو أقل قسوة مقارنة بما كان يمر به الأطباء في عصر المماليك.
حينها، لم تكن أخطاء مهنية عادية هي التي تهدد حياة الطبيب، بل كانت وصفة طبية واحدة قد تُفضي به إلى الموت.
واحدة من أبرز تلك القصص تعود للطبيب المصري شمس الدين بن العفيف، الذي كتب وصفة علاجية نادرة للسلطان الأشرف برسباي في عام 1438م.
وطبقا لما جاء في دراسة بعنوان “تذكرة دواء نادرة من عصر برسباي” لصبحي عيد محمد، والمنشورة ضمن المجلد الثالث من كتاب “دراسات آثارية إسلامية” عام 1988، كان السلطان يعاني من مشاكل صحية خلال أواخر فترة حكمه، التي تزامنت مع انتشار وباء الطاعون في مصر.
تلك الوصفة، التي أعدها الطبيب الخاص للسلطان، عُثر عليها في حفريات الفسطاط عام 1931، وكشف عنها أمين متحف الفن الإسلامي الأسبق، صبحي عيد محمد، في تلك الدراسة التي تناولت تفاصيلها الدقيقة.
شمس الدين بن العفيف كان يشغل منصب رئيس البيمارستان في مصر، وهو ما يعادل اليوم منصب وزير الصحة.
وصفته الطبية، التي دُوّنت بخط النسخ، تضمنت مزيجًا دقيقًا من النباتات والأعشاب لعلاج مرض في المعدة لم تُحدد طبيعته بشكل دقيق، وأُطلق عليها اسم “سفوف الكفاية”.
الوصفة كانت أشبه بوثيقة طبية رسمية في عصرنا، إذ تضمنت توقيع الطبيب لضمان مصداقية العلاج.
بحسب الدراسة، صُممت الوصفة لعلاج السلطان تحديدًا، إذ احتوت على نباتات معروفة بخصائصها المهدئة للجهاز الهضمي.
ورغم أن السلطان تعافى جزئيًا، إلا أن صحته العقلية تدهورت لاحقًا، مما أدى إلى صدور قرارات غريبة مثل نفي الكلاب إلى الجيزة، ومنع النساء من ارتياد الأسواق، وإطلاق سراح السجناء، وهو ما تسبب في فوضى عارمة.
تلك التحولات دفعت السلطان إلى الشك في طبيبه الخاص، ليصدر أمرًا بإعدامه بطريقة مأساوية، حيث اتُهم الطبيب بدس السم في علاجاته.
أثار إعدام ابن العفيف استياء المصريين الذين دعوا على السلطان.
اللافت أن النباتات التي استخدمها ابن العفيف في وصفته لا تزال تُستخدم اليوم في الوصفات الشعبية لعلاج الأمراض، ما يعكس الإرث الطبي الذي خلفه رغم نهايته المأساوية.