كشفت مستويات الشفافية العالية في هذا اللقاء كيف كان يدرك القادة الفلسطينيون أنهم لا يعملون لصالح قضيتهم.
تصبح الحقائق صادمة وتستحق التوقف عندما تكون صادقه، وخاصة إذا ماكانت هذه الحقائق لها علاقة بسياسات الدول ومحيطها الإقليمي والدولي، وقد استمعنا قبل أيام إلى ثلاث حلقات شكلت رأي سمو الأمير بندر بن سلطان حول القضية الفلسطينية، وخاصة في الجانب الذي يخص تعاطي القيادات الفلسطينية مع قضيتهم، وبكل مصداقية تحدث الأمير بندر في هذا اللقاء كيف انفصلت القيادة الفلسطينية عن قضيتها ومارست دور المتطلعين إلى إثبات أنفسهم على حساب قضيتهم والشعب الفلسطيني، وهذا ما دعا سمو الأمير إلى أن يصف الحالة بالمحامين الفاشلين لقضية عادلة.
لقد كشفت مستويات الشفافية العالية في هذا اللقاء كيف كان يدرك القادة الفلسطينيون أنهم لا يعملون لصالح قضيتهم، عبر الاستهانة بمشاعر ملايين العرب والشعب الفلسطيني الذين حملتهم الثقة بهذه القيادات إلى تصديق كل شيء يقال عنها أو حولها، وما يدعو إلى الأسف أن تلك القيادات كانت تدرك ذلك وبعلم ووعي عميق أذهلنا وأذهل التاريخ عندما تم كشفه، بأن ما تقوم به يصب في الاستهانة بمشاعر ملايين العرب بمن فيهم الشعب الفلسطيني.
لقد كانت الرسالة السياسية من المملكة العربية السعودية للقيادات الفلسطينية منذ عهد المؤسس الملك عبدالعزيز – رحمه الله - واضحة وتدعوهم دائما بأن يعدوا أنفسهم ويمتلكوا القوة السياسية والقوة الدبلوماسية القادرة على جعلهم طرفا مؤثرا في قضية دولية استهلكت سياسات دول الغرب والشرق لعقود طويلة، ومع ذلك كله كانت السعودية مستعدة لتحمل أخطاء القيادات الفلسطينية خطأ تلو الآخر بل وتجاوز الأمر إلى أن السعودية كانت مستعدة دائما وأبدا لتلقي الصدمات لوحدها من الدول الكبرى تجاه التصرفات الخاطئة وتضييع الفرص الذي تواتر مع القضية الفلسطينية خلال عقود.
الرسالة الأكثر وضوحا إلى الشعب العربي الذي وقع خلال العقود الماضية تحت تأثير كبير بين قضية عادلة يدافع عنها ويدعمها، وبين قيادات فلسطينية عملت لعقود طويلة وهي تحذر الشعب العربي من نزع الإحساس بعدم عدالة قضيتهم، ولكن عندما تحدث التاريخ كشف لنا متاهات سياسية لم يكن من الممكن توقعها، لقد كشف لنا لقاء الأمير بندر كيف أن مشاعر الإحباط تنتابه مع كل فرصة تفقد فيها فلسطين القضية فرصة للحل، لقد فُتح باب التاريخ; ويتمنى الشعب العربي أن يسمع من كل السياسيين العرب كيف كانت الفرص تفقد بهذه البساطة وترتكب كل هذه الأخطاء بحق القضية الفلسطينية.
سياسيا إن الرسالة الأهم التي يتم استيعابها بوضوح هي أن القضية الفلسطينية قضية عادلة للعرب كلهم، وسوف تظل دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودول عربية أخرى، داعما رئيسيا لهذه القضية للبحث عن حلول تضمن للشعب الفلسطيني السلام والعيش باستقرار وأمن، ولكن يجب على الشعب الفلسطيني أن يدرك أن ثمن الأخطاء التي تم ارتكابها من قياداتهم في الماضي كلفت القضية وحلولها الكثير، وهذا ما يتطلب تغييراً جذريا لمتطلبات وقيم وتقاليد سياسية كثيرة يدركها الجميع، فما من تغيير يمكن أن يحدث بلا ألم، ومامن تطور يمكن أن يحدث وهو خال من عدم الارتياح.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة