تتوشّح سماء دولة الإمارات بنور الضيافة وتتزين أراضيها ترحيباً بسلطان عمان، السلطان هيثم بن طارق، الذي يقوم بزيارة تحمل بين جنباتها عبق التاريخ وعمق الروابط.
وتعكس صورة الأخوّة والتعاون العميقين اللذين يجمعان البلدين الشقيقين اللذين يشكلان معاً مثالاً للتفاهم العميق الذي يرتبط بجذور الماضي ليرسم المستقبل ويعزز من الحاضر، ضمن نسيج اجتماعي وثقافي واحد.
ومع وقوفنا على عتبات هذه الزيارة الاستثنائية، نعود بأدراجنا إلى الخلف لتسليط الضوء على عظمة الماضي، متذكرين تلك المحطات البارزة التي زيّنت العلاقات الإماراتية العمانية، يتقدمها اللقاء التاريخي بين المغفور لهما الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والسلطان قابوس بن سعيد (رحمهما الله) في 1968، وتوجتها زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى سلطنة عمان في سبتمبر/أيلول 2022، إذ شهدت توقيع العديد من الاتفاقيات في مختلف المجالات العلمية والاقتصادية والسياسية والأمنية والثقافية وغيرها، في خطوة عزّزت العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
وتأتي هذه الزيارة تأكيداً على العلاقات الأخوية المتفردة التي تجمع بين دولة الإمارات العربية المتحدة وسلطنة عُمان، ما يجعلها نموذجاً يحتذى به، حيث تستقي دعائمها من الإرث التاريخي والثقافي المشترك والتراث والعادات العربية الأصيلة، إذ تمتد جذور العلاقات إلى آلاف السنين، ويتشارك البلدان في تاريخ وثقافة نابعة من كونهما جزءاً من شبه الجزيرة العربية، وهو ما يعزّز من وحدة الهدف والمصير وتطابق الرؤى والأهداف، ولِمَ لا، وقد احتفظت دولة الإمارات دائماً بوشائج دافئة مع سلطنة عمان تمثل انعكاساً صادقاً لعلاقة القادة والشعبين.
وفي فصل مهم جديد في سجل العلاقات بين البلدين، تأتي زيارة السلطان هيثم بن طارق للإمارات وتتجلّى أهميتها في أنها تأتي خلال وقت تعج فيه المنطقة بتحديات سياسية واقتصادية متعددة وقضايا معقدة؛ من ضمنها قضايا الأمن الإقليمي والتغيرات الاقتصادية العالمية، ما يجعل التعاون الإماراتي العماني أكثر أهمية، لتعزيز مسار التعاون والتضامن بين الدول العربية، وتجسيد التفاهم المشترك والحوار البناء، والتنسيق المشترك في المحافل الدولية والإقليمية، ما يعزز من موقف البلدين ويحصّنهما بالأدوات الأساسية لتحقيق الاستقرار والتنمية في المنطقة التي تشهد تحولات جيوسياسية.
واستكمالاً للعلاقات الكاملة بين البلدين؛ يأتي التعاون الاقتصادي، حيث تحظى العلاقات الثنائية في هذا الجانب بأهمية بالغة، وهو ما تعكسه الأرقام، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 431 مليار درهم خلال 12 عاماً، ما يعكس نمواً مستمراً وتعاوناً متزايداً في قطاعات مختلفة، مثل الطاقة والتكنولوجيا والصناعة والبنية التحتية والتطوير العقاري والخدمات المالية.
ولا يقتصر التعاون بين البلدين على الجوانب الاقتصادية والسياسية فقط، بل يمتد إلى الجوانب الثقافية والتعليمية؛ إذ شهدت السنوات الأخيرة تبادل الوفود الثقافية والتعليمية بين البلدين، ما يعزّز من الفهم المتبادل ويسهم في تطوير التعليم والبحث العلمي والتبادل الثقافي.
وختاماً، نتذكّر جميعاً مقولة القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان الذي لخّص فيها العلاقات الإماراتية العمانية، وأكد من خلالها على وحدة الهدف والمصير بين البلدين، والتكامل الذي يزين العلاقات الثنائية، عندما قال «إذا رأيتم أنتم في عمان شيئاً مفيداً لعمان ترى مفيداً لنا، أي شيء تستفيد منه عمان نستفيد منه في الإمارات».
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة