رئيسة وزراء نيوزيلندا.. شعاع أمل يخترق كابوس المذبحة
رئيسة وزراء نيوزيلندا تنجح رغم الظرف العصيب في اجتياز اختبار النار بنجاح، وتصبح مصدر إلهام للكثير من النساء حول العالم.
بدت عاطفية وحاسمة في آن، منفعلة حزينة وهي متشحة بغطاء على رأسها، صارمة حازمة وهي تواجه السفاح من منبرها ببرلمان بلادها..
توليفة يندر الجمع بينها في خضم مرحلة بالغة الحساسية كالتي تشهدها نيوزيلندا منذ المذبحة التي استهدفت اثنين من مساجدها، وخلفت عشرات القتلى والجرحى.
لكن رئيسة وزراء نيوزيلندا، جاسيندا آرديرن، استطاعت رغم الظرف العصيب أن تجتاز اختبار النار بنجاح، وترسم ملامح سياسية تقف في الخطوط الفاصلة بين الأشياء وردود الفعل أيضا.
وبغطاء على الرأس ونظرة بالغة الحزن، قابلت آرديرن عائلات ضحايا مذبحة المسجدين، وبدت ملامحها غارقة في حزن نابع من شعور صادق بالتعاطف تجاه مواطنيها.
وفي البرلمان، غرقت ذات الملامح في هالة من التصميم المدوي، بل إن كتاب أعمدة صحف نيوزيلندية قالوا إن نظرتها وهي تتوجه برسالة إلى السفاح، كانت مزعزعة، ومشحونة بكل ما يمكن أن تنضح به اللغة والحركة من تصميم وإرادة وقوة.
هي رئيسة وزراء بلادها، وهي نفسها الأم التي أدخلت معها رضيعتها، ذات يوم، إلى اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة، وهي نفسها المرأة التي تعتبر مصدر إلهام للنساء العاملات ببلادها، وهي فوق كل ذلك سيدة شفافة وحديدية في الآن نفسه.
خففت من الفاجعة
يجمع المتابعون للوضع في نيوزيلندا عقب الهجوم الذي استهدف، الجمعة الماضي، مسجدين بمدينة "كرايستشيرش"، على أن موقف آرديرن خفف المصاب وكان له بالغ الأثر في نفوس سكان البلاد والعالم.
ارتدت فستانا أسود، ووضعت وشاحا بنفس اللون، احتراما لمشاعر أسر الضحايا، وطارت إلى مدينة كرايستشيرش، لتقدم التعازي بنفسها، وتضع إكليل الورود بالمسجد، وتذهب إلى مركز للمسلمين بالمدينة، معربة عن تضامنها الكامل معهم.
تعاملت مع المذبحة المروعة بموقف بطولي جعل شعبها يظهر المزيد من التعاطف والحب لذوي الضحايا، فكان أن ساهمت في إطفاء لهيب الحرقة، وألم المصاب، قائلة "إنهم نحن"، في إشارة إلى التماهي بين المسلمين والشعب.
تعاطف وتضامن لم يخفيا الوجه الصلب لرئيسة الوزراء النيوزيلندية التي تعاملت مع المأساة بحزم، لتخرج معلنة اعتزامها تغيير قوانين حمل وبيع الأسلحة، في سابقة تعتبر الأولى من نوعها.
آرديرن الأم والمرأة
في الواقع، إن اسم رئيسة وزراء نيوزيلندا البالغة 38 عاما من عمرها، لم يتصدر عناوين الصحف ونشرات الأخبار العالمية هذه المرة فحسب، وإنما لمع نجمها منذ وصولها إلى السلطة في أكتوبر/تشرين الأول 2017.
فبتوليها المنصب، كانت أصغر رئيسة وزراء في العالم، وليس ذلك فحسب، وإنما تعتبر أيضا ثاني زعيمة منتخبة في العالم تلد وهي في السلطة بعد رئيسة وزراء باكستان الراحلة بينظير بوتو عام 1990.
الأضواء اتجهت إليها أيضا حين اصطحبت، في سبتمبر/أيلول الماضي، رضيعتها معها إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، أثناء إلقاء أول كلمة لها منذ توليها منصبها رئيسة لحكومة بلادها.
مراقبون يقولون إنهم لا يستغربون أن ينظر إليها، على نطاق واسع، على أنها رمز للمرأة العاملة، بل أضحت تشكل مصدر إلهام للكثير من النساء حول العالم.
واليوم، وبعد المجزرة البشعة التي شهدتها نيوزيلندا، حصلت رئيسة وزراء البلاد على لقب آخر، ألا وهو القائد الصلب والسياسي الحازم القادر على تعديل أسوأ الظروف وتلطيف أكثر الأجواء تعكرا.
هذه هي سيدة نيوزيلندا الحديدية.. قائد صلب بقلب امرأة وأم.
aXA6IDE4LjE4OC4xNDAuMjMyIA== جزيرة ام اند امز