في عصر التقنية الحديثة، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي، والمؤثرون، والذكاء الاصطناعي أدوات قوية تؤثر على الرأي العام وتشكّل توجهاته.
بفضل سرعة انتشار المعلومات، قد تشكل هذه الأدوات تهديدًا للأمن الوطني للدول عبر نشر الشائعات والمعلومات المضللة، مما يفرض على الدول، سواء كانت غربية أو شرقية، وضع استراتيجيات للحماية والاستجابة. يعتمد قياس توجهات الرأي العام على تحليل البيانات الضخمة وتتبع التفاعلات الرقمية، كما تُستخدم تقنية الذكاء الاصطناعي لتحليل المشاعر والمواقف تجاه قضايا محددة، مما يمنح الحكومات رؤية واضحة عن توجهات الجمهور ويسهم في اتخاذ قرارات مبنية على معطيات دقيقة.
تتبنى بعض الدول استراتيجيات متعددة لحماية أمنها الوطني أمام هذه التحديات، من بينها المراقبة والتحليل للبيانات الضخمة، حيث يجري تحليل كميات هائلة من البيانات على الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي لتحديد أي محتوى قد يشكل تهديدًا خطيرًا. كما تسعى الدول إلى التوعية المجتمعية والتثقيف الإعلامي لتعزيز وعي الأفراد بضرورة التحقق من الأخبار وعدم نشر الشائعات، بهدف الحد من انتشار المعلومات المضللة.
ويعد التعاون مع شركات التقنية محورًا أساسيًا لضبط الحسابات المضللة والعمل على حجب المحتوى الضار. إذ يمثل الذكاء الاصطناعي أداة رئيسية في تحليل التهديدات وكشف الخطاب المتطرف أو المعلومات الزائفة، بالاعتماد على التعلم المستمر ليصبح أكثر فاعلية. وتتبنى العديد من الدول سياسات وقوانين صارمة لمعاقبة ناشري الأخبار الكاذبة، ما يعزز من النظام ويحد من انتشار الشائعات.
تشكل فرق الأمن السيبراني خط الدفاع الأول في حماية المعلومات، حيث تتولى مسؤولية تعقب الأنشطة المشبوهة وحملات التشويه السيبرانية، وتعمل بالتنسيق مع دول أخرى لتحقيق الاستقرار الدولي عبر تبادل المعلومات وتنسيق الجهود لمواجهة التهديدات العابرة للحدود. وفي بعض الحالات، قد تطلق الحكومات حملات إعلامية مضادة لتوضيح الحقائق والرد على الشائعات، مما يقلل من تأثير المعلومات الكاذبة ويحقق توازنًا في التوعية العامة.
ورغم أهمية هذه التدابير، يبقى تحقيق نتائج سريعة أمرًا صعبًا بسبب التحديات المستمرة، مثل تطور تقنيات المعلومات المضللة والوقت اللازم لتوعية الجمهور. لذلك، تحتاج الدول إلى جهود طويلة الأمد لضمان استدامة الأمن الوطني في ظل التغيرات المتسارعة التي تشهدها محركات الرأي العام الرقمية.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة