رئيس إندونيسيا في الإمارات.. أهمية خاصة لزيارة ضيف كبير
أهمية خاصة تحملها زيارة الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو إلى الإمارات، ضمن مسار الشراكة الاستراتيجية المتنامية بين البلدين.
وتعد الزيارة التي بدأها ويدودو اليوم الثلاثاء، الرابعة للإمارات في عهد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان الذي تولى مقاليد الرئاسة في 14 مايو/أيار 2022.
والزيارات الأربع من إجمالي نحو 7 زيارات أجراها ويدودو للإمارات منذ توليه مهام منصبه عام 2014، تم خلال إحداها وتحديدا في يوليو/تموز 2022 توقيع البلدين على اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، الأمر الذي يبرز النقلة النوعية التي تشهدها علاقات البلدين في السنوات الأخيرة.
الضيف الكبير
وبدأ، اليوم الثلاثاء، الرئيس الإندونيسي زيارة دولة لدولة الإمارات تستغرق يومين يبحث خلالها مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات تطوير العلاقات الاستراتيجية بين البلدين في مختلف المجالات في ظل الشراكة الاقتصادية الشاملة التي تجمعهما وبما يسهم في تحقيق رؤى البلدين نحو التنمية والازدهار المستدام لشعبيهما الصديقين.
ووفق وكالة الأنباء الإماراتية "رافق الطائرة التي تقل الرئيس الإندونيسي لدى دخولها أجواء دولة الإمارات عدد من الطائرات العسكرية الإماراتية تحية لضيف البلاد حيث استأذن قائد السرب الرئيس الإندونيسي بمرافقته إلى مطار الرئاسة مرحباً به في بلده الثاني دولة الإمارات".
وسبق أن زار الرئيس الإندونيسي الإمارات في ديسمبر/كانون الأول 2023، ويوليو/تموز 2022، ومايو/أيار 2022، ونوفمبر/تشرين الثاني 2021، ويناير/كانون الثاني 2020، وسبتمبر/أيلول 2015، أجرى خلالها جميعا مباحثات مع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
رسائل هامة
وخلال تلك اللقاءات، أكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات أن العلاقات بين دولة الإمارات وإندونيسيا متنامية وشهدت تقدماً كبيراً خلال السنوات الماضية، مؤكدا حرص دولة الإمارات على دفع هذه العلاقات إلى مستويات متقدمة من التعاون والتنسيق المشترك.
وبين أن توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات العربية المتحدة وجمهورية إندونيسيا يصب في هذا الاتجاه والتي تمثل نقلةً جديدةً ومهمةً في مسيرة الشراكة الاقتصادية والتنموية بينهما وتعبر عن إرادة قوية لاستثمار كل الفرص المتاحة لمصلحة شعبيهما.
وأكد الشيخ محمد بن زايد آل نهيان أهمية العمل معا خلال الفترة المقبلة على دفع العلاقات إلى الأمام في المجالات كافة.
وبين أن دولة الإمارات وإندونيسيا تقدمان للعالم نموذجين حضاريين في إدارة التعددية الثقافية والدينية والعرقية من خلال التسامح والوسطية والتعايش وقبول الآخر، مضيفا أن هذا أحد الجوانب الرئيسية التي تجمع بيننا وتخلق مساحات مهمة للتعاون والتنسيق فيما بين بلدينا من أجل تجسيد الوجه الحضاري والإنساني لديننا الإسلامي الحنيف وتقديم صورة حقيقية عن المسلمين على الساحة الدولية، بعد أن شوهتها ممارسات قوى الإرهاب التي تدعى الحديث باسم الإسلام.
بدوره، سبق أن أكد الرئيس جوكو ويدودو أن بلاده ترتبط بعلاقات صداقة متميزة مع دولة الإمارات.
وبين أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان "رجل ذو رؤية حكيمة ومواقف سديدة وأشعر بالارتياح حيال التعاون معه وينعكس ذلك على العلاقات الوثيقة بين الدولتين".
وأكد الرئيس ويدودو، أن إندونيسيا تعتبر دولة الإمارات مركزا هاما لتجارتها في منطقة الشرق الأوسط، مضيفا أن "التعاون بين إندونيسيا والإمارات سيسهم في تعزيز العلاقات بين دول جنوب شرق آسيا ومنطقة الشرق الأوسط".
شراكة اقتصادية شاملة
وتحمل زيارة ويدودو أهمية خاصة أيضا كونها تتزامن مع مرور نحو عام على دخول اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات والهند حيز التنفيذ في الأول من سبتمبر/أيلول الماضي، والتي تم توقيعها خلال قمة جمعت الزعيمين خلال زيارة ويدودو لدولة الإمارات مطلع يوليو/تموز 2022.
وتهدف الاتفاقية لمضاعفة التجارة البينية عدة مرات وصولاً إلى أكثر من 10 مليارات دولار في غضون خمسة أعوام، وذلك من خلال خفض أو إزالة الرسوم الجمركية على مجموعة واسعة من السلع والخدمات.
وبموجب هذه الاتفاقية فإن أكثر من 80% من الصادرات الإماراتية إلى إندونيسيا ستحظى بإعفاء فوري من الرسوم الجمركية وزيادة القيمة الإجمالية للتجارة في الخدمات بين البلدين وصولاً إلى 630 مليون دولار بحلول عام 2030.
وتسهل هذه الاتفاقية التجارة الرقمية، وتفتح آفاقاً واعدة أمام مجتمع الأعمال الإماراتي لممارسة الأعمال مع أكبر اقتصاد في جنوب شرق آسيا.
وتستهدف الشراكة الاقتصادية الإماراتية الإندونيسية أيضا خلق مزيد من الفرص في قطاعات الاقتصاد الإسلامي سريعة النمو، والذي تشير التقديرات إلى بلوغ قيمته 3.2 تريليون دولار عام 2024، علماً بأن إندونيسيا تعد صاحبة أكبر حصة في الاقتصاد الإسلامي عالمياً.
وبالتزامن مع ذلك من شأن الاتفاقية تسريع وتيرة مشاريع استثمارية بقيمة تفوق 10 مليارات دولار في القطاعات ذات الأولوية المشتركة مثل الزراعة والطاقة والبنية التحتية، والخدمات اللوجستية، بالتوازي مع تشجيع التعاون المستقبلي في مجالات السياحة وريادة الأعمال والرعاية الصحية وغيرها.
تعزيز التعاون الدبلوماسي
كذلك تحمل الزيارة أهمية خاصة، كونها تأتي في وقت تشهد فيه العلاقات الدبلوماسية بين البلدين نموا بوتيرة متسارعة، توج قبل عدة شهور بافتتاح مقر جديد للسفارة الإندونيسية في أبوظبي، وعقد أعمال الدورة الأولى من اللجنة المشتركة بين دولة الإمارات وجمهورية إندونيسيا.
وفي 9 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، افتتحت ريتنو مارسودي وزيرة خارجية إندونيسيا مقر سفارة بلادها الجديد في أبوظبي بحضور سهيل بن محمد فرج فارس المزروعي وزير الطاقة والبنية التحتية الإماراتي.
وقالت ريتنو مارسودي في كلمة لها خلال حفل الافتتاح، إن افتتاح مقر سفارة بلادها الجديد في أبوظبي يدل على أهمية الصداقة التي تربط البلدين، والتي نأمل أن تصبح أقوى مع مرور الزمن.
وأضافت أن دولة الإمارات تعتبر شريكا استراتيجيا لجمهورية إندونيسيا، معربة عن أملها في أن توطد هذه الشراكة لما فيه مصلحة البلدين الصديقين.
وغداة افتتاح المقر الجديد للسفارة، ترأس الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الإماراتي ونظيرته الإندونيسية، أعمال الدورة الأولى من اللجنة المشتركة بين دولة الإمارات وجمهورية إندونيسيا، التي عقدت في أبوظبي.
وأكد الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، أن التعاون الإماراتي - الإندونيسي شهد نمواً ملحوظاً، ضمن المنظمات والمبادرات متعددة الأطراف، ومنها شراكتنا ضمن إطار مجموعة العشرين تحت رئاسة إندونيسيا عام 2022، والهند عام 2023، وتعاوننا لدعم صندوق الجائحة بمبادرة من مجموعة العشرين".
وثمن دعم جمهورية إندونيسيا لانضمام دولة الإمارات إلى رابطة الآسيان بصفة شريك حوار قطاعي، وتعاوننا المستمر لإنجاح هذه الشراكة.
وأضاف: "حققت استمرارية ومؤسسية جهودنا المشتركة النجاح تلو النجاح، وصولاً إلى توقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين البلدين، ودخولها حيز النفاذ عام 2023، كما ساهم تقدم علاقاتنا الاقتصادية بتحقيق نمو مطرد في مستويات التجارة والاستثمار، وحقق تبادلنا التجاري غير النفطي "في المنتجات" أعلى مستوى له تاريخياً عام 2022 بقيمة تجاوزت الـ 4 مليارات دولار أمريكي".
اكتشافات ضخمة
كذلك تأتي زيارة الرئيس الإندونيسي بعد أسابيع قليلة من توالي الإعلان عن اكتشافات ضخمة للغاز الطبيعي في إندونيسيا بتعاون مشترك بين البلدين.
وأعلنت "مبادلة للطاقة"، شركة الطاقة العالمية ومقرّها أبوظبي، والمشغل لعقد الإنتاج المشترك "جنوب أندامان"، في مايو/أيار الماضي عن اكتشاف ضخم للغاز في البئر الاستكشافية "تانكولو-1" التي تم حفرها على بعد 65 كيلومتراً تقريباً من شاطئ شمال جزيرة سومطرة الإندونيسية.
وتحقق هذا الإنجاز بعد أشهر قليلة من الاكتشاف الضخم في بئر "لاياران-1" الواقعة أيضاً في جنوب أنداما في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ومن خلال امتلاكها حصة تشغيلية تبلغ 80% في منطقة الامتياز "جنوب أندامان"، تعد مبادلة للطاقة المالك لأكبر مساحة امتياز في المنطقة.
وتماشياً مع استراتيجية الشركة التي تنحاز للغاز الطبيعي، يعد بئر "تانكولو-1" إحدى الركائز لتطوير تجمعات الغاز الطبيعي في المنطقة، حيث يعد هذا الاكتشاف بالمزيد من الفرص في الجزء الجنوبي، ويشير إلى احتمال وجود عدة تريليونات قدم مكعب إضافية من الغاز في المصائد المجاورة والتي تقع ضمن منطقة الامتياز.
ومن شأن هذا الاكتشاف إلى جانب "لاياران-1"، أن يضيف كميات كبيرة للإنتاج، إلى جانب توفير قاعدة ثابتة لنمو شركة مبادلة للطاقة في المنطقة عبر أنشطة الاستكشاف والتقييم الإضافية.
وعقب الاكتشاف الأول، هنأ الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الرئيس الإندونيسي، خلال اتصال هاتفي في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بالاكتشاف الضخم للغاز الطبيعي الذي حققته شركة مبادلة للطاقة في إندونيسيا، مؤكدًا أنه يجسد التطور النوعي الذي تشهده العلاقات الإماراتية - الإندونيسية خاصة في مجال الطاقة، وتمنى أن يكون هذا الاكتشاف للغاز الطبيعي رافدًا مهمًا من روافد التنمية لمصلحة الشعب الإندونيسي الصديق.
من جانبه، أكد الرئيس الإندونيسي قوة العلاقات الاقتصادية بين دولة الإمارات وإندونيسيا، منوهًا بالتعاون المثمر بين البلدين وخاصة في مجال الطاقة والطاقة المتجددة، وعبر عن تقديره للشيخ محمد بن زايد آل نهيان، لدعمه هذه العلاقات على المستويات جميعها.
ويتوقع أن تشكل الزيارة الجديدة للرئيس الإندونيسي لدولة الإمارات والمباحثات التي تتخللها مع القيادة الإماراتية والاتفاقيات المرتقب توقيعها خلال الزيارة دفعةً قويةً وانطلاقةً لمرحلةٍ جديدة أكثر حيويةً وقوةً في العلاقات الثنائية في مختلف المجالات.