باحتجاجات «منتهية الصلاحية».. إخوان مصر يُنعشون «ماكينة التضليل»

بين الشائعات والتحريض المسلح، يُعيد تنظيم الإخوان الإرهابي، تدوير أدواته المهزومة، لبعث مشروعه من رماده، متسلحًا بآلة دعائية تتكئ على الكذب المُمنهج والتضليل المدروس، لاختراق الجدار الشعبي.
فالشائعات بالنسبة لإخوان مصر، لم تعد مجرد أدوات تشويه وتضليل، بل صارت غطاء تمهيديا لتهديدات كامنة، توحي بإمكانية تفعيل خلاياه «الإرهابية» النائمة متى سنحت الفرصة.
إلا أن ما لا يدركه التنظيم أن هذه الاستراتيجيات المزدوجة – الشائعات والتلويح بالأذرع المسلحة – باتت مفضوحة، وتُواجه بيقظة أمنية ومجتمعية تُجهضها عند مهدها، وتمنعها من اختراق وعي شعب لفظ الخداع والعنف معا.
فما الجديد؟
تداولت صفحات تابعة لتنظيم الإخوان ولجانه الإلكترونية، مقاطع فيديو، قالت إنها لاحتجاجات جديدة بإحدى المحافظات المصرية، في محاولة لزعزعة استقرار البلد الأفريقي الذي أزهق مشروعه التوسعي.
إلا أن تلك الشائعات تحطمت على صخرة الحقائق، فالصفحة الرسمية لوزارة الداخلية المصرية، نقلت عن مصدر أمني قوله إن مقاطع الفيديو التي تداولها عدد من الصفحات الخاصة باللجان الإلكترونية التابعة لتنظيم الإخوان الإرهابي بمواقع التواصل الاجتماعى بشأن وجود تجمعات بإحدى المحافظات فى الوقت الراهن، «قديمة».
وأكد المصدر، أن تلك المقاطع سبق تداولها عام 2019م، مشيرًا إلى أنها تأتي في إطار مخططات تنظيم الإخوان الإرهابي وعناصره الموجودين بالخارج لمحاولة إثارة البلبلة والإيحاء للمواطنين بوجود مؤيدين لدعواتهم التحريضية «على غير الحقيقة».
وتعهدت وزارة الداخلية المصرية باتخاذ الإجراءات القانونية حيال القائمين على ترويج تلك المقاطع.
سلاح إخواني
وبحسب مراقبين، فإن تنظيم الإخوان يعتمد استراتيجية منسقة لنشر المعلومات غير الصحيحة وترويج الأكاذيب، أملا في أن يؤدي ذلك إلى تهييج الشارع المصري أو على الأقل إفقاده الثقة بالبيانات التي تصدر عن الجهات الرسمية والإيحاء له بأن هناك ما يُخفى عنه.
ولا يعد اللجوء لهذا الأسلوب أمرا جديدا على جماعة الإخوان التي دأبت على استخدام هذا التكتيك منذ سنوات، وعملت على إنشاء لجان إلكترونية متخصصة في نشر دعاية الجماعة وشائعاتها، بحسب مراقبين.
بداية تنظيم هذه اللجان في صورتها الحالية، كان في عام 2015، كجزء مما عُرف بخطة الإنهاك والإرباك والحسم، التي وضعتها «لجنة الخطة» التابعة للجنة الإدارية العليا الأولى للجماعة التي أدارت الأمور بدلا من مكتب الإرشاد من فبراير/شباط 2014-مايو/أيار 2015.
وفي ذلك التوقيت، اقترح أحمد ريدي، أحد كوادر الجماعة، على محمود حسين عضو مكتب الإرشاد والأمين العام للجماعة وقتها، والقائم بأعمال المرشد-جبهة إسطنبول حاليا، إنشاء لجان إلكترونية تكون مهمتها ترويج ما تريده الجماعة من روايات وأخبار على مواقع التواصل المختلفة، وبالفعل جرى عرض المقترح على نائب المرشد وقتها إبراهيم منير، وأقر الأخير الفكرة وبدأت العمل تحت إشراف محمود حسين وبالتنسيق مع أحمد ريدي، المقيم في هولندا وزوجته إيمان الجارحي.
ويعمل بهذه اللجان مجموعة من كوادر جماعة الإخوان وتقوم على نشر الشائعات واستهداف أعداء الجماعة في مصر وخارجها بالتشويه ونشر الأخبار المغلوطة والكاذبة عنهم، وترويجها على نطاق واسع،.
وبمرور الوقت أصبح هناك أكثر من فريق إداري مسؤول عن اللجان وتعمل الفرق بالتنسيق مع اللجنة الإعلامية للجماعة، ومن بين أبرز الأسماء العاملين في هذا الأمر إبراهيم فودة، وأحمد ناصر، وأحمد ريدي وآخرون.
وسبق أن كُشف عن تلقي كوادر من الجماعة دورات تدريبية في جورجيا ودول أخرى من أجل التدريب على أساليب نشر الشائعات والأخبار المغلوطة وتوظيفها دعائيا ضد خصوم الجماعة وأعدائها.
ماكينة شائعات إخوانية
وتعتمد استراتيجية التضليل ونشر الشائعات الإخوانية، وفق المعلومات المتوافرة عنها، على نشر المواد الدعائية غير الدقيقة بشكل متكرر وسريع على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى شاشات القنوات الإخوانية.
وتلعب اللجان الإلكترونية دورا بارزا في ترويجها، ويعد اختيار أكثر من قناة وموقع ووسيط اتصالي جزءا من المحددات الرئيسية لاستراتيجية التضليل والشائعات الإخوانية.
ويتم في هذه الاستراتيجية نشر معلومات مغلوطة بالكامل أو مبتورة من سياقها، وفي بعض الأحيان القيام بتعديلات على الصور والفيديوهات بواسطة (التزييف والتزييف العميق) من أجل نشر فكرة أو انطباع معين لدى الجماهير.
وتعتمد الاستراتيجية الإخوانية على استخدام المنشورات النصية والصور والفيديو وغيرها من الوسائط التي تُنشر عبر القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية وكذلك مواقع التواصل الاجتماعي من أجل إحداث أكبر تأثير، وتقوم اللجان الإلكترونية بالتفاعل مع هذا المحتوى على وسائل التواصل الاجتماعي للإيحاء بأنه مهم ويحظى برواج جماهيري، في حين أنه مجرد جزء من سلسلة الدعاية الإخوانية.
ويهدف اللجوء لأكثر من مصدر (سواء القنوات أو المواقع الإلكترونية) إلى الحصول على مصداقية أكبر للشائعة لأن تلقي الرسائل الاتصالية من أكثر من مصدر أدعى لتصديقها، كما تقول نظريات علم الإعلام والاتصال وعلم نفس التي اعتمد عليها مخططو استراتيجية التضليل الإخوانية.
وتتسم أيضا الشائعات الإخوانية بأنها سريعة ومواكبة مع الأحداث، بهدف إحداث أقصى قدر من التأثير لدى الجماهير، وفي بعض الأحيان تستهدف هذه الاستراتيجية حصول ما يُعرف بـ"تأثير النائم"، وفي هذا النوع من التأثير يروج متلقو الشائعات المعلومات التي استقوها من وسائل الإعلام الإخوانية متناسين المصدر، ويروجون هذه المعلومات والشائعات باعتبارها حقائق ثابتة، وهذا قد يؤثر في انطباعات الناس والصورة العامة المتكونة لديهم.
ويحاول القائمون على نشر هذه الشائعات إظهار أن الأخبار المضللة التي ينشرونها منقولة عن خبراء بارزين ومتخصصين
خلخلة البنية الاجتماعية
من جانبه قال اللواء الدكتور طارق جمعة، الباحث في الإسلام السياسي، في تصريحات سابقة لـ«العين الإخبارية»، إن ترويج الشائعات عبارة عن استراتيجية وضعتها قيادة الإخوان بهدف إحداث خلخلة في البنية والكيان الاجتماعي في مصر، مشيرًا إلى أن هذه استراتيجية مُتبعة منذ سنوات يتم توجيهها من قيادة الجماعة العليا وتطبيقها من الكوادر القاعدية التي تعمل على تنفيذ هذه الاستراتيجية بدقة.
وأضاف جمعة، أن هذه الشائعات هدفها تشكيك المجتمع المصري في القيادة السياسية والعمل على إسقاط الدولة، مشيرا إلى أن هناك أسبابا تكنولوجية أسهمت في انتشار الشائعات وأيضا أسبابا سيكولوجية واجتماعية لا سيما في العصر الحالي الذي يلجأ فيه عدد كبير من الناس لاستقاء المعلومات من الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها موقعا "فيس بوك" وإكس" (تويتر سابقًا).
aXA6IDIxNi43My4yMTYuMTUg جزيرة ام اند امز