للمرة الأولى بالجزائر.. محاكمة علنية لرموز نظام بوتفليقة
تتجه أنظار الجزائريين غدا إلى محكمة سيدي أمحمد في أول محاكمة علنية لرموز النظام السابق بينهم رئيسا الوزراء السابقين أويحي وسلال.
يترقب الجزائريون، اعتباراً من يوم غد الاثنين، أول محاكمة علنية في تاريخ البلاد لبعض رموز نظام الرئيس المخلوع عبد العزيز بوتفليقة، الموجودين في سجن الحراش بالعاصمة منذ عدة أشهر بتهم فساد متعددة.
وكشف وزير العدل الجزائري بلقاسم زغماتي، عن الشروع في محاكمة المتورطين في قضايا فساد اعتباراً من الاثنين المقبل في جلسات علنية، في وقت تضاربت الأنباء عن طبيعة الجلسات العلنية.
حيث يمنع القانون الجزائري "تصوير المحاكمات من الأشخاص العاديين أو من وسائل الإعلام"، بينما تحدثت مصادر إعلامية عن إمكانية السماح لوسائل الإعلام الحكومية "فقط" بنقل جانب منها، أو فتحها "استثناء" أمام جميع وسائل الإعلام.
- إيداع "أول وزيرة" من عهد بوتفليقة السجن المؤقت بتهم فساد
- أحكام عسكرية بسجن أبرز رموز نظام بوتفليقة بينهم شقيقه
"محاكمة القرن" كما اصطلح على تسميتها والتي ستكون "محكمة سيدي أمحمد" مسرحاً لها، "يدشنها في يومها الأول" وفق ما ذكرته وسائل الإعلام الجزائرية رئيسا الوزراء السابقين أحمد أويحيى وعبد المالك سلال ونجله فارس سلال، ووزيرا التجارة السابقين بدة محجوب ويوسف يوسفي، بالإضافة إلى رجال الأعمال محمد بايري وأحمد معزوز وحسان عرباوي، و17 موظفاً سابقاً بوزارة الصناعة والمناجم.
ومن المرتقب أن يدلي المتهمون بشهاداتهم في قضايا فساد متعددة تتعلق بـ"منح امتيازات غير مستحقة، ومنح وأخذ قروض بطرق غير قانونية وتبييض الأموال".
وأوضح الوزير الجزائري زغماتي بأن قضايا الفساد التي سيتابع فيها المتهمون سبق للعدالة وأن عالجتها منذ مارس/أذار الماضي، وسيتم عرضهم على المحاكمة العلنية اعتباراً من 2 ديسمبر/كانون الأول.
وعن طبيعة القضايا، كشف "زغماتي" عن أنها مرتبطة بـ"تقديم امتيازات بغير وجه حق إلى مركبي السيارات الأجنبية بالجزائر"، ووصفها بـ"الملفات الثقيلة جداً والمفزعة التي سيتفاجأ الجزائريون من تفاصيلها ومما سيقوم به القضاة الذين سيحكم عليهم الشعب إن قاموا بعملهم أم لا"، كما صرح بذلك أمام نواب مجلس الأمة (الغرفة العليا للبرلمان الجزائري).
كما لفت وزير العدل الجزائري إلى أن "النتائج الأولى لمعاجلة هذه الملفات الحساسة والمفزعة التي يعالجها القضاء بدأت تظهر"، واتهم من سبقه في وزارة العدل بالإشارة إلى "أن الإرادة السياسية لم تكن موجودة من قبل رغم قانون مكافحة الفساد".
موجة زلزال سياسي ثانٍ
وتوقع المتابعون للشأن السياسي في الجزائر، أن "تقلب" المحاكمة العلنية "المعادلة السياسية رأساً على عقب"، كونها تُظهر للمرة الأولى شخصيات نافذة وبارزة طوال أكثر من عشريتين "وراء القضبان".
بالإضافة إلى ما سيكشف عنه المتهمون من حقائق "يسمعها الجزائريون على لسانهم وليس عبر الإعلام "كما كان يحدث دائماً، وهي الحقائق التي يقول المراقبون إنها "ستعيد جزء من ثقة الشارع المشكك والمنقسم حول كيفية حل الأزمة السياسية"، و"تعيد الاعتبار لحراك شعبي زلزل المشهد السياسي بعد أن أدخل أسوأ ما فيه إلى السجون، وعرى زيف شعارات من بقي منهم وأسقط أقنعتهم المتلونة على رأسهم التيارات الإخوانية المتشرذمة بين الحراك والانتخابات" كما ذكر خبراء لـ"العين الإخبارية".
ويصطلح على تسمية الشخصيات النافذة من عهد بوتفليقة المتواجدة في سجني الحراش بالعاصمة والعسكري بالبليدة (وسط) تسمية "رؤوس العصابة"، والتي سبق لخبراء اقتصاديين أن تحدثوا عن تهريبهم ما يقارب "500 مليار دولار" إلى الخارج في العشريتين الأخيرتين، بينما تتوزع نحو 60 مليار دولار في الداخل كعقارات ومشاريع استثمارية.
وتأتي المحاكمة العلنية "التاريخية" قبيل عشرة أيام من موعد انتخابات الرئاسة التي ستجرى في 12 ديسمبر/كانون الأول المقبل، حيث اتهم قائد الجيش الجزائري أكثر من مرة جناحي الدولة العميقة أو من أسماهم "بقايا العصابة" بمحاولة التشويش عليها وإثارة الشكوك الشعبية حولها لإلغائها أو التفاوض بشأنها كما ذكر خبراء لـ"العين الإخبارية" في وقت سابق.
أكثر من 30 مسؤولاً نافذاً في السجن
ويعد أحمد أويحيى أول رئيس وزراء جزائري يتهم بالفساد، ووضع في السجن المؤقت بمنطقة الحراش في 26 مايو/أيار الماضي، في عدة قضايا فساد، بينها قضية "مصنع وتركيب سيارات كيا" المعروف باسم "Global motors Kia" المملوك رجل الأعال حسان عرباوي.
إضافة إلى قضية مجمع "سوفاك" ممثل علامة "فولكسفاجن" الألمانية للسيارات بالجزائر المملوك لرجل الأعمال مراد عولمي.
وفي 12 يونيو الماضي، التحق رئيس الوزراء الأسبق عبد المالك سلال بأحمد أويحيى في سحن الحراش، في قضايا فساد مرتبطة برجال الأعمال علي حداد ورضا كونيناف ومحي الدين طحكوت.
ويتابع سلال وأويحيى بتهم فساد ثقيلة، تتعلق بـ"منح امتيازات غير مشروعة ودون وجه حق، وتبديد أموال عمومية، وإساءة استغلال الوظيفة عمداً بغرض منح منافع غير مستحقة للغير على نحو يخرق القوانين والتنظيمات، وتهريب رؤوس أموال إلى الخارج ومنح قروض خيالية".
ويوجد في السجن بتهم "فساد والتآمر على سلطتي الدولة والجيش" ما يقارب الـ40 شخصية نافذة في عهد الرئيس الجزائري المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، بينهم شقيقه السعيد بوتفليقة، و7 مسؤولين عسكريين وأمنيين رفيعي المستوى، ورئيسا وزراء سابقين و12 وزيراً سابقاً، و13 رجل أعمال، ومئات الموظفين في بعض الوزارات والبنوك والشركات الحكومية.
وكانت خليدة تومي وزير الثقافة السابقة آخر مسؤولة من عهد بوتفليقة يأمر القضاء الجزائري بوضعها في السجن المؤقت يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بتهم فساد تتعلق بـ"منح امتيازات غير مستحقة، وتبديد المال العام، وسوء استغلال الوظيفة".
وفي 25 سبتمبر/أيلول الماضي، أصدرت المحكمة العسكرية بمحافظة البليدة أحكاماً نهائية بحق أبرز رموز نظام الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة على رأسهم شقيقه "السعيد" بالسجن لمدد تصل إلى 20 عاماً، في جلسة مغلقة.
وعاقبت المحكمة السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس الجزائري المستقيل، ورئيسي جهاز المخابرات السابقين محمد مدين وبشير طرطاق ورئيسة حزب العمال لويزة حنون بـ 15 عاماً حضوريا.
كما قضت المحكمة ذاتها بإدانة وزير الدفاع الأسبق خالد نزار ونجله ووكيل أعماله بـ20 سنة سجناً غيابياً.