إصدار "إعلان أبوظبي للمواطنة الشاملة" في ختام منتدى تعزيز السلم 2021
أصدر منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة في ختام أعمال ملتقاه السنوي الثامن، الثلاثاء، "إعلان أبوظبي للمواطنة الشاملة".
يسجل الإعلان دولة الإمارات واحة للسلام وموطن الأخوة والوئام في نقلة نوعية على طريق الأنسنة والترشيد العقلاني الكوني.
ويشكل إعلان أبوظبي خارطة طريق؛ لمواطنة مستدامة في الدولة الوطنية، تمثل عتبة متقدمة للشراكة الكونية، القائمة على أسس أخلاقية وإنسانية، صالحة لتحقيق مبدأ الأخوة الإنسانية، كما تنادي بها شرائع السماء والفلسفات الروحية في العصر الراهن؛ لأنه مؤسس على وثائق التسامح الكبرى، مثل "إعلان مراكش لحقوق الأقليات"، وإعلانات أبوظبي للسلم، و"وثيقة الأخوة الإنسانية"، و"وثيقة مكة المكرمة"، و"وثيقة حلف الفضول الجديد".
هذا فضلاً عن الإعلانات والمواثيق الدولية في خلاصة التجارب البشرية والحوارات مع مؤسّسات محليّة ودوليّة ذات خلفيّات دينيّة وثقافية متعدّدة، ومنظّمات عالميّة، وشخصيّات بارزة وخبراء داعمين؛ ضمن حلقات النقاش الدورية التي أدارتها وكالة "ويلتون بارك" بين أعوام 2018 و2021.
وأشاد المشاركون في الملتقى السنوي الثامن لمنتدى تعزيز السلم؛ بنموذج دولة الإمارات في تجسيد المواطنة الشاملة، فعلى أرض هذه الدولة المباركة، تتعايش عشرات الأديان والثقافات والأعراق المختلفة ومئات الجنسيات في أمن وأمان ومودة واحترام. مشيرين إلى جدارة النموذج الإماراتي بالدراسة لما يمثله من فضاء رحب للإنسانية والتسامح والمواطنة الشاملة.
10 توصيات
وأوصى المشاركون بجملة عشر توصيات:
1- تشكيل لجان من الخبراء لدراسة ومراجعة مناهج التربية الدينية والمدنية، وتطويرها؛ حتى تأخذ في الاعتبار البعد الإنساني والأخلاقي في مجال التربية على المواطنة الشاملة.
4- تأسيس منصة إلكترونية لمتابعة التوصيات والاقتراحات وبلورة الأفكار.
5- تأسيس فرع لمنتدى تعزيز السلم يُعنى بتعزيز السلم وبث قيم المواطنة الشاملة في بعض مناطق العالم؛ كبلاد أفريقيا جنوب الصحراء.
6- تشجيع وتكثيف لقاء القيادات الدينية بغية إبراز أن الدين يبني الجسور بين الثقافات، ويمكنه أن يكون قوة للسكينة والمصالحات.
7- تكوين لجان تربوية لإعداد برامج تعليمية للتربية على المواطنة.
8- تأسيس مركز بحثي ضمن منتدى أبوظبي للسلم يتخصص في قضايا المواطنة والهوية؛ وفق رؤية المنتدى للتعددية والتنوع.
9- إصدار مجلة أكاديمية محكمة خاصة بقضايا المواطنة تجمع بين التخصصات الدينية والإنسانية، وتبني الجسور بين المختصين في الدين والفلسفة.
10- عقد شراكات بين المنتدى والمؤسسات الدينية والجامعية الحكومية والخاصة، المحلية والدولية؛ لتفعيل مضامين إعلان مراكش وحلف الفضول الجديد، وميثاق المواطنة الشاملة.
منتدى أبوظبي للسلم
وبارك المشاركون في الملتقى للمنتدى؛ إطلاق هويته الجديدة، التي حملت اسم عاصمة السلام والتسامح وفضاء التعايش والمحبّة، فصار اسمه "منتدى أبوظبي للسلم"؛ ليبني على النجاحات السابقة، ويعبر إلى فضاءات الإبداع السامقة.
وأشاد المشاركون في هذا المؤتمر؛ بجهود العلامة الشيخ عبد الله بن بيه، رئيس منتدى تعزيز السلم في مد الجسور مع العقلاء والحكماء من كل الأديان والمذاهب والمشارب، وثمنوا مساعيه العلمية والعملية؛ لتوحيد الجهود، وتصحيح الوجهة على أرضية القيم الإنسانية المشتركة؛ لما فيه خير الناس جميعا.
وأعرب المشاركون في الملتقى السنوي الثامن لـ"منتدى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" عن صادق تهانيهم لدولة الإمارات العربية المتحدة؛ بمناسبة اليوبيل الذهبي لخمسينية تأسيس الاتحاد، وعن فائق شكرهم وجزيل ثنائهم؛ لدولة الإمارات؛ على تيسيرها انعقاد هذا الملتقى في أوانه المعتاد وبمستواه المعهود؛ بأفضل السبل المتاحة في هذه الظروف الاستثنائية. وأن يرفعوا أسمى مشاعر الامتنان للشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات، وإلى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبو ظبي، وإلى حكام الإمارات.
جلسات اليوم الثالث
وتواصلت الجلسات في اليوم الثالث، وعقدت أولاها برئاسة السفير تيمو هينو- وزارة الخارجية الفنلندية.
وتناولت محور "المواطنة الشاملة في أفق المواطنة العالمية"، الذي بحث موضوعي "المواطنة الكونية" و"إشكالات الهجرة والاندماج – نحو ضيافة إبراهيمية".
وتحدث كل من مفتي الديار الهندية أبو بكر مولاي ألنجابويل، والحاخام ديفيد سبرستين، المدير الفخري لمركز العمل الديني لليهودية الإصلاحية، وسفير الحريات الدينية في وزارة الخارجية الأمريكية سابقا – الولايات المتحدة، والدكتورة عزة كرم، الأمين العام لمنظمة أديان من أجل السلام.
أما الموضوع الثاني فتحدث فيه كل من الدكتور إبراهيم مشروح- مدير تحرير مجلة السلم – المغرب، والدكتور روفين فايرستون- أستاذ كرسي ريغنشتاين في اليهودية والإسلام في العصور الوسطى في كلية الاتحاد العبري- المعهد اليهودي للدين، الولايات المتحدة، والدكتور راسل روك، الشريك المؤسس، منظمة "GOOD FAITH PARTNERSHIP".
وقال سبرستن: يجب أن نبقي المعايير الحقيقية للإنسان قابلة للتطوير بغرض الاستدامة سواء للأقليات والأطفال وذوي الهمم، فكلهم لهم الحقوق عينها في مختلف الأديان، ويفترض أن تحفظه الدساتير والقوانين مختلف البلدان. أما نحن كيهود فمنفتحون على الحوار وتبادل الأفكار لنؤسس حياة أفضل قائمة على المواطنة العالمية.
وأكد ضرورة تأسيس قوانين عالمية تحمي هذه الحقوق وتحقق تطلعات البشرية؛ لأن جميع أبناء الأسرة الإنسانية يتشاركون الحياة بسعاداتها ومشكلاتها.
ولاحظ أن هناك أكثر من 17 مليون مشرد، وأكثر من عشرين مليون لاجئ، وهذا لم تشهده البشرية في الماضي، فإلى أين نمضي؟.
وأضاف سبرستن: علينا أن نتصدى لهذه المشكلات فهي من صميم المواطنة العالمية؛ لأن استمرار الظلم بحق فئة من الناس، ليس من الأخلاق، وليس مقبولاً في كل الشرائع. وهذا ما يدعو القادة الدينيين إلى التعاون والعمل جنباً إلى جنب، فنحن نمثل خير تمثيل المواطنة العالمية التي نطمح إلى تحقيقها.
وتحدثت السفيرة عزة كرم، فتوجهت بالتحية للدولة المضيفة وللعلامة الشيخ عبدالله بن بيه.
وقالت إن ممثلي الأديان وأتباعهم هم ناشطون في الواقع بالمجالات الخدمية أو التطوعية، وهو نموذج ملهم. ويُشكر منتدى تعزيز السلم على جهود في ترسيخ المواطنة العالمية.
ولاحظت كرم أن هناك في بعض البلدان انعدام أبسط شروط الكرامة، فضلا عن قيم المواطنة التي نتحدث عنها. ولنعترف أن الديمقراطية جميلة، ولكن لا تزال هناك ثغرات عدة تعترض طريق تحقيق المواطنة الشاملة، كما يعمل عليها الشيخ ابن بيه.
أما الجلسة الثانية من فعاليات اليوم الثالث، فعقدت برئاسة الدكتور خليفة الظاهري، المدير التنفيذي لمركز الموطأ للدراسات والتعليم، نائب مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية. وعقدت تحت عنوان "التغير المناخي والحفاظ على البيئة - الواجب المشترك"، وتحدث فيها كل من راميس كينت، مستشار ومدير الزراعة المستديمة ومنظمة السلام - المملكة المتحدة، والحاخام جوناثان ويتنبرغ، الرئيس المشارك، كبير الحاخامات في MASORTI JUDAISM، SYNAGOGUE - المملكة المتحدة، والبروفيسورة عائشة حدو، رئيسة مركز " تعارف للبحث والتكوين في العلاقات بين الأديان".
افتتح الجلسة الدكتور خليفة مبارك الظاهري، منوهاً أن المواطنة قيمة كبرى في المنظر الديني عموماً، كما في الرؤى الفكرية والفلسفية المختلفة الاتجاهات. وهذا ما تنطلق منه دولة الإمارات العربية المتحدة؛ في بناء عملية الإنسان، التي بدأت مع المؤسس الوالد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، ولذلك صارت المواطنة في دولتنا الحبيبة نموذجاً عالمياً للعيش السعيد. وهذا يندرج في صميم لب الأنسنة؛ بكل ما تعنيه من تطور وحداثة إنسانية قائمة على التسامح، أو في إطار خطاب وثقافة السلم عموما، التي يرتقي بها فارس التسامح الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، إلى مدارات أخلاقية ودينية وإنسانية جديدة، تحظى باهتمام العالم.
وتحدث إلياس جمال وزير الشؤون الدينية في جزر المالديف، فتوجه بالشكر والتقدير إلى دولة الإمارات الدولة الإنسانية بامتياز، سواء من حيث البنى الاجتماعية والاقتصادية التي تقوم على أساس تحقيق السعادة للإنسان، أو على مستوى وقوفها إلى جانب كل شعوب الأرض؛ عندما تقتض الأمور تقديم المساعدات.
أما راميس كينيث فقال إن الاقتصاد والمواطنة والمعتقدات كلها أفكار مترابطة تخص الإنسان، هذا من جهة أولى، وكل شؤون الواقع لها إدارات إذا أردنا لها أن تقوم بدورها كما يجب، ولذلك يكون من الطبيعي أن يندرج موضوع المواطنة في الإدارة السياسية للشأن الإنساني، ولهذه الأسباب تقوم مشكلات المواطنة؛ لأن السياسة في الغالب محكومة بالمصالح حزبية أو الفئوية الضيقة، ما يستدعي حضور الأخلاق في الإطار الفكري أو القانوني للمواطنة، وهذا ما يقوم به معلمي الشيخ عبدالله بن بيه.
وعرض كنيث المشكلات البيئية التي تستفحل مع مرور الوقت؛ بسبب الفساد وجشع الإنسان في الاستهلاك، وهذا يحتم مرة أخرى مقاربة المواطنة في إطار أخلاقي؛ لأننا نعيش في بيئة واحدة متمثلة بكوكب الأرض. ولذلك يتعين علينا الإسراع في مواجهة التحديات البيئية.
كذلك تحدث الحاخام جوناثان ويتنبرغ، فلاحظ أن الرعاية البيئية هي من ضمن القيمية الأخلاقية الرئيس في المنظور الدين في اليهودية كما في كل الأديان السماوية والفلسفات الروحية؛ لأن الإنسان ليس فوق الطبيعة، وليس منفصلاً عنها، وإنما هو جزء منها، ويفترض أن يتكامل معها.
وختم متسائلا: ما الذي ينبغي علينا القيام به؛ لتلافي أخطار التلوث البيئي؟ داعيا إلى تركيز الجهود في هذا الشأن، واقترح أن المدخل إلى ذلك ما سماه التوبة، أي التوقف عن الإساءة للبيئة.
أما البروفيسورة عائشة حدو فاعتبرت أن مشكلات البيئة مسؤولية أخلاقية وإنسانية، وعلى المفكرين والفلاسفة أن يبذلوا جهداً أكبر في التعاون مع العلماء أمثال الشيخ ابن بيه؛ لإبداع حلول واقعية وممكنة، وهي مسؤولية لا تعفي أحدا؛ لأننا لا خيارات لنا، فعلاقاتنا كما يجب أن تكون مع الآخر وفق منظور رؤى التسامح والسلم، كذلك الأمر يجب أن تكون علاقتنا بالبيئة.
أما الجلسة الثالثة فعقدت برئاسة الدكتور محمد السنوسي، مدير شبكة صانعي السلام، عضو مجلس أمناء منتدى تعزيز السلم.
وتضمنت حوارات مفتوحة حول موضوع المحور الخامس وهو بعنوان "ميثاق المواطنة الشاملة- دعوة مفتوحة إلى الالتزام"، وناقشت "وثائق ومبادرات على طريق المواطنة الشاملة - إعلان مراكش، وثيقة الأخوة الإنسانية، وثيقة مكة المكرمة، ميثاق حلف الفضول، مشروع ويلتون بارك".
وتحدث فيها كل من الدكتور مصطفى سيريتش- عضو مجلس أمناء منتدى تعزيز السلم، والدكتور أرسلان سليمان، مستشار، زميل في معهد دراسة الدبلوماسية، جامعة جورج تاون- الولايات المتحدة، وأليسون هيلارد، مديرة البرامج، ويلتون بارك، المملكة المتحدة.
وقال تيسيريتش: إننا جميعاً يمكننا الاتفاق، على حقيقة أننا نواجه أزمات مختلفة بيئية وصحية والفقر والحروب. ولكنني أود أن أقارب هذه الأزمات من خلال فكرتين، واحدة كانت تسود الفكر، والأخرى عادت مجدداً تتقدم الفكر الإنساني، الأولى هي الجدلية، التي كانت تقارب الحلول للمشكلات انطلاقاً من الحاجة المادية، والثانية المقاربة الروحية، أي ضرورة عودة حضور الدين والأخلاق في مقاربات مشكلاتنا، وهو ما يحتم على المسلمين بالدرجة الأولى أن يظهروا للعالم من خلال حوار جدلي/ديالكتيكي يقول إن المسلمين لا يخشون السلام، الذي لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الروح الإنسانية الحقيقية، ومن خلال العقل البشري المنفتح والقلب الصادق، وهي الخصائص الأخلاقية والإنسانية؛ لروح ونفس وعقل وقلب آخر الأنبياء والرسل، محمد بن عبدالله "ص".
وعرض تيسيريتش وثيقة المدينة، ووثيقة ماجنا كارتا، ووثيقة نوسترا إيتاتي، وميثاق حلف الفضول، ووثقية الأخوة الإنسانية، ووثيقة مكة المكرمة.
وختم معتبراً أن "ميثاق مكة" يلخص جميع الوثائق والمواثيق التاريخية السابقة التي تؤكد الفكرة الأساسية لـ"صحيفة المدينة" حول ضرورة السلام والأمن من أجل الحفاظ على عالم متعدد الأديان والثقافات وتعزيزه.
أما الدكتور أرسلان سليمان فلاحظ أن جميع الوثائق والمحطات التي تحدث عنها المفتي تيسريتش، هي في الواقع شكلت نقلات متقدمة باتجاه دعم وتعزيز قيم المواطنة. ولكن مشروع الشيخ ابن بيه في المواطنة الشاملة تشكل أفقا كونياً، للتفكير وممارسة المواطنة العالمية؛ من خلال برامج تربوية وتعليمية وأنشطة إنسانية تترجم الأفكار والتصور في الممارسات العملية.
أما أليسون هيلارد فعرضت تجربة ويلتون بارك في حوارات المواطنة وخاصة مع منتدى تعزيز السلم برئاسة الشيخ عبدالله بن بيه، بدءاً من لقاءات روما وواشنطن وأبوظبي.
ولاحظت أن هذه الحوارات انتهت إلى وضع خارطة طريق نحو مواطنة شاملة.
وقالت هيلارد: "إننا خلال هذه الحوارات شكلنا تحالفاً فريداً يضمن 12 شخصية مميزة وعشر منظمات أو مؤسسات عاملة في صناعة التسامح والسلام من ممثلي المسلمين والمسيحيين في الشرق الأوسط".
وأضافت أنها تتطلع باهتمام إلى ميثاق المواطنة الذي يعمل عليه منتدى تعزيز السلم في ابوظبي، آملة أن تجري ترجمتها في السياقات الاجتماعية والسياسية والقانونية، وأنها تنظر بخالص التقدير إلى جهود الشيخ ابن بيه ومنتدى تعزيز السلم.
وعقدت الجلسة الرابعة برئاسة الدكتور أسامة الأزهري، مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الدينية – مصر، وتضمنت عرض نماج عن تجارب المواطنة، تحت عنوان "نماذج وتجارب عالمية ناجحة في التنوع والتعايش السعيد".
تحدث فيها كل من الدكتور عمر حبتور الدرعي- المدير العام لمجلس الإمارات للإفتاء الشرعي، عن النموذج الإماراتي في التسامح – دولة الإمارات العربية المتحدة، وعن النموذج السنغافوري، تحدث أروان هادي، نائب مدير السياسات واللوائح الدينية، المجلس الديني الإسلامي – سنغافورة، وعن النموذج الفنلندي بيا جاردي، رئيسة المجلس الفنلندي المشترك بين الأديان- فنلندا، وعن نموذج تتارستان الشيخ سميع الله- مفتي جمهورية تتارستان.
وقال الدكتور محمد بشاري إن مفهوم المواطنة يمكن النظر إليه من خلال مفهومي الوطن والأمة، اللذان طالما اختطفت جوانبه جماعات الإسلام السياسي، لإحداث شرخ يسمح لها بالتغلغل من خلاله، محطمةً سياجاً ركائز أساسية في عماد الدول واستكانتها، وعابثةً في طمأنينتها من خلال التلاعب بالألفاظ والأفكار، دون رعاية ما للأوطان من ارتباط وصيانة للسيادة، والجنسية، والدفع بالمشتركات الثقافية، وحماية الحريات الدينية، وديمومة التناغم والوئام بين كافة العناصر المركبة للمجتمع ككل، وفي إغفال هذه المعاني المؤدية لصون القيم، وفي إعلاء المصالح الشخصية والنوازع الفردية على مصلحة الكل، ووحدة الإنسان والإنسانية، اندفعت العديد من "المحركات التحريضية"، على إذكاء فتيل الفرقة والتشرذم متخفيةً وراء شعارات الفرقة الناجية، ومتطفلةً على اعتقاد المرء وأقصى درجات إيمانياته، ومحاولة إجباره على انتهاج ركبهم، أو الوعيد بالنار، التي لم يفرضها بهذه الصيغة رب الأرباب، الحق سبحانه وتعالى.
وختم بشاري: من أبوظبي تنطلق مبادرة العلامة الشيخ عبدالله بن بيه إلى الانتقال من المرحلة التعاقدية والتشاركية في بناء الأوطان؛ إلى وضع نظام عالمي جديد، مؤسس على منظومات قيمية متفاعلة في ما بينها؛ لتحقيق الأمن الروحي والفكري لبني البشر؛ باستقرار الدول والسياسات الناظمة للشأن العام الإنساني منها، فيحقق بذلك الانتقال الى التمازج الوجداني المنشود.
وتحدث إروان هادي عن التجربة السنغافورية، معتبراً أن أهم مميزاتها، أنها قامت على الحوار المفتوح مع الشباب، وبخاصة أنهم اليوم يشكلون مساحة واسعة من وعي المواطنة من خلال قدرتها على التواصل واستخدام وسائط التواصل الاجتماعي. ملاحظاً أن حكم القانون وسيادة المؤسسات يأتي في المرتبة الثانية في بناء إطار المواطنة الشاملة. وهذا العنصران شكلا عاملان في انفتاح المجتمع السنغافوري على بعض مختلف التشكيلات الإثنية والعرقية.
وختم إروان بتوجيه تحية صادقة إلى دولة الإمارات التي تشكل نموذجاً راقياً للمواطنة، كما توجه بالشكر إلى الشيخ عبدالله بن بيه، الذي يقدم رؤى خلاقة للتواصل الإنساني؛ بأرقى الصور العقلانية الممكنة.
أما بيا جاردي فتوجهت بالشكر إلى الشيخ ابن بيه، ورفعت أحسن التهنئة إلى دولة الإمارات العربية المتحدة، في عيد تأسيسها الخمسين.
وتحدثت عن التجربة الفنلندية، فقالت إن هذه التجربة بدأت منذ فترة ليست طويلة، وبدأت فعليا مع الرئيسة السابقة تيرا هيرن، التي دعت قادة وممثلي الأديان من غير المسيحيين، وطالبتهم بالبدء الحوار حول تشكيل مجلس يضم جميع الأديان، والبدء بحوار جاد، حول المستقبل الذي نريده معاً. وفي هذا الإطار جرى تشكيل هذا المجلس 2006، وكان يضم بشكل رئيس عضوين من المسلمين ومثلهما من اليهود، والنصف من النساء. وأضيف لاحقاً المارونيون وآخرين إلى المجلس؛ كي يشارك الجميع بدورهم في الحوار المجتمعي.
ولفتت النظر إلى أن المجلس ينتظر انضمام التحالف الهندوسي، مؤكدة أن هذا المجلس شكل جسراً لإقامة علاقات ثقافية، تؤهل للقيام بحوار جيدة حول كل المشكلات التي تواجه مجتمعنا.
وأكدت أن المجلس الإسلامي قام بترجمة إعلان مراكش، الذي لاقى قبولا ليس بقليل، وأخذ يؤسس لنوع من العلاقات الجديدة؛ تتسم بالضيافة الإبراهيمية؛ بين أبناء مختلف الديانات.
وأخيراً؛ تحدث الدكتور عمر الدرعي عن التجربة الإماراتية، ملاحظاً أن من جميل المفارقات أن يتوافق الملتقى الثامن لمنتدى تعزيز السلم، بموضوعه اللافت "المواطنة الشاملة"، مع اليوبيل الذهبي لتأسيس دولة الإمارات التي عرفت بالسماحة والأخوة إلى جميع الناس. وهي من نعم الله أن يكون الموضوع من أهم سمات دولتنا الحبيبة.
وتحدث الدرعي عن خصوصية صدق التصالح مع الذات ومع الآخرين، الذي لعب الدور الأبرز في هوية الإمارات المجتمعية، التي شكلت حالة ريادية ومتمايزة في المنطقة. ملاحظاً أن مفهوم المواطنة في دولة الإمارات يقوم على مركزات، أهمها السماحة مع التنوع والتعدد، الأمر الذ يجعل المجتمع متناغما ومنسجماً. الركيزة الثانية مساواة المواطنين جميعاً أما القانون. ولذلك لا نعرف في الإمارات مصطلح الأقليات والأكثريات، فالمواطنين والمقيمين هم أفراد أعضاء في المجتمع في حماية القانون.
والمرتكز الرابع هي حزمة من القوانين تمنع ازدراء الأديان وتحمي المعتقدات من ضمن حماية المواطنة؛ بحزمة من القوانين تؤسس للعيش الكريم والسعادة المنشودة. وآخر المرتكزات السمة الإنسانية، التي تعتبر فلسفة معتمدة في دولتنا منذ قيامها، وهو ما أدى إلى تشكيل وزارة التسامح.
أما الدكتور الأزهري، فعرض التجربة المصرية تاريخياً، وكيف احتضن الإسلام الكنائس؛ باعتبارها من عمران البلاد، وفق فتاوى علماء الإسلام من أمثال الليث بن سعد، ملاحظاً أن حماية التنوع الديني عريقاً في مصر، فضلاً أنه من ضمن البعد الشرعي الإسلامي.
وعقدت الجلسة الخامسة تحت عنوان" حوار حلف الفضول الجديد"، وتحدث فيها كل من الدكتور محمد السنوسي، عضو مجلس أمناء منتدى تعزيز السلم، والقس الدكتور بوب روبرتس، مؤسس ورئيس مؤسسة القسيس العالمي، الولايات المتحدة، والإمام محمد ماجد، الإمام التنفيذي للمجتمع الإسلامي لعموم دالاس""ADAMS - الولايات المتحدة، والدكتور ويليام فيندلي، الأمين العام الفخري لمنظمة الأديان من أجل السلام سابقا - الولايات المتحدة، والدكتور ستيف بيزنر، كبير القساوسة، كنيسة هيوستن الشمالية الغربية- الولايات المتحدة، والحاخام شوشانا بويد غيلفاند، رئيس منظمة IJCIC، الولايات المتحدة.
أما الجلسة الختامية من فعليات الملتقى الثامن، فعقدت برئاسة سعادة السفير تركي الدخيل- سفير خادم الحرمين الشريفين في دولة الإمارات العربية المتحدة، وناقشت في "مشروع ميثاق المواطنة الشاملة- دعوة مفتوحة إلى الالتزام".
وتحدث فيها كل من الدكتور عارف النايض- مؤسس ورئيس مجلس إدارة كلام للبحوث والإعلام – ليبيا.
وتحت عنوان "فرص وإمكانات صنع عالم أفضل - كيف يمكن أن تسهم المواثيق والاعلانات في بناء مستقبل أجمل"، تحدث كل من الدكتور رضوان السيد- عضو مجلس أمناء منتدى تعزيز السلم، والأب البروفيسور توماس شيرماكير، الأمين العام والرئيس التنفيذي للتحالف الإنجيلي العالمي – الولايات المتحدة، والأب الدكتور روي ميدلي، الأمين العام الفخري للكنائس المعمدانية – الولايات المتحدة، والكاردينال جون أولورونفيمي أونايكان- رئيس أساقفة أبرشية أبوجا – نيجيريا، والحاخام يهودا سارنا حاخام الجالية اليهودية في الإمارات.
وقدم الدكتور رضون السيد ورقة بعنوان "وثائق ومبادرات على طريق المواطنة الشاملة" ملاحظاً أن "المُواطنة" عندما كانت تُذكر في البيانات والإعلانات الصادرة عن الهيئات والمؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية حتى العام 2015؛ فقد كان غرضُها الأول التصدي للتيارات المتطرفة والجهادية، التي تُنكر على غير المسلمين في الدول العربية حقّهم في الحياة والكرامة وحريات التدين والعبادة والمواطنة، أما خلال السنوات الست الماضية فتغير الاتجاه، وبخاصة بعد إصدار إعلان مراكش لحقوق الأقليات الذي افتتح عهداً جديداً في التعليل والتدليل والتأصيل والتأويل وفتح الآفاق. وظهر الأمر عينه على إيجاز في إعلان الأزهر للمواطنة والعيش المشترك، الذي مثل إعلان مراكش للخروج من فكرة الأقلية والأكثرية.
وقال السيد إن عقد رسول الله وعهده وكتابه أو دستوره، هو توافقي من دون نزاع ولا غلبة. ولاحظ أن رؤية الشيخ عبدالله بن بيه في صحيفة المدينة، تتوسط التجربة السياسية النبوية بين كلي القرآن وكلي العصر والزمان. وهو ما جعله يصل إلى حلف الفضول الجديد، الذي يؤكد على التضامن والسلام، كما هو شأن وثقتي مكة المكرمة والأخوة الإنسانية.
وأشار إلى أن ميثاق حلف الفضول الجديد يدعو الإبراهيميين لاستثمار الفضائل في خدمة السلام والتضامن والمشترك الإنساني، بينما تدعو وثيقة الأخوة الإنسانية لنشر ثقافة التسامح والتعايش والسلام وتُدين الحروب والصراعات.
aXA6IDMuMTM4LjEyNC4yOCA= جزيرة ام اند امز