أن تكون على مسافة واحدة من جميع الأطراف في العلاقات الدولية هو أن تحافظ على موقف الحياد تجاه المتصارعين، واعترافهم بهذا الموقف غير المتحيز.
وهذا أمر بالغ الأهمية تكتسبه الدول والمؤسسات من خلاله الثقة والتعاون من جميع الأطراف المتنازعة من أجل العمل بشكل فعال للتهدئة والوساطة، لا سيما في حالات الاحتدام السياسي المرتفع أو في حالة الصراعات المسلحة.
والتطبيق العملي لهذا التعريف يتمثل في وقوف دولة الإمارات على مسافة واحدة من جميع الأطراف في معظم أماكن الصراع، وذلك بهدف المساهمة في إعادة الاستقرار السياسي في تلك المناطق.
وذلك تناغماً مع «مبادئ الخمسين»، التي تشكل المرجعية الأولى لسياسات دولة الإمارات خلال العقود المقبلة، خاصة المبدأ الذي ينص على أن الدعوة للسلم والسلام والمفاوضات والحوار لحل كافة الخلافات، هو أساس السياسة الخارجية لدولة الإمارات وأن السعي مع الشركاء الإقليميين والأصدقاء العالميين لترسيخ السلام والاستقرار الإقليمي والعالمي هو المحرك الأساسي للسياسة الخارجية. كما يتناغم هذا النهج الرشيد، مع المواثيق الدولية ومبادئ الأمم المتحدة.
ونتيجة لهذا النهج الحكيم نجحت الدبلوماسية الإماراتية في التعامل مع الحرب الروسية الأوكرانية، منذ اندلاعها بدايات عام 2022، وذلك من خلال الإبقاء على مسافة واحدة من طرفي الصراع، وهو ما أدى لتمكن الدولة من لعب دور الوسيط النزيه والمقبول من موسكو وكييف، وخصوصاً في ملف تبادل الأسري بين الطرفين.
حيث تمكنت من تحقيق إنجازات كبيرة في هذا الملف المعقد، ليصل العدد الإجمالي للأسرى الذين تم تبادلهم بين البلدين بوساطة إماراتية إلى 2184 أسيراً وذلك من خلال 9 عمليات وساطة على مدار العامين الماضيين.
كما نجحت الإمارات في نهاية عام 2022 في تبادل مسجونَيْن بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا.
كما من الممكن أن تؤدي الثقة التي حظيت بها دولة الإمارات من طرفي الأزمة الروسية الأوكرانية وتقدير الطرفين لها في دعم المسار الدبلوماسي لحل الأزمة بين البلدين في قابل الأيام. لأنه لا مفر من الحوار والتفاوض، كطريق وحيد لخفض التصعيد، وإنهاء الجمود الذي يسود المفاوضات منذ فترة.
وفي هذا السياق، لم تتوقف الإمارات عن الدعوة للتمسك بمبادئ الأمم المتحدة والقانون الدولي وحماية المدنيين، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إليهم دون عوائق.
باختصار، الإفلات من فخ الاستقطاب في هذا الملف الشائك بالوقوف على مسافة واحدة من جميع الأطراف، سيمكن دولة الإمارات من تجسير المسافات بين الطرفين والمساهمة في إيجاد حل سلمي للنزاع في أوكرانيا، من خلال دبلوماسية الحوار ودعم جميع المبادرات التي من شأنها أن تخفف من التداعيات الإنسانية الناجمة عن الأزمة كاللاجئين والأسرى.
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة