وساطة روسيا أم ضربة عسكرية.. أي خيار ستتبناه أمريكا لردع إيران؟

بعد قرابة شهر من توقيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مذكرة رئاسية أعلن فيها عودة «الضغط الأقصى» ضد إيران، ووسط حالة الضعف التي يعيشها ما يعرف باسم «محور المقاومة»، تسعى روسيا لمساعدة أمريكا في التفاوض على اتفاق نووي جديد وأوسع نطاقا مع إيران.
ويقول موقع «ريسبونسيبل ستيت كرافت» الأمريكي، إن التقارير حول الوساطة الروسية المحتملة تأتي مع ترك ترامب خيار توجيه ضربات عسكرية للمواقع النووية والعسكرية الإيرانية على الطاولة، في حال فشلت الجهود غير العسكرية في التعامل مع ملف إيران النووي.
وكان ترامب وقع مذكرة للأمن القومي (NSPM-2)، أعلن فيها عودة «الضغط الأقصى» ضد إيران، توضح سبب فرض أقصى قدر من الضغط قائلا: «إن سلوك إيران يهدد المصلحة الوطنية للولايات المتحدة. وبالتالي فإن من المصلحة الوطنية فرض أقصى قدر من الضغط على النظام الإيراني لإنهاء تهديده النووي، وتقليص برنامجه للصواريخ الباليستية، ووقف دعمه للجماعات الإرهابية».
وبحسب الموقع الأمريكي، فإن هذا التبرير للمصالح لا يمكن أن يكون أبعد عن الحقيقة عندما ننظر إلى استخدام القوة العسكرية في مقابل الآليات الدبلوماسية لكبح جماح البرنامج النووي الإيراني، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة لديها مصالح محددة للغاية في الشرق الأوسط، بغض النظر عما يريد المعلقون المتشددون أن يصدقه الرأي العام الأمريكي.
وأشار إلى أن العكس من المبدأ الثاني للاستراتيجية الأمنية الوطنية ينطبق على أولويات السياسة الإقليمية الأمريكية، فتجنب الحرب مع إيران يشكل مصلحة أمريكية أساسية.
عواقب الضربة العسكرية
وأكد أنه يتعين على صناع السياسات أن يحاولوا دائما تطبيق نهج مقيد في التعامل مع القوة العسكرية يأخذ في الاعتبار القانون والمصالح الوطنية الحيوية، مشيرا إلى أنه لا يوجد أساس قانوني لمهاجمة إيران.
إلا أن الأمر الأكثر أهمية هو أن إيران لا تمثل تهديدا وجوديا للولايات المتحدة في أي سيناريو حالي أو متوسط الأجل، بل إن طهران تمثل تهديدا مباشرا لمصالح بعض الشركاء الإقليميين ــ وخاصة إسرائيل ــ والقوات الأمريكية التي تُركت مكشوفة في مواقع متقدمة في مختلف أنحاء الشرق الأوسط.
لكن حتى عند مراقبة الديناميكيات الجيوسياسية الإقليمية، فإن طهران لا تشكل تهديدًا وجوديًا لإسرائيل، بحسب الموقع الأمريكي الذي قال إنه بعيداً عن المصالح، فإن أي استراتيجية لفرض أقصى قدر من الضغوط على إيران، بما في ذلك ضرب منشآتها النووية والعسكرية، ستكون غير فعّالة.
وتقدر أجهزة الاستخبارات الأمريكية أن الهجوم على المواقع النووية الإيرانية لن يحقق تأثيراً كبيراً في أفضل الأحوال، بل قد يؤدي إلى تأخير البرنامج النووي الإيراني «أسابيع أو أشهر» فقط دون القضاء على قدرته على إعادة البناء.
وبحسب «ريسبونسيبل ستيت كرافت» الأمريكي، فإنه لا يمكن عزل إيران بشكل كامل عن العالم، لأن ذلك من شأنه أن يعوق الجهود الرامية إلى مقاومة الضغوط القصوى أو إعادة بناء برنامجها النووي، كما تشهد على ذلك علاقاتها الوثيقة على نحو متزايد، وإن كانت معاملاتية، مع روسيا والصين والعديد من جيرانها، فيما تمتلك طهران في الملف النووي قاعدة المعرفة المحلية اللازمة لاستئناف الأنشطة النووية بعد أي هجوم.
الدبلوماسية في خطر
الأسوأ من ذلك أن توجيه ضربة ضخمة للمواقع النووية والعسكرية الإيرانية من شأنه أن يقضي فعلياً على أي محاولات دبلوماسية مستقبلية بين الغرب وطهران، ذلك أن قيادة طهران متشككة بالفعل في الغرب وتستند في جزء كبير من شرعيتها المحدودة إلى المشاعر المعادية لأمريكا والإمبريالية.
يأتي ذلك، فيما تعمل القرارات المتشددة ضد إيران لصالح تمكين المتشددين الإيرانيين والعكس بالعكس، الأمر الذي يترك خيارات محدودة لتقليص البرنامج النووي الإيراني بشكل دائم بعيداً عن تغيير النظام بالعنف.
لكن أي حرب مستقبلية مع إيران ستكون كارثية بالنسبة للشرق الأوسط والعالم، بما في ذلك الولايات المتحدة، كما أنها ستلحق الضرر بمصلحة أساسية إضافية لكنها ضيقة، وهي الحفاظ على الاستقرار الإقليمي من أجل التدفق الحر لمنتجات الطاقة دعما لأمن الطاقة العالمي.
ورغم أن إيران من المرجح أن تخسر أي حرب مع الولايات المتحدة، فإن السيناريو الذي قد ينشأ بعد الصراع غير مرغوب فيه بنفس القدر، ذلك أن إيران دولة كبيرة ومتنوعة تضم أعراقاً متعددة، ومن المؤكد أنها سوف تقاتل من أجل الحصول على دويلات من الدولة السابقة، ما من شأنه أن يؤدي إلى اندلاع صراع أهلي على غرار ما حدث في العراق في عام 2006، وكانت النتائج كارثية.
وساطة روسية
وأكد الموقع الأمريكي أن هناك طرقاً أفضل للتعامل مع قضية طموحات إيران النووية، كما تسلط الأنباء عن التعاون المحتمل بين الولايات المتحدة وروسيا بشأن هذه القضية الضوء على هذا الأمر.
وفي حين يعمل المسؤولون الأمريكيون على بناء تحالف من زعماء العالم المهتمين بكبح جماح البرنامج النووي الإيراني، فإنهم لا بد أن يعربوا عن معارضتهم علناً وفي السر للسياسات غير المفيدة التي تعمل على خنق النهج الدبلوماسي.
وشدد على ضرورة أن يتضمن هذا الجهد كبح طموحات إسرائيل لتغيير البيئة الأمنية من خلال استراتيجيات قصيرة النظر تضع في المقام الأول الجانب العسكري، مؤكدًا أن مثل هذه الاعتبارات تعتبر حاسمة لتعزيز المصالح الحقيقية للولايات المتحدة، التي تمنع اندلاع حرب أخرى في الشرق الأوسط.
aXA6IDE4LjIxOS40MC4xNDAg جزيرة ام اند امز