الأبطال صورة فهمها وتناقلها البشر، وفخرت بها الإنسانية، وهم من الضروري أن يكونوا من المدافعين عن دينهم أو وطنهم أو أرضهم، وعن شرفهم.
الأبطال صورة فهمها وتناقلها البشر، وفخرت بها الإنسانية، وهم من الضروري (وحسب الصورة الذهنية) أن يكونوا من المدافعين عن دينهم أو وطنهم أو أرضهم، وعن شرفهم المتجسد في كرامتهم وكرامة عائلاتهم وسلامتهم، وعلى قوتهم وقوت أهاليهم وشعبهم.
الحلول بيد قادتنا وحكمائنا وعلمائنا، التربية والتعليم والإعلام هي مفاتيح إعادة المفاهيم الصحيحة وإعادة الرجال النبلاء والأبطال الحقيقيين لأوطاننا للذود عنها، ولعودة الأمن والاستقرار والكرامة
حملت كتب الدين وكتب التاريخ، بلغاتنا المعاصرة، وبالرموز على اختلافها وعبر التطور اللغوي والتعبيري بجميع أشكاله، رسوما على الجدران داخل الكهوف وتحت المقابر برا وبحرا، وأشكال التواصل الأخرى منذ بداية الإنسانية التي تجسدت أيضا في الرقص، أو الغناء أو إصدار بعض الأصوات.
كل هذه الوسائل أوصلت لنا صورة رائعة راقية عن مفاهيم البطولة والشرف والثوار في العالم.
ومن أهم صفات البطولة الشجاعة والروح الحماسية والكرامة، وأيضا الشكل اللائق الذي يعكس النبل في روح الفارس.
هكذا كان الأبطال، وهكذا تحرص الأمم المتقدمة على انتقائهم وتقديمهم في صفوف جيوشها الدفاعية المدافعة عن مصالح الأوطان، بأزياء فائقة النظافة لائقة، ونرى في العروض العسكرية لكل الأمم المعاصرة المتحضرة، ومنذ زمن طويل، ما يثلج الصدور من حشود تمشي على خطوة واحدة واثقة متناسقة، وأيادٍ تحمل أسلحتها وتقول إنها فعلا مستعدة لأمر الواجب الجماعي.
واليوم، وللأسف نرى في مساحات "الثورات" مجموعات أو جماعات من المشردين الذين جمعهم سبب مشترك هو الفشل في حياتهم، ورفض المجتمع لهم لأنهم رفضوا الدخول في الحضارة بكل أركانها.
والتي من أهمها احترام القانون والعمل، ولأن هؤلاء ممن رفضوا الالتزام بقوانين دولهم، لأنهم يرفضون الالتزام بقواعد محددة أهمها الواجب والعمل.
الهروب من واجباتهم الإنسانية وشعورهم بالفشل والإحباط، جعلاهم يبحثون عن الطرق غير الشرعية لتشريع الحياة الهمجية التي يريدون عيشها تحت مسمى البطولة.
الأيديولوجيات المسمومة كانت- ومازالت- تترصد هؤلاء الشباب، كانت البداية في تجنيدهم من طرف "الإخوانجية" عبر كل العالم الإسلامي تحت غطاء الدين، ثم فتح لهم الفرس مجالا وأقطابا أخرى في أقطار متعددة بين سوريا والعراق ولبنان، وانظم إليهم نظام الحمدين وسخر مليارات الدولارات من أموال الشعب القطري، ليدعم نشاط الخارجين عن القانون في دولهم عبر تسهيل سفرهم وتنقلهم إلى "ساحات البطولات" .
أو عبر تسخير أساطيل إعلامية أعلن عن تبعيتها له وبعضها الآخر يحمل أسماء خفية، وهذه القنوات انطلقت بـ"الجزيرة" التي هلك أجيال من خيرة شبابنا وضاعوا بلا رجعة بعد أن غسلت أذهانهم بتوجيهات "رجال الدين" وعلماء الإخوانجية الذين تلقوا ثمن كلماتهم وكأنها من ألماس، وهي في الحقيقة من نار ورصاص وجه لصدور شبابنا فكيف نسامح هؤلاء أو نتسامح معهم؟
ما أنتجه التوظيف الأيديولوجي للشباب المحبط الفاشل والخارج عن القانون صورة واضحة جلية، وأخرى عميقة ذهنية.
الصورة الأولى هي لمجموعة من "الرجال" المتوحشين، والذين يصرخون ولا يتكلمون، أو يبكون عندما يهزمون.
يحملون على وجوههم لِحى متسخة، وعلى رؤوسهم شعرا مشعثا، مناظر لا تذكرنا بشيء سوى بمظاهر الجاهلية الأولى كما تخيلناها حيث يشح الماء والحياء.
يمسكون في أيديهم أسلحة منحت لهم، وهم عابرون ولم يدربوا لا على استعمالها ولا على طريقة الإمساك بها، ولم يحدثهم أحد عن علاقة المحارب بسلاحه، وأن سر المقاتل نبله وأخلاقه، وليس وحشية انتقامه من كل من يرونه ناجحا وهدمه لتبرير فشلهم.
أما الصورة الذهنية العميقة التي نحملها عنهم فهي لمرتزقة، كانوا ضحايا الفقر والجهل وانعدام الوعي، فاشتراهم تجار الحروب الجديدة وعلى رأس مموليهم قطر, بثمن بخس، أطلقوهم كوحوش جائعة بعد أن نزع المال كرامتهم لتقتيل الشعوب.
ما حدث فعليا في السنوات الأخيرة هو الاستهزاء بعقول الشباب في العديد من الدول، وإيهام من اختاروهم ليكونوا وسائل الإرهاب بأنهم أبطال.
الإرهابي في حالته الذهنية الآنية يعتقد فعلا ويؤمن حقيقة بأنه بطل إلى حين..
إلى أن يستفيق في حادثة ما ليعلم أنه يقاتل من أجل حفنة من المال وليس المبادئ، أنه يقاتل من أجل الفكر الظلامي وليس نور الدين الحقيقي، وللأسف كل من وصل في نهاية الطريق إلى هذا الوعي يجد نفسه في نفق مسدود، وأنه لا مجال للعودة، وإن عاد فإنه سيحاسب لأنه فعلا مجرم حقيقي وقاتل مرتزق، فيخرج عن عباءة حاضنيه ويتمرد عليهم ليتحول ذئبا منفردا لينتقم من نفسه عارضا خدماته الإرهابية لكل الجهات.
الحلول بيد قادتنا وحكمائنا وعلمائنا، التربية والتعليم والإعلام هي مفاتيح إعادة المفاهيم الصحيحة وإعادة الرجال النبلاء والأبطال الحقيقيين لأوطاننا؛ للذود عنها، ولعودة الأمن والاستقرار والكرامة.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة