سلطة مستقلة وشروط ترشح جديدة.. خطوات مسار الانتخابات بالجزائر
مجلس الوزراء الجزائري يصادق على إنشاء سلطة مستقلة للانتخابات وتعديل قانون الانتخاب استجابة لمقترحات لجنة الحوار والوساطة
أقر مجلس الوزراء الجزائري، الإثنين، للمرة الأولى مشروع قانون لاستحداث "السلطة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات" على أن تكون "هيئة دائمة" وليست مؤقتة، والموافقة على جميع التعديلات المقترحة من لجنة الوساطة والحوار لقانون الانتخاب الحالي.
- الرئاسة الجزائرية: ضمانات لجنة الوساطة "كافية" لانتخابات شفافة
- مهلة تحديد موعد الانتخابات.. هل الجزائر جاهزة لتجاوز عهد بوتفليقة؟
جاء ذلك عقب أول اجتماع للرئيس الجزائري المؤقت، بالجزائر العاصمة، منذ توليه منصبه في 9 أبريل/نيسان الماضي مع الطاقم الوزاري لحكومة نور الدين بدوي، وبحضور قائد أركان الجيش قايد صالح.
وذكر بيان عن الرئاسة الجزائرية، اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله، أن السلطة الجديدة لمراقبة الانتخابات جاءت "استجابة ملموسة لمطالب الحراك بتغيير عميق لنظام الحكامة، ومسعى في غاية الأهمية لتنظيم الانتخابات الرئاسية في الآجال المناسبة والحيلولة دون السقوط في فخ الفراغ الدستوري وغياب الدولة".
كما أحال البرلمان الجزائري، الإثنين، مشروعي القانونين المتعلقين بالسلطة المستحدثة لمراقبة الانتخابات وتعديل قانون الانتخاب إلى اللجنة القانونية لمراجعته، في انتظار مناقشته والمصادقة عليه من قبل نواب غرفتي البرلمان (المجلس الشعبي الوطني ومجلس الأمة) في غضون الأسبوعين المقبلين.
سلطة مستقلة للانتخابات بقرارات إلزامية
وأكد بيان الرئاسة الجزائرية ما انفردت به "العين الإخبارية"، في تقارير سابقة، بأن الهيئة الجديدة تسحب البساط من وزارتي العدل والداخلية في تنظيم ومراقبة الانتخابات الرئاسية، للمرة الأولى منذ إقرار التعددية السياسية بالجزائر في دستور 1989، على أن "تكون قراراتها إلزامية لكل المرشحين ومؤسسات الدولة".
وأشار إلى أن مشروع القانون "يوكل للسلطة الوطنية المستقلة لتنظيم الانتخابات المهام التنظيمية المنوطة حتى الآن بالإدارة، وبهذه الصفة سيؤول لها التكفل بأداء كل العمليات المرتبطة بالانتخابات ابتداءً من استدعاء الهيئة الناخبة حتى الإعلان عن النتائج المؤقتة والنهائية للانتخابات".
وجاء في المادة 15 من مشروع قانون "السلطة الوطنية لمراقبة وتنظيم الانتخابات" الذي اطلعت "العين الإخبارية" على تفاصيله أن "تحرص على ضمان شفافية ونزاهة الاقتراع خلال مراحل تحضيره وإجرائه".
وحددت صلاحياتها في "تجسيد وتعميق الديمقراطية الدستورية وترقية النظام الانتخابي المؤدي إلى التداول السلمي والديمقراطي للسلطة وتوليها تحضير الانتخابات وتنظيمها وإدارتها والإشراف عليها ورقابتها"، إضافة إلى "الفصل في النزاعات الانتخابية وعمليات التصويت والفرز".
ويعطي القانون الجديد للسلطة الجديدة صلاحيات التدخل التلقائي في حالات التزوير وكل أنواع الخروقات خلال العملية الانتخابية، وأن تكون الجهة المخولة بتلقي احتجاجات الأحزاب السياسية والمرشحين، على أن تتخذ جميع الإجراءات.
ويلزم مشروع القانون السلطات الجزائرية، من خلال نص المادة 3 منه، بتقديم جميع أنواع الدعم والمساندة التي تطلبها السلطة المستقلة، لتمكينها من القيام بمهامها ومسؤولياتها، وأن تبقى متمتعة باستقلاليتها المالية والإدارية.
شروط صارمة للعضوية
وحدد مشروع القانون الجديد عدد أعضاء اللجنة بـ50 عضواً، من بينهم 10 من العدالة، و20 من المجتمع المدني و10 أساتذة جامعيين، و3 شخصيات وطنية، وممثلان عن الجالية بالمهجر و5 من الكفاءات المهنية.
وللمرة الأولى، ألغى المشرّع الجزائري، بحسب الحقوقيين، "قوانين التعيين" التي كانت سارية المفعول خاصة في عهد الرئيس الجزائري المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة، واشترط "انتخاب" جميع أعضاء اللجنة من "طرف النظراء"، أي في قطاعات العدالة وفعاليات المجتمع المدني والجامعات.
ووضع مشروع القانون أمام أعضاء السلطة الجديدة جملة من الشروط الصارمة، من أبرزها عدم الانخراط في الأحزاب السياسية لـ5 أعوام على الأقل، وألا يكون في منصب وظيفة عليا بالدولة، وأن يكون مسجلاً في القوائم الانتخابية، وألا يكون منتخباً في البرلمان أو المجالس المحلية مع منعه من الترشح للانتخابات، وأن يكون سجله خالياً من الجرائم والجنح والجنايات والأحكام القضائية.
كما اشترط القانون الجديد على أعضاء السلطة أداء "اليمين القانونية" أمام رئيس السلطة المنتخب من الأعضاء الـ50، مع تجديد عضويتهم كل 3 أعوام.
قانون جديد يشترط "المستوى الجامعي" على رئيس الجمهورية
كما صادق مجلس الوزراء، الإثنين، على مشروع قانون الانتخاب الجديد المقترح من لجنة الحوار والوساطة، والذي تضمن تعديلات سبق للمعارضة وممثلي الحراك أن طالبوا بها، ووصفتها الرئاسة بـ"الضمانات الكافية لتنظيم انتخابات شفافة".
وفي سابقة هي الأولى، ألزم قانون الانتخاب الجديد المرشح لانتخابات الرئاسة بـ"أن يثبت مستواه الجامعي من خلال شهادة صادرة عن الجامعة الجزائرية أو جامعة أجنبية معترف بها".
وبذلك سيكون الرئيس التاسع، أول رئيس جزائري حاصل على شهادة جامعية، بعد أن كان الانتماء إلى الثورة التحريرية أو إلى الجيش التأشيرة الأبرز لدخول "قصر المرادية" (قصر الرئاسة) مع الرؤساء السابقين للبلاد.
ومن أبرز التعديلات التي تضمنها قانون الانتخاب الجديد إسقاط شرط الحصول على 600 توقيع فردي من أعضاء المجالس المحلية بالنسبة لمرشحي الانتخابات الرئاسية، بالإضافة إلى تقليص عدد التوقيعات الفردية للناخبين التي يتعين على الـمترشح جمعها من 60 ألفاً إلى 50 ألف توقيع عبر 25 محافظة على الأقل، وتخفيض العدد الأدنى للتوقيعات المطلوبة بالنسبة لكل واحدة من الولايات المعنية من 1500 إلى 1200 توقيع.
وأوضحت مصادر سياسية جزائرية، لـ"العين الإخبارية"، أن إسقاط هذا الشرط تحديداً جاء لـ"سحب البساط من رموز نظام بوتفليقة الذين ما زالوا يسيطرون على الإدارات المحلية، ولتفادي عرقلتهم ترشح شخصيات كانت في القائمة السوداء لنظام بوتفليقة".
ونص مشروع القانون الجديد على أن يودع المرشحون لانتخابات الرئاسة ملفات ترشحهم لدى "السلطة الوطنية المستقلة لمراقبة وتنظيم الانتخابات"، بعد أن كانت العملية تتم بوزارة الداخلية.
وأعلنت الرئاسة الجزائرية موافقتها على جميع التعديلات المقترحة من لجنة الحوار والوساطة، بعد أن طلب الرئيس المؤقت عبدالقادر بن صالح من رئيس اللجنة مواصلة مهامه حتى تشكيل السلطة المستقلة لمراقبة الانتخابات.
وحدد قائد الجيش الجزائري سقفاً زمنياً للطبقة السياسية لتحديد موعد الانتخابات الرئاسية واستدعاء الهيئة الناخبة قبل منتصف الشهر الحالي، وجدد تمسكه بالخيار الدستوري لحل الأزمة السياسية التي دخلت شهرها السابع.
وبموجب القانون الجزائري، يتعين إجراء الانتخابات خلال 90 يوما من إعلان الهيئة، أي أنه إذا استدعيت الهيئة يوم 15 سبتمبر/أيلول فإن الانتخابات الرئاسية ستُجرى يوم 12 أو 19 ديسمبر/كانون الأول.
وقاطعت عدة أحزاب معارضة وشخصيات سياسية لجنة الحوار والوساطة لأسباب مختلفة، بينما تباينت ردود فعل الشارع الجزائري خلال مظاهرات الجمعة الأخيرة، بين رافض لها بوجود رموز نظام بوتفليقة، وبين مطالب بضمانات واضحة لنزاهة وشفافية اختيار وانتخاب رئيس جديد، لتفادي "تكرار سيناريو بوتفليقة وكل الانتخابات التي جرت في عهده" كما جاء في لافتاتهم.