إن فكرة وجود جائزة من أجل الاحتفاء بقيم العطاء والبذل والإيثار، من الأفكار التي تم غرسها في مخيلة شعب دولة الإمارات، مواطنين، ومقيمين.
ناهيك عن ذلك كون هذه الجائزة في دورتها الـ11 على التوالي، وفي العاصمة الجميلة أبوظبي، والأهم من كل هذا حضور رئيس الدولة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان شخصياً، وتكريمه الفائزين والوقوف معهم والحديث المطول عن حبه لما قاموا به.
لقد طبقت شهرة هذه الجائزة الآفاق كما يقال، بعد صورة إنسانية غير مسبوقة انتشرت لرئيس البلاد وهو يحتفي بإيمان الصفاقسي بكل تواضع وحنو الأب على بناته، ليس لأن هذه السيدة كادت تفقد حياتها نتيجة تقديمها المساعدة العاجلة خلال حريق شب في مكان ما بأبوظبي قبل عامين، بل لأن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان قائد فذ من طراز رفيع، وهب حياته لخدمة شعبه والمقيمين على أرض دولته، وقلبه الكبير يخفق حباً تجاه كل الناس، دون حواجز أو قيود.
وإن الغرس الطيب الذي يقدمه محمد بن زايد الإنسان والقدوة، لهو امتدادٌ لمدرسة فريدة من نوعها، أرسى دعائمها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان والده، وقد جسدها بمسؤوليةٍ وتفانٍ، أبناؤه البررة من خلال أعمالهم التي تركت أثراً هاماً وقوياً في مجتمع دولة الإمارات والعالم.
كما أن تعبير الإمارات رسمياً عن تقديرها لكل جهد يرسخ قيمها الأصيلة، وقد قال لي صديق وهو صحفي أوروبي منصف وعاقل حين رأى الصورة وأخبرته عن سببها والحفل الذي رافقها: إن الإمارات نموذج عالمي في صياغة القيم مجدداً بطريقة تبرهن على تطور هذا البلد ومحبته للجميع.
ولعل "منخفض المطير" داخل الإمارات، أظهر لنا جميعاً حجم التكامل والتكافل بين الدولة والمجتمع في كل إمارات الإمارات، فبعد عاصفة تاريخيّة غير مسبوقة تستعيد الإمارات تألقها ونشاطها بكل حيوية في جميع مناحي الحياة، فالظروف المناخية الاستثنائية تعلم الناس، وتخرج منها الدول الناجحة مثل الإمارات أكثر قوة وصلابة، لتبقى مسيرتها التنموية شامخة على الدوام.
وفي زمن قياسي تضافرت جهود أبناء الإمارات جميعاً مع حكومتهم على كتابة أروع المُثل في مواجهة تحديات مناخية، تجاوزت الأمطار فيها مليونين و400 ألف مسبح أولمبي بحسب التقديرات، بل و3 مرات للسعة القصوى لكل السدود التونسية واللبنانية مجتمعة من باب التشبيه.
أضف لذلك ما قاله مختصون في مجال البيئة بأن 25 يوماً من حجم تدفق نهر النيل لا تعدل ما نزل على الإمارات من أمطار خلال أقل من 48 ساعة، وعلى الرغم من حجم هذه الأمطار وسيولها الجارفة لم تخلف قط أي ضحايا ولله الحمد، والأضرار المادية ستجد طريقها للتعويضات.
وحتى رجال الأعمال الأوفياء لبلدهم حاضرون وبقوة، فـ خلف الحبتور الملياردير الإماراتي المعروف أعلن عن تقديم 17 مليون درهم لمساندة ومساعدة كل من تضرر بيته، وهي بادرة طيبة غير مستغربة منه، لأن الإماراتيين يدٌ واحدة في السراء والضراء لا قدر الله.
وقد أعادت الإمارات المياه إلى مجاريها في مختلف أنحاء البلاد، ولا يسع العاقل من العرب وغيرهم إلا التعلم من هذا الدرس الإماراتي الجديد، لأن الإمارات تبهرنا وتخبرنا كل يوم عن جديدها ومفيدها بالعمل والأمل، مهما كان الظرف صعباً، فالمستحيل ليس له وجود في قاموس الإمارات.
وما بين فائزٍ وحائزٍ للجوائز، يحسب للشيخ محمد بن زايد آل نهيان وإخوانه من حكام الإمارات حرصهم كما نصحهم للأجيال بضرورة الاهتمام والالتزام بكل ما يخدم الوطن والمواطن والمقيم، والتاريخ القريب والبعيد سيضيف إلى صفحاته مزيداً من أسطورة الإبداع الإماراتية بكل فصولها.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة