كراهية الحياة.. حرب نفسية حوثية لترسيخ ثقافة الموت
إلى جانب حروبها المسلحة، تخوض مليشيا الحوثي حرباً نفسية لا تقل ضراوة وضررا في نسيج المجتمع اليمني.
تستهدف الحرب النفسية، والتي تشنها مليشيا الحوثي الإرهابية، في المقام الأول إلى دفع اليمنيين نحو كراهية الحياة وترسيخ ثقافة الموت، وذلك في إطار حملاتها التعبوية لحشد المقاتلين.
وتكثف مليشيا الحوثي المدعومة إيرانيا، بث شعاراتها التي تحقر من قيمة الحياة بوصفها مذلة، وفي المقابل الرفع من قيمة الموت بوصفه الخلاص، حيث تنتشر عبارة "من أحب الحياة مات ذليلاً" في معظم شوارع المحافظات اليمنية الخاضعة لسيطرتها.
كما تحرص الأناشيد الحماسية الحوثية "الزوامل"، على تكرار عبارات موجهة بشكل ممنهج تكرس كراهية الحياة، ويعد زامل "حررت نفسك من حب الحياة" أحد أبرز الأناشيد القتالية التي يستمع إليها مقاتلو مليشيا الحوثي باستمرار.
وأجبرت مليشيا الحوثي المنظمات الدولية على إغلاق مشاريع الدعم والتأهيل النفسي في المناطق الخاضعة لسيطرتها، خصوصا صنعاء بذريعة "إضعاف الروح الجهادية".
وقال عامل في المجال الإنساني لـ"العين الإخبارية" إن منظمة "هانديكاب" الدولية أغلقت مشروع التأهيل النفسي في صنعاء جراء الضغوط التي تمارسها مليشيا الحوثي على العاملين فى المنظمة الدولية ومنع الفريق الخاص بالمشروع من ممارسة عمله.
وكانت منظمة "هانديكاب إنترناشونال" المتخصصة في مجال الإعاقة، قد أصدرت مع المنظمة الدولية للمعوقين تقريراً مشتركاً حول الأضرار النفسية الناجمة عن الحرب التي تسببت بها مليشيا الحوثي.
ويقول التقرير إنّ الحرب خلفت آثاراً نفسية مرهقة للغاية، وأنّه لا يزال الدعم النفسي والاجتماعي يمثل تحدياً في منطقة لا تحظى فيه فكرة الضائقة النفسية إلا بمصداقية قليلة.
وأشار إلى أن فريق المنظمتين قدم الدعم النفسي لأكثر من 16000 شخص، بينما كان يتم التخطيط لتدريب أكثر من 400 عامل صحي لعلاج الأشخاص الذين يعانون من صدمة جسدية ونفسية شديدة، مع ازدياد المحتاجين للدعم النفسي في صنعاء.
حرب ضد مظاهر الحياة
وتبرر مليشيا الحوثي موقفها أن الدعم النفسي يضعف الروح الجهادية لدى المتضررين نفسياً من الحرب، ويجعلهم يحبون الحياة متخاذلين عن الانضمام إلى جبهات القتال.
ويرى ناشطون وخبراء يمنيون أن الحرب النفسية الحوثية لا تستهدف حشد أكبر عدد من المقاتلين فحسب، مشيرين إلى أن انتقاص مليشيا الحوثي من قيمة الحياة مبرر لتسويغ نهب المرتبات الموظفين الحكوميين في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي.
ووفقاً للناشط اليمني فيصل سعيد، فإن الحرب النفسية التي تشنها مليشيا الحوثي أدت تنامي ظاهرة الإنتحار في المحافظات الخاضعة للإنقلاب الحوثي، وتم رصد المئات من حالات الانتحار خلال الأعوام الخمسة الماضية.
وأكد سعيد في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن ظاهرة الإنتحار هي أحد الأعراض الجانبية للحرب النفسية الحوثية، والتي ذهب ضحيتها الآلاف من الشباب الذين ينتحرون في جبهات القتال الحوثية.
وأضاف أن إغلاق الحوثيين للكافيهات والمتنفسات الشبابية يأتي ضمن الحرب الحوثية على مظاهر الحياة التي ترى فيها خطراً على "الروح الجهادية" حد وصف المرجعيات الحوثية.
وحسب تقارير يمنية فإن الحرب النفسية والحملات التعبوية للحوثيين فاقمت الجرائم الأسرية لا سيما أوساط الأسر التي تزج المليشيا بأبنائها إلى القتال في صفوفها مما ينعكس سلباً على نفسياتهم وعلى أسرهم وغدا القتل والموت شيئاً مألوف.