مقطع الفيديو الذي تم تداوله عبر وسائل التواصل، مؤخراً، لسيدة عربية مقيمة بالإمارات وهي تشرح بتلقائية انبهارها وامتنانها للإمارات دولة وحكومة وشعباً؛ بعدما ساعدتها الشرطة الإماراتية في شراء احتياجاتها من الطعام (خبز)..
خلال أيام الأمطار التي مرت بها الدولة ومن ثم إعادتها إلى منزلها بأمان وسلام، حمل كلمات بسيطة، ولكنها صادقة وعميقة لسببين اثنين. السبب الأول: أنها كانت تقول بتلقائيتها.
والسبب الثاني: أنها كانت تنقل حقيقة ما وجدته في أرض الإمارات من رعاية وحماية واهتمام ففي مثل هذه اللحظات والمواقف لا يمكن أن يحدث إلا في دولة الإمارات، حيث تعيش آمنا مطمئنا في كنف قيادة تؤمن بالإنسان.
مقطع تلك السيدة كان واحداً من بين آلاف المقاطع التي تم تداولها عبر وسائل التواصل كلها توثق تلك الملحمة الإنسانية التي تكاتف الجميع من أجل دولة تدرك قيمة احترام كرامة الإنسان من واقع معايشتهم. فالناحية المهمة في تلك المواقف البسيطة والعفوية، أنها تحمل "معنى" عظيما في الناحية الإنسانية فهي التي تُعرفك بمدى تقدم الدول وتقاس على أساسها قوتها سواءً المؤسسات أو المجتمع، فالاثنان يتعاونان من أجل هدف واحد.
فالمقاطع نقلت للرأي العام العالمي مدى تمكن دولة الإمارات (مؤسسات ومجتمع) من مواجهة المشكلات وإدارة الأزمات والأحداث المفاجئة وبالتالي فليس غريباً حالة التحول لصورة دولة الإمارات خلال أقل من 24 ساعة فقط من حالة إلى أخرى.
إن ما شهدته دولة الإمارات قبل أيام من هطول أمطار شديدة وكيفية التعامل معها هو نموذج واضح على ما وصلت إليه الإمارات من قوة متكاملة وتقدم شامل في مختلف مناحي الحياة، خصوصاً التعامل مع أزمة طبيعية مفاجئة. فقد استقبلت أراضي الدولة في يوم واحد كميات من الأمطار توازي ما يهبط في عاصمة الضباب لندن في خمسة أشهر وهي واحدة من أشهر مدن العالم المطيرة. أي ما يوازي مئات أضعاف حجم المياه المعتاد في هذا التوقيت تحديداً مع دخول فصل الصيف.
ولا شك أن الأمطار تمثل "بشرى خير" وبركة ورزق لشعب الإمارات وكل دول الخليج منذ الأزل، إلا أنها حملت هذا العام تحدياً حقيقياً واجه دولة الإمارات حكومة وشعباً. ففي الساعات الأولى التي داهمت فيها الأمطار بعض مناطق الدولة، واجهت بعض المناطق خصوصاً ذات المساحات الكبيرة والمفتوحة مثل: مطار دبي والطرق الرئيسية وعدد من المراكز التجارية، أزمة فعلية في معالجة كميات المياه المتراكمة وتسيير حركة المرور للسيارات وللمشاة. وبدا المشهد كما لو كانت البنية التحتية الإماراتية لن تصمد أمام موجات الأمطار المتلاحقة، الأمر حفز نفوس ممن اعتادوا على الرؤية الضيقة في كل ما تفعله دولة الإمارات وهم قلة.
لكن الواقع الذي شهد به كل المواطنين والمقيمين في الإمارات، أن تلك المفاجأة الممطرة التي غمرت دولة الإمارات، تم تجاوزها بيسر وسلاسة قلما شهدتها دولة في العالم بما فيها أعرق الدول وأكثرها اعتياداً على الأجواء الممطرة. فبينما تتدفق أمطار الخير وتنهمر بشكل متواصل وغزير، كانت أجهزة مواجهة الأزمات وفرق العمل المختصة تعمل بدأب وسرعة على تصريف المياه من الطرق والأماكن العامة والخاصة. إلى حد أن بعد ساعات قليلة من تدفق المياه واندفاعها في كل مكان تقريباً بشكل حرم السكان من الخروج وألزمهم المنازل، بدأت الحياة تعود إلى طبيعتها في معظم المناطق التي مرت بالأزمة.
وربما لم يكن أحد خارج دولة الإمارات يتوقع أن يستعيد مطار دبي الدولي رونقه وعمله بشكل طبيعي بعد يوم واحد من اندفاع مياه الأمطار في مهابط الطائرات والهناجر ومختلف أنحاء المطار. بل إن حركة الملاحة والطيران عادت إلى طبيعتها تماماً، وصالات الوصول والمغادرة والممرات الطويلة والساحات الممتدة عادت لتمتلئ مجدداً بعشرات الآلاف من المسافرين على مدار الساعة.
إن الفضل في هذا النجاح يرجع بالأساس إلى جاهزية مؤسسات الدولة واستعدادها المسبق لمواجهة الأزمات الطارئة. وهذا نفسه لم يكن ليتم بتلك الكفاءة والامتياز، لولا تفاني ومهارة وإخلاص العنصر البشري الذي يَظهر في هذه الأوقات انتماؤه والتزامه الأخلاقي والعملي ليس فقط تجاه المهمة أو العمل المكلف به، لكن أيضاً تجاه وطنه إن كان مواطناً والدولة التي يحيا على أرضها إن كان وافداً مقيماً.
وقد نقلت وسائل التواصل هذه الملحمة بشفافية إلى العالم كله، من خلال قصص وفيديوهات تصف وتسرد معالجة دولة الإمارات لتلك الأزمة. حتى إن كثيراً من تلك المقاطع كانت تتضمن لقطات للوضع وقت هطول الأمطار وتغطية المياه للطرق والمركبات، ثم لقطات أخرى لها بعد تصريف المياه واستعادة الحياة الطبيعية في أقل من 24 ساعة. وهو زمن قياسي بالنظر إلى حجم المياه الهائل الذي تراكم سريعاً وما يعني ذلك من صعوبة بالغة في التصدي لها وتصريفها وحماية السكان والمناطق السكنية والمنشآت العامة والخاصة من أي أضرار محتملة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة